تشير الاحصائيات الى أن قضايا العنف، بالأخص ضد النساء، في تصاعد بسبب تأثيرات مواقع التواصل الاجتماعي، أغلبها وصلت الى المحاكم، بحسب مجلس القضاء الأعلى في العراق.
مجلس القضاء أشار في تقرير نشر في أخر إصدار للمؤسسة في تشرين الأول 2023 الى ازدياد حالات التعنيف كان النصيب الأكبر منها من حصة النساء.
يقول القاضي ناصر عمران إن "العنف الأسري يقع نتيجة تدهور العلاقات الأسرية داخل البيت، خصوصاً بين الأزواج، ما يؤثر بشكل سلبي على الأبناء"، وذكر بأن هناك أنواعاً أخرى من العنف كالعنف المدرسي والاقتصادي والسياسي، مشيراً الى أن "العنف الأسري من أخطر أنواع العنف".
الكثير من النساء والفتيات يتعرضن إلى الإيذاء الجسدي والنفسي داخل أسرهن، لكن الكثير منهن تمتنع عن تقديم الشكوى
وأوضح عمران أن للعنف أنواع منها العنف المادي وهو استخدام القوة الجسدية بشكل متعمد تجاه الآخرين بهدف إيذائهم وإلحاق الضرر بهم سواء بالضرب أو القتل أو الاغتصاب، والعنف المعنوي، ويتجلى في منع الفرد من ممارسة حقه بحرمانه من التعبير عن أفكاره إضافة إلى استخدام عبارات الإهانة والتحقير والشتم.
ولفت القاضي الى أن هناك أسباب عديدة وراء تصاعد العنف الأسري منها" دوافع ذاتية تتكون في نفس الإنسان وعوامل وراثية ودوافع اقتصادية كالفقر والبطالة أو دوافع اجتماعية، ويلعب الوسط البيئي ومستوى الثقافة والوعي لدى الإفراد دورا كبيرا في ذلك".
وفقاً لإحصائية سابقة نشرها مجلس القضاء الأعلى فقد سجلت خلال عام 2022 ما مجمله (21595) دعوى تعنيف ضد الأطفال والنساء وكبار السن، (963) حالة منها كانت ضد الأطفال و (17438) حالة ضد النساء.
الناشطة والمختصة بشؤون الأسرة، كفاح السلطاني، تقول بأن "الكثير من النساء والفتيات يتعرضن إلى الإيذاء الجسدي والنفسي داخل أسرهن، لكن الكثير منهن تمتنع عن تقديم الشكوى، ناهيك عن قلة الوعي والجهل القانوني بالحقوق وكيفية حماية المعنفين".
وترى السلطاني بأن احصائيات العنف الأسري تظهر بدقة أن حالات التعنيف بدأت تظهر للسطح وهذا مؤشر جيد لأن التعنيف لم يعد مشكلة تبقى في طي الكتمان، "التطور التكنولوجي والمعرفي وانتشار برامج التواصل الاجتماعي ساعدت على معرفة وإحصاء هذه الحالات، وأيضا ساعدت في الكشف عن بعض الحالات ونسبة تثقيف عن طريق المواقع المختصة او السوشيال ميديا أو بعض الحملات التوعوية الخجولة دعت بعض الحالات لاستجماع قوتها وتقديم الشكاوى"، بحسب الناشطة كفاح السلطاني.
هناك حلول ومعالجات وقائية أكثر نجاعة من التنظيم القانوني القسري والعقوبات القانونية
منذ أواخر 2021، أنشأت محاكم خاصة بالعنف الأسري في محافظات العراق لحسم القضايا المتعلقة بتعنيف الأطفال والنساء وغيرهم من أفراد الأسرة.
ويعتقد القاضي ناصر عمران أن تصدع العلاقات الأسرية وتفكك بنائها الاجتماعي أنتج زيادة ملحوظة في نسب الطلاق وإسقاطات ذلك على كيان الأسرة ما نتج عنها في أحيان كثيرة حالات الانتحار وخصوصاً النساء.
في شهر أيلول الماضي فقط، سجلت خمسة آلاف و462 حالة طلاق في المحاكم العراقية، ما عدا اقليم كوردستان، في المقابل سجل أكثر من 17 ألف زيجة.
ويقترح عمران تقوية دعائم الأسرة العراقية بتفعيل المواد الدستورية التي تلزم المؤسسات القانونية للدولة بسلطاتها الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) بدعم الأسرة ورعايتها وتحقيق العيش الكريم لأفرادها، ويرى بأن "هناك حلول ومعالجات وقائية أكثر نجاعة من التنظيم القانوني القسري والعقوبات القانونية"، لافتاً الى أن هذا التوجه يتطلب تعزيز الجوانب الاجتماعية، الاقتصادية، الثقافية والتربوية في آن واحد من أجل بناء علاقة أسرية ايجابية على أساس الحب والاحترام والتفاهم.
مشروع قانون مناهضة العنف الأسري أقر من قبل مجلس الوزراء العراقي منذ عام 2015 وأحيل الى البرلمان لكن لم تتم المصادقة عليه حتى الآن.