أصوات الأغاني الصاخبة والنقاشات الساخنة التي يجريها سواق المركبات الواقفة ليلاً في طابور بمحطة تعبئة وقود، يصل صداها الى أقصى أحد أحياء كركوك.
بعض السواق يقضون ساعات الانتظار على وقع دبكات عزيز ويسي وآخرون يستمعون لأغاني خالد كركوكي الحزينة، فيما يشغّل البعض تسجيلات للقرآن الكريم، بحسب متابعات مراسل (كركوك ناو).
"استيقظت على صوت القارئ وليد ابراهيم وكانت الساعة تشير الى الثالثة والربع فجراً، لم أستطع أن أمسك نفسي، خرجت من المنزل وقلت للسائق، يا عزيزي انت موجود وسط بيوت، رجاءً خفض صوت المسجل أو أغلق نوافذ السيارة واستمع له بنفسك، لكنه قال يبدو أنني لا أحب سماع صوت القرآن"، هذا ما قاله مريوان طاهر.
يقع منزل مريوان في أحد أزقة فلكة الإخوان بحي رحيماوا وسط مدينة كركوك.
أصبحت عتبة بيتي مقراً ليونامي -بعثة الأمم المتحدة في العراق-، حيث يناقشون هناك جميع المشاكل ويسعون لحلها
طابور البنزين أمام محطة تعبئة الأندلس تمتد نحو فلكة الإخوان و غالباً ما تصل الى داخل الأزقة القريبة منها، حيث يمتد الطابور احياناً الى حوالي كيلومترين.
مراسل (كركوك ناو) الذي تابع الموضوع ميدانياً يقول أن نقاشات سواق المركبات تتطرق الى القضايا السياسية والمشاكل اليومية، في بعض الأحيان تنتهي نقاشاتهم بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة وإيجاد حلول لمشاكل الحكم في العراق.
"أصبحت عتبة بيتي مقراً ليونامي -بعثة الأمم المتحدة في العراق-، حيث يناقشون هناك جميع المشاكل ويسعون لحلها، دائماً ما يقف ثلاثة أو أربعة سواق أمام منزلي ويتناقشون بصوت عال مسألة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، بعدها يتطرقون الى أزمة البنزين ويعالجونها هي الأخرى"، هكذا تحدث آكو فرهاد، الساكن في زقاق قريب من فلكة الإخوان عن معاناته.
بعض السواق ممن لا يرغبون في أمور السياسة يبقون داخل مركباتهم ويشغلون الأغاني، معظمهم يحبون الاستماع لصوت عزيز ويسي – مغني شعبي كوردي مشهور بأغاني الدبكات – أو خالد كركوك – مغني تركماني معظم أغانيه حزينة-.
لا نستطيع تنظيف عتبة منزلنا بسبب تلك المركبات، سئمنا من هذا الوضع
"رغم أنهم يقفون على بعد أمتار قليلة أمام منزلي، يعلّون صوت المسجل، أحدهم يشغل أغنية لخالد كركوكي والآخر أغنية لعزيز ويسي، ما أتحدث عنه لا يحدث في أوقات النهار، بل في حدود الساعة الثانية أو الثالثة فجراً"، يقول ماجد أحمد، الساكن في زقاق قريب من فلكة الإخوان.
وقال ماجد لـ(كركوك ناو) أن الخوف ينتابهم متى ما حصلت أزمة بنزين في كركوك لأنهم حينها يدركون بأن طابور البنزين سيصل الى منطقتهم، مشيراً الى أنهم عاتبوا سواق المركبات مراراً على تصرفاتهم لكن دون جدوى.
محطة تعبئة الأندلس مفتوحة على مدار الساعة وتوزع البنزين المدعوم حكومياً بسعر 450 دينار ببطاقات الوقود وهي مزدحمة باستمرار.
تقول نجاة أنور، امرأة ساكنة بالقرب من محطة تعبئة الأندلس بتذمر، "لا نستطيع تنظيف عتبة منزلنا بسبب تلك المركبات، سئمنا من هذا الوضع".
توجد في كركوك 27 محطة تعبئة حكومية و68 محطة أهلية توزع البنزين بنظام الكوبون بسعر 450 دينار للتر الواحد، ثلاث من هذه المحطات يباع فيها البنزين الحكومي بسعر التجاري بواقع 1000 دينار دون كوبون.
محافظة كركوك (يقدر عدد سكانها بأكثر من مليون و 700 ألف شخص)، تُجهز يومياً بمليون و 500 ألف لتر من البنزين الحكومي يومياً.