تراث الأهوار، اسم مدرسة صغيرة بقضاء الجبايش بمحافظة ذي قار، من مجموع 150 طالب في هذه المدرسة اضطر 50 منهم ترك الدراسة بسبب "آثار التغيرات المناخية"، بحسب منظمة الجبايش للسياحة البيئية في العراق.
وفقاً لأحدث تقرير لمنظمة اليونيسيف نشر في 2 آب 2023، يأتي العراق في المرتبة 61 من أصل 163 بلداً في مؤشر اليونيسف الخاص بمخاطر تغير المناخ على الأطفال.
رعد الأسدي، رئيس منظمة الجبايش للسياحة البيئية في العراق، قال لـ(كركوك ناو) إن "قضية آثار تغير المناخ على الأطفال قضية مهمة للغاية، لأننا نرى تأثيره، على سبيل المثال، ظهرت آثار تغير المناخ بصورة أكبر على مناطق الأهوار في العراق خلال السنوات الثلاث الماضية وتعرضت الأهوار لظاهرة الجفاف، نتيجة لذلك هجر عدد كبير من العوائل مناطقها".
وأضاف، "حين تهاجر العوائل، يهاجر معهم أطفالهم ويضطرون للانتقال الى مدرسة أخرى، في مثل هذه الظروف يترك قسم من الأطفال الدراسة"، مستشهداً بما حدث في مدرسة تراث الأهوار في قضاء الجبايش.
"هناك عوائل لا تنقل أطفالها الى مدارس أخرى بعد هجرتها... على النقيض من ذلك، تكتظ مدارس المناطق التي هاجروا اليها بالطلاب بحيث يتعذر على التدريسيين أداء مهامهم بشكل مثالي، ما يؤدي الى انخفاض مستوى بعض الطلاب لذلك غالباً ما تجبر العوائل أطفالها على ترك الدراسة أو يتركونها بأنفسهم".
بدأنا كوزارة التخطيط بتنفيذ الاستراتيجية القومية لتطوير قدرات الأطفال. هذه الاستراتيجية تعمل على بناء وتطوير قدرات الأطفال لكي يصبحوا في النهاية أفراداً أصحّاء
في هذا العصر يطلق مصطلح "التربية الخضراء" على ربط مادة الوعي البيئي فيما يخص التغيرات المناخية بالمناهج الدراسية.
"التربية الخضراء" منهاج شامل يقدم للطلاب تجربة التعلم ومتطلبات العالم الحقيقي خارج المناهج الشائعة، ويمكن للطلاب تقصي القضايا البيئية، حل المعضلات والسير باتجاه تحسين البيئة.
هذا الموضوع كان جزءاً من حوار عقد يوم الجمعة، 8 كانون الأول في الجناح العراقي بقمة تغير المناخ في دبي.
وتحدث عدد من الخبراء وممثل اليونيسيف عن التحديات التي تواجه العملية التربوية في العراق وتأثير تغير المناخ على الأطفال، وذلك في جلسة نقاشية تحت عنوان (تغير المناخ في قطاع التربية).
الدكتورة مها الراوي، مديرة قسم التنمية البشرية في وزارة التخطيط العراقية والتي كانت من بين المشاركين في الجلسة قالت لـ(كركوك ناو)، "فيما يتعلق بموضوع الأطفال، "بدأنا كوزارة التخطيط بتنفيذ الاستراتيجية القومية لتطوير قدرات الأطفال. هذه الاستراتيجية تعمل على بناء وتطوير قدرات الأطفال لكي يصبحوا في النهاية أفراداً أصحّاء، لكن فيما يتعلق بتغيير المناهج الدراسية وإدراج موضوع تغير المناخ فيها، لم نقم بذلك".
"يجب أن تستجيب المناهج الدراسية لاحتياجات المجتمع من ضمنها قضية التوعية حول تغير المناخ وسلوك الأطفال ومواضيع أخرى، لذا نطلب من زملائنا في وزارة التربية العمل على إدراج قضية التغير المناخي في المناهج الدراسية".
عدم تطبيق نظام التربية الخضراء في العراق وإدراج موضوع توعية الأطفال بمخاطر التغير المناخي دفع البعض من المنظمات المحلية بالتعاون مع منظمات دولية للعمل على إدراج استراتيجية هذا الأسلوب التربوي في البلد.
منظمة فيدا (fida) الدولية هي إحدى المنظمات التي تعمل على هذه القضية عن طريق مشروع يطلق علية "التربية الخلاقة وتهيئة بيئة آمنة لأطفال وشباب العراق"، والذي يتضمن جزء منها ربط المواضيع التربوية بالمواضيع المتعلقة بتغير المناخ.
سعدية حسون، رئيسة منظمة معاً لحماية الانسان والبيئة –منظمة مشاركة في المشروع- قالت لـ(كركوك ناو) "في عام 2020، أطلقنا هذا المشروع مع منظمة فيدا الدولية، حتى اليوم دربنا ألف وخمسمائة تدريسي على تنفيذ الاستراتيجية وتم البدء بتنفيذها في أكثر من 27 مدرسة في بغداد والموصل. التدريسيون الذين تم إعدادهم يصبحون بدورهم مدربين داخل المدارس لكي يتمكنوا من تنفيذ الاستراتيجية".
رداً على سؤال حول كيفية العمل على الاستراتيجية ومضمونها، قالت سعدية حسون "قمنا بصياغة خارطة طريق مفصّلة للكوادر التدريسية لكي يتمكنوا من دمج التوعية حول آثار تغير المناخ بالمواضيع الدراسية. الخارطة تستند الى أربعة مبادئ رئيسية ويعلم التدريسي كيفية تنفيذها. كما يتعلم التدريسي عرض أمثلة حية، على سبيل المثال، كيف يظهر للأطفال أن الأرقام الكبيرة ليست مجرد أرقام، بل قد تكون أعداد ضحايا كارثة طبيعية وقعت نتيجة تغير المناخ".
واضافت، "يجب أن لا ننتظر كي تجري الحكومة تغييرات في المناهج الدراسية، بل يجب أن نربط المنهج الدراسي بموضوع التغير المناخي عن طريق تنفيذ الاستراتيجية... هدفنا نشر هذا المشروع في كافة مدراس العراق بهدف تقليل آثار تغير المناخ في بلدنا وتوعية الأطفال بشأنها"، بحسب سعدية.
واشار تقرير لمنظمة الأمم المتحدة الى أن العراق يأتي في المرتبة الخامسة في العالم من حيث سرعة ظهور آثار تغير المناخ فيه.
استراتيجية "التربية الخضراء" أحد المواضيع الساخنة في قمة تغير المناخ والعديد من المنظمات تنفذ فعاليات خاصة بهذا الشأن لتشجيع الدول على تنفيذها.
الاستراتيجية، وفقاً لتعريف منظمة اليونسكو، تستند التربية الخضراء على أربعة اسس هي تخضير المدارس عن طريق توسيع المساحات الخضراء، تخضير المناهج الدراسية عن طريق إدراج المواضيع المتعلقة بتغير المناخ، تخضير التدريسيين عن طريق تدريبهم حول كيفية تدريس المواضيع ذات الصلة بتغير المناخ وتخضير المجتمع من خلال توعيته بشأن تغير المناخ والعمل على تقليل آثاره.
ملاحظة: هذا التقرير جزء من نتاجات مؤسسة (كركوك ناو) في إطار زمالة (الشراكة الاعلامية الخاصة بتغير المناخ CCMP. هذه الزمالة تدار بصورة مشتركة من قبل شبكة صحافة الأرض ومركز ستانلي الأمريكي.