العودة الى الديار
الأمم المتحدة تعيد تأهيل آلاف المنازل التي دمرت في وقت  "داعش"

سامية إبراهيم (50 سنة) سعيدة بعودتها الى منزلها في الموصل القديمة بعد إعادة تأهيله   تصوير: UNDP

كركوك ناو

" لم أفقد زوجتي فقط، بل ضاع جزء كبير من تاريخ عائلتي"، هكذا تحدثت سامية ابراهيم (55 سنة) عن ما عانته عائلتها خلال حرب داعش في الموصل.

زوج سامية أحد ضحايا الاشتباكات التي وقعت في الموصل، "أثناء هروبنا، أصيب زوجي جراء قصف جوي وفارق الحياة بعد أيام".

فرت سامية رفقة عائلتها من الموصل القديمة بعد انطلاق معركة استعادة المدينة من سيطرة التنظيم، تنقلت هه العائلة من منزل الى آخر على مدار سنة كاملة، "شيد منزلنا قبل 100 سنة، ورثناه من أجدادنا، حين عدنا رأينا بأن المنزل تحول الى أطلال". لكن الآن أعيد تأهيل المنزل وعادت العائلة الى ديارها في حي الموصل القديمة.

تعيش سامية في منزل مكتظ مكون من طابقين تضم سبع غرف مع ثمان بنات وثلاثة أولاد.

musl ta3mir

الموصل/ فريق من مهندسي برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق أثناء العمل في الموصل  تصوير: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي 

حسب تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) أعيد تأهيل منزل تللك السيدة في إطار إعمار وتشييد 12 ألف منزل متضرر في قديمة الموصل على الجانب الأيمن من المدينة.

"العراقيون معروفون بصمودهم، تمكننا من العودة الى ديارنا وإعادة بناء حياتنا، تستطيع أن تلاحظ من حولك أن الحياة بدأت تعود الى ما كانت عليه تدريجياً، رؤية أطفالي يركضون في أرجاء المنزل يبعث فيّ الأمل في أن المستقبل سيكون أفضل"، تقول سامية.

الى جانب الموصل، يشرف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على تنفيذ مشاريع إعمار في مناطق أخرى في عموم العراق بعد استعادتها من سيطرة داعش، حتى الآن أعيد تأهيل 35 ألف و 20 منزلاً وأدى ذلك الى عودة الحياة الطبيعية لآلاف المواطنين، بينهم سكان عدة مناطق في محافظة ديالى.

أتمنى الحصول على وظيفة، وتسديد القروض، والعودة إلى الحياة كما كنا نعرفها

وليد يعقوب (44 سنة)، متزوج ويعيش في المقدادية بديالى، يقول بأنه قاسى مع عائلته الكثير لسنوات، بعد أن فروا من داعش واتجهوا الى ناحية كوله جو، وبعد استعادة المنطقة عادوا الى ديارهم، "لم نر غير الدمار، مسلحو داعش حولوا منزل آبائي وأجدادي الى أنقاض، شعرنا بأسىً وألم كبير".

اضطر وليد لتأجير منزل ريثما يجد سبيلاً لإعادة بناء منزله، حيث أنفق كل مدخراته بسبب الحرب، ولم يكن يستطيع الحصول على عمل رغم أنه خريج جامعة الموصل، لذا اضطر لاقتراض المال لإعالة أفراد عائلته.

اليوم، وبعد ان أعاد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بناء منزله، أصبح وليد سعيداً بعودته للمنزل، مما سمح أيضاً بعودة أسرته بأمان، "العودة إلى المنزل تحدث فرقاً كبيراً بالنسبة لي وعائلتي، أتمنى الحصول على وظيفة، وتسديد القروض، والعودة إلى الحياة كما كنا نعرفها"، يقول وليد.

waleed

ديالى/ وليد يعقوب يقف مبتسماً بعد أن أعيد تأهيل منزله   تصوير: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي

من مجموع أكثر من ستة ملايين شخص نزحوا خلال حرب داعش (2014 – 2017) لا يزال أكثر من مليون شخص نازحين وغير قادرين على العودة الى ديارهم لأسباب وتحديات متنوعة.

على مقربة من منزل وليد، يعيش عامر حمودي، البالغ من العمر 45 سنة مع عائلة شقيقه الأكبر، لقد واجهوا نصيبهم من الصعوبات، حيث يقول، "كل الأشخاص الذين تركوا منازلهم ورائهم فقدوا حياتهم كلها بين عشيةً وضحاها، غادرنا دون أن نملك أي شيء"، مكثت عائلة عامر في منزلهم أثناء التحرير حتى وصل القصف إلى نقطة يخشون فيها التعرض للهجوم، وأضاف، "ذات ليلة قررنا ترك كل شيء وراءنا والانتقال الى منطقة قرة تبة في ديالى".

بعد أن نزح عامر بأمان، عاد إلى منزله قبل عامين ليجد المنزل في حالة دمار، "أصدقائي وعائلتي وكل من قابلتهم في أي وقت مضى إما فقدوا أحد أفراد أسرتهم أو مصدر رزقهم أو منازلهم. لقد دفع الدمار منطقتنا بالعودة إلى الوراء لسنوات، لم يكن لدينا إمكانية الحصول على المياه النظيفة والكهرباء، وخدمات الرعاية الصحية، وفوق ذلك، أحرقت داعش مزارعنا وقتل ماشيتنا، كل ذلك أثر على مصدر رزقنا الرئيسي".

اليوم، يوَجه عامر كل موارده المالية نحو استعادة أراضيه الزراعية التي كانت مزدهرة ذات يوم، حيث يقول وهو ينظر إلى حديقته "آمل أن نتمكن من التغلب على هذه السنوات من الصدمة والخسارة".

salima diyala

ديالى/ تدير سليمة محل خياطة   تصوير: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي

في الشارع المجاور لمنزل عامر، عادت سليمة عوض (50 سنة)، بعد استعادة المنطقة من سيطرةداعش رغم الأضرار التي لحقت بمنزلها. تعيش سليمة مع شقيقتها التي فقدت زوجها أيضاً خلال الحرب، حيث أن سليمة أم لابن وبنتين، وهي المعيلة الوحيدة للأسرة.

 " أثناء النزوح بدأت العمل كخياطة، كنت أرغب في العودة إلى المنزل والبدء في أعمال الخياطة، كنت أعرف أن هذه هي الطريقة الوحيدة لتعويض الخسائر وتوفير الأموال الكافية لإعادة تأهيل منزلنا"، بحسب سليمة

بدأت سليمة في إصلاح منزلها بينما كانت تدير في نفس الوقت محلها للخياطة، حيث تحدثنا: "أنا فخور برؤية ما وصلنا إليه  ، تتعلم بناتي اليوم الوقوف على أقدامهن من خلال رؤيتي وانا أعمل بجد". 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT