"أعود الى أين؟ منزلنا اصبح أرض، ولست آمناً على حياتي هناك"، هذا ما قالته تحسينة محمد، امرأة نازحة تقيم في مخيم قوره توو ضمن إدارة كرميان، وتضيف، "لن أعود الى السعدية حتى لو أجبروني، إذا أغلقوا المخيم سأذهب لأعيش في القرى المجاورة".
منتصف العام 2014، حين بدأت الحرب ضد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)، واجهت عائلة تحسينة ظروفاً صعبة، اضطروا لإخلاء منزلهم في ناحية السعدية بمحافظة ديالى والتوجه الى قضاء كلار بمحافظة السليمانية.
بعد قرابة تسع سنوات على تلك الأحداث، لا تزال تحسينة وأفراد أسرتها يعيشون في مخيم قورة توو للنازحين بإدارة كرميان التابعة لمحافظة السليمانية.
فتحت تحسينة محلاً صغيراً داخل المخيم تكسب منه ما يعينها على العيش، "أعيش هنا في أمان، نخشى من الحشد الشعبي لذا لا نيرد العودة، كما أن منزلي تهدم جراء القصف، الى أين نعود إذن، لن أعود حتى لو أجبروني".
لا يقدمون لنا أي تعويضات لتشجيعنا على العودة، إذا لم تساعدنا الحكومة لن نستطيع العودة للعيش في مناطقنا
إصرار تحسينة وآلاف غيرها من النازحين المقيمين في أقضية ونواحي إدارة كرميان على البقاء وعدم العودة الى ديارهم، يأتي في الوقت الذي تعتزم فيه الحكومة العراقية في إطار منهاجها الوزاري إغلاق كافة المخيمات من ضمنها الموجودة في اقليم كوردستان.
إبراهيم داود، من أهالي قضاء شاربان ويعيش في نفس المخيم، قال "لا يقدمون لنا أي تعويضات لتشجيعنا على العودة، إذا لم تساعدنا الحكومة لن نستطيع العودة للعيش في مناطقنا".
يوجد في كرميان مخيمان للنازحين هما قورة توو وتازة دي، يقيم فيهما 250 نازح، لكن إجمالاً يوجد أكثر من 30 ألف نازح يعيشون وسط المجتمعات المضيفة في مدن وقرى إدارة كرميان. أغلبية النازحين من جرف الصخر، العدية، شاربان والرمادي.
وفقاً لوزارة الداخلية في حكومة اقليم كوردستان، يوجد 26 مخيماً للنازحين في اقليم كوردستان.
تأكيد النازحين على وجود مخاطر أمنية في مناطقهم يأتي في الوقت الذي يقول فيه أحمد زركوشي، مدير ناحية السعدية أن "النازحين بإمكانهم العودة، الأوضاع الأمنية حالياً جيدة جداً في السعدية وتم البدء بتوفير مشاريع خدمية ولن يواجه النازحون العائدون اية مشاكل".
وأضاف، "شكلت لجنة من إدارة الناحية للعوائل التي دمرت منازلها جراء الحرب" مشيراً الى أن منظمة دولية ستأخذ على عاتقها مهمة تأهيل المنازل المدمرة.
في عام 2020، أغلقت الحكومة العراقية في إطار خطتها معظم المخيمات وأعادت النازحين الى مناطقهم، لكن هذه الخطوة لم تشمل النازحين المقيمين في اقليم كوردستان.
الوضع الأمني في منطقتنا غير مستقر، قوات الحشد الشعبي متنفذة في تلك المناطق وتخلق المشاكل للمواطنين
يقول صابر مشكور، مدير مكتب وزارة الهجرة والمهجرين العراقية في السليمانية، "إذا لم يقتنع النازحون بالعودة طوعاً، لا الحكومة العراقية ولا حكومة الاقليم بإمكانهما إجبار أحد على العودة، باستثناء توعيتهم بشأن العودة... نحن الآن وفي هذه المرحلة لا نعرف كيف نجد لهم حلاً".
الأوضاع الأمنية بشكل عام، وانعدام السكن والخدمات من أكبر العوائق أمام عودة النازحين في كرميان، حسبما أكدوا بأنفسهم.
رحمن ياسين، نازح من قضاء شاربان التابع لديالى قال "إذا تم إغلاق المخيمات وأجبرت على العودة، سأنصب خيمة خارج المخيم وأعيش فيها".
أحمد سعيد، نازح آخر من أهالي الرمادي قال "الوضع الأمني في منطقتنا غير مستقر، قوات الحشد الشعبي متنفذة في تلك المناطق وتخلق المشاكل للمواطنين".
مشددين على عزمهم البقاء، يواجه النازحون المقيمون في المخيمات جملة من المشاكل منها قلة المساعدات المقدمة من المنظمات ووزارة الهجرة والمهجرين، ما يضطرهم للعيش خارج المخيمات لتأمين لقمة العيش.
بيستون زازليي، مسؤول الشؤون الانسانية للنازحين في إدارة كرميان قال "المنظمات التي تقدم المساعدات للنازحين في المنطقة قليلة جداً، غياب المساعدات المالية أدى الى توقف المراكز الصحية في المخيمين عن تقديم خدماتها".
بالرغم من أن وزار الهجرة والمهجرين العراقية توزع بين فترة وأخرى سلال غذائية على النازحين، لكن معيشة النازحين لا تعتمد على هذه المساعدات فقط بل يضطرون للعمل لتأمين معيشتهم".
راديو دنك – كركوك ناو