جيلان... قصة "انتحار" أم لطفلين
الجميع متفقون أن "الزيجة الثانية هي التي خرّبت بيوتهم"

تصوير: Molly Blackbird : هذه الصورة من موقع unsplash بتاريخ 20 آذار 2022

ليلى أحمد

جيلان سعود (28 سنة) أم لطفلين عثر على جثتها يوم الجمعة الماضي داخل منزلها في خانقين مشنوقة بحبل، الحادث جاء بعد تعمق خلافاتها مع زوجها الذي تزوج عليها من امرأة أخرى بحسب عوائل الطرفين.

عثر على جيلان مشنوقة بحبل في سطح منزلها بعد ظهر يوم الجمعة، 10 حزيران 2022 كما تُرِكت رسالة تقول "حالتي النفسية متعبة لم أعد أستطيع تحمل أي شيء وهذا آخر يوم لي"، لكن الرسالة أثارت ريبة والدة جيلان.

الحادث تسبب بمشكلة كبيرة بين ذوي جيلان وعائلة زوجها وحصلت مشاجرة بين الطرفين قبل تسلم جثمان جيلان في المستشفى وكذلك أثناء مراسم العزاء.

قبل الحادث

حسب رواية نهاية، حماة جيلان، استيقظت جيلان وطفلاها من النوم في الساعة 12 ظهراً، وبعد أن تناولوا الطعام معاً على سفرة واحدة –كانت جيلان تعيش في منزل واحد مع حماتها- استحمت جيلان مع طفليها، "بينما كانوا على مائدة الطعام قبّلت جيلان زوجها"، وتقول نهاية، "ما فعلته كان شيئاً غريباً بالنسبة لها، أحسست بأن شيئاً ما سيحدث".

وتابعت نهاية قائلةً، "شعرت بأنها ليست على ما يرام، أحسست بأنها ستذهب الى مكان بعيد ولن تعود... لذا سألتها ماذا هناك يا ابنتي، فقالت لا شيء يا عمة".

وجهت الى الطابق العلوي شاهدت جيلان وقد شنقت نفسها بحبل، ذعرت كثيراً وصرخت ونقلناها الى المستشفى

بعد الغداء، "خرج زوج جيلان من المنزل"، حيث يملك قاعة يؤجرها لإقامة حفلات الزفاف والمناسبات الأخرى وقد اتصلوا به من هناك حسب نهاية.

كانت جيلان تقيم في الطابق العلوي من منزل حماتها، لكنهم كانوا يتناولون وجبات الطعام معاً، في الساعة الثانية والنصف من بعد الظهر نزلت ابنة جيلان البالغة من المر 7 سنوات الى الطابق السفلي وقالت، "جدتي، ساعدينا".

تقول نهاية "بأنها حين توجهت الى الطابق العلوي شاهدت جيلان وقد شنقت نفسها بحبل، ذعرت كثيراً وصرخت ونقلناها الى المستشفى"، وذلك بعد إبلاغ الشرطة التي تولت نقل الجثة الى المستشفى.

حسب رواية ذويها، كانت جيلان فارقت الحياة قبل وصولها الى المستشفى.

حدوث مشاجرة

بعد توجه شقيق ووالدة جيلان الى المستشفى ورؤية جثتها حدثت مشادة هناك بينهم وبين زوج جيلان، تطورت الى مشاجرة.

والدة جيلان، بخشان جهانبخش، قالت لـ(كركوك ناو)، "غسلت جثمان ابنتي بنفسي، كانت هناك كدمات وآثار ضرب على جسدها... أشك في أنها شنقت نفسها، لا اصدق ذلك... يبدو أن زوجها هو من وضع الحبل في رقبتها، كان الحبل مشدوداً بقوة، من الصعب أن تتمكن امرأة من شد الحبل بهذه القوة".

وأضافت بخشان، "كانت عندي قبل أيام، لم تتحدث عن أية مشاكل، لذا لا أعتقد أنها انتحرت". على هذا الأساس سجلت عائلة جيلان دعوى ضد شوانه وتم اعتقاله.

أثناء تواجدهم في المستشفى، وجّه شقيق جيلان لكمة لصهرهم ووقعت مشاجرة بينهما، قبل أن تلقي الشرطة القبض على شوانه وتودعه السجن، كما حدث مشاجرة أخرى بين أقارب الطرفين خلال مجلس العزاء.

عودة الى فترة الزواج

تزوجت جيلان من شوانه قبل تسع سنوات بعد علاقة حب حين كانت جيلان طالبة في الصف السادس الاعدادي.

تقول بخشان جهانبخش -والدة جيلان- بأنهم كانوا يعارضون الزواج لأنها كانت لا تزال طالبة، لكن إصرار عائلة شوانه ورغبة ابنتهم بالزواج جعلهم يوافقون على تلك الزيجة.

كانت ابنتي باستمرار في مشاكل مع زوجها وحماتها، نتيجة لذلك تركت منزلها في عام 2011

جيلان، أم لطفلين، بنت في السابعة من العمر وولد في الخامسة من العمر.

تقول بخشان، "كانت ابنتي باستمرار في مشاكل مع زوجها وحماتها، نتيجة لذلك تركت منزلها في عام 2011 ومكثت في منزل أبيها لعدة أشهر، طرقت مشاكلهم ابواب المحاكم وكانوا على وشك الطلاق، لكنها فضلت بعد ذلك العودة الى أطفالها".

الزوجة الثانية خرّبت بيت جيلان

من الأسباب التي دفعت جيلان لترك منزلها، على حد قول والدتها، هو أن زوجها شوانه تزوج العام الماضي من امرأة ثانية، "هذا الأمر أحبط جيلان كثيراً".

وتقول، "أهل زوجها كانوا يهينونها ويضربونها باستمرار، نعتوها أحياناً باللصة، كلما اختفت حاجة في المنزل اتهموها بأنها سرقتها، هذه التصرفات أحبطتها كثيراً"، وأشارت الى أنهم "منعوها" من إكمال دراستها.

لكن نهاية –حماة جيلان- تقول، "هذه الأقاويل غير صحيحة، كنت أعاملها كبناتي، دوماً ما كنت أساعدها، لكنها كانت تعاني من مرض نفسي، كانت تشعر بالكآبة بين الحين والآخر ولا تدرك ماذا تفعل، وأحياناً كانت طبيعية"، لكن (كركوك ناو) لم يحصل على أية أدلة تثبت فيما إن كانت جيلان تعاني من مرض نفسي أم لا.

زوجة شوانه الثانية أضرمت النار في بيت ابنتي... منذ أن تزوجها، لم يعد شوانه يهتم بابنتي كالسابق

وتقول والدة جيلان بأن ابنتها خلال فترة زواجها تركت منزلها عدة مرات لكنها كانت تعود الى زوجها في كل مرة برغبتها ومن أجل أطفالها.

أحدى مشاكل جيلان الأخرى، تقول والدتها،أنها لم تكن ترغب في العيش مع حماتها في منزل واحد، لكن "زوجها قال بأنه لا يستطيع تأمين مبلغ الايجار"، بالرغم من أن زوجة شوانه الثانية، وهي محامية، سكنت معهم في نفس المنزل في بادئ الأمر، لكنها انتقلت الى منزل آخر قبل عدة اشهر.

"زوجة شوانه الثانية أضرمت النار في بيت ابنتي... منذ أن تزوجها، لم يعد شوانه يهتم بابنتي كالسابق واعتدى عليها بالضرب عدة مرات"، على حد قول والدة جيلان.

تقول عائلة شوانه بأن جيلان تركت وراءها رسالة كتبت فيها، " حالتي النفسية متعبة لم أعد أستطيع تحمل أي شيء وهذا آخر يوم لي".

(كركوك ناو) لم يطلع على فحوى الرسالة، لكن ذوي الطرفين أكدوا بأن ذلك نص الرسالة، أما بخشان، والدة جيلان فقالت "هذه الرسالة ليست لجيلان، الهدف منها هو التستر على القضية".

من جانبها، شددت نهاية –حماة جيلان- أن "الرسالة تعود لجيلان"، ولفتت الى أن جيلان "حاولت الانتحار عدة مرات عن طريق تناول الحبوب".

وأضافت، "لم أكن أؤيد فكرة زواج ابني من امرأة أخرى، لكن الأمر لم يكن بيدي لم استطع منعه من ذلك... تلك الزيجة جلبت معها المشاكل الى بيت جيلان".

"الانتحار ليس الحل"

جيلان وبحسب والدتها، تحلم بإكمال دراستها والدراسة في طب التجميل كونها كانت تعمل في صالون تجميل.

مسؤول في شرطة خانقين، طلب عدم الكشف عن اسمه، قال لـ(كركوك ناو)، "نقلنا جثتها من منزلها... كان هناك حبل في رقبتها وكانت مشنوقة... أول ما قمنا به كان اعتقال زوجها، وهو الآن في السجن ولا يزال التحقيق في ملابسات القضية مستمراً".

وأضاف، "نحن بانتظار صدور التقرير الطبي قبل إحالة القضية الى القضاء".

ويأتي ذلك بعد أن سجل ذوو جيلان دعوى قضائية ضد شوانه.

هذا الحادث هو الثاني من نوعه هذا العام في خانقين والذي يندرج في إطار المشاكل الأسرية، حسبما أكدت الشرطة.

سنوكل محامين للدفاع عنهن... الانتحار ليس الحل، هناك طرق أخرى

في الحادث الأول قُتِلت امرأة داخل منزلها ولم تحسم قضيتها حتى الآن.

تقول مديرة مناهضة العنف ضد المرأة في خانقين، ساجدة محمد، "الزواج الثاني فاقم مشاكل تلك الأسرة الى أن وقع هذا الحادث المؤسف".

وفقاً للقوانين المعمول بها في اقليم كوردستان لا يحق للزوج الزواج من امرأة ثانية إلا في حالة موافقة الزوجة الأولى. لكن القانون في العراق يسمح للرجل بالزواج من ثانية وثالثة ورابعة استناداً الى الشريعة الاسلامية.

قضاء خانقين، الذي يعتبر من المناطق المتنازع عليها ضمن محافظة ديالى، يعمل بقوانين البرلمان العراقي، لذا فإن الزيجة الثانية مباحة للرجل.

تطلب ساجدة محمد من النساء الاتصال بمديرية مناهضة العنف ضد المرأة في حال تعرضهن للعنف الأسري، وتوقل، "سنوكل محامين للدفاع عنهن... الانتحار ليس الحل، هناك طرق أخرى". 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT