يطالب سكان قضاء سنجار القوات الأمنية والحكومة المحلية في نينوى بوضع حد للتوتر والقلق الذي يعيشون فيه بعد أن شهدت المنطقة الشهر الماضي صدامات بين الجيش العراقي ووحدات مقاومة سنجار (اليبشة) أسفرت عن إصابة خمسة أشخاص واعتقال خمسة آخرين، دخلت على إثرها قوات الجيش إلى مركز القضاء بالأسلحة الثقيلة.
تشهد الأوضاع في سنجار منذ شهر حالة من عدم الاستقرار. قضاء سنجار من المناطق المتنازع عليها بموجب الدستور العراقي وغالبية سكانه من المكون الإيزيدي، سنجار بدون قائمّقام منذ عامين والمجاميع المسلحة فيها في صراع مستمر من أجل تولي الملف الأمني.
خدر ألياس، من سكنة مركز قضاء سنجار، قال "عدنا إلى سنجار لنبدأ حياةً جديدة، لكن الوضع الأمني في سنجار لم يستقر... الأحداث الأخيرة أثارت قلق وخوف العائدين من النزوح، لا أحد مستعد لإعادة الأمن والاستقرار إلى سنجار".
خدر ألياس نزح من سنجار نحو مخيمات اقليم كوردستان بعد اجتياح تنظيم داعش للقضاء في آب 2014 وعاد إليها بعد 10 سنوات، يقول خدر "الأمن قبل الخدمات، لكن سنجار لا زالت غير آمنة".
في 18 آذار الماضي، وقعت اشتباكات بين وحدات مقاومة سنجار (اليبشة) والجيش وسط سنجار، أسفرت عن إصابة خمسة من عناصر الجيش والاستخبارات العراقية، قبل أن يتم نشر قوات الجيش والأسلحة الثقيلة في مركز القضاء.
بعد أقل من أسبوع، سحب الجيش أسلحته الثقيلة مقابل إزالة أنصار اليبشة خيم الاعتصام التي نصبوها أمام مقر الاستخبارات العراقية.
جلال خلف، مدير إداري في قائمّقامية سنجار، قال "بُذِلت مساعي حثيثة لفض الخلافات بين اليبشة والقوات الأمنية، لكنها لم تثمر عن نتائج مرضية".

نينوى/ 22 آذار 2025/ انتشار قوات الجيش بالأسلحة الثقيلة وسط سنجار. تصوير: كركوك ناو
وأضاف، "أحد الأشخاص الخمسة الذين تم اعتقالهم ضبطت بحوزته قنبلة يدوية، هم اختطفوا شخصاً ومن هناك بدأت المشكلة"، وتابع بالقول "هؤلاء الخمسة أطلقوا النار على القوات الأمنية، نتيجة لذلك أصيب خمسة أشخاص بينهم كل من مدير استخبارت سنجار ونائب مدير الشرطة اللذين يرفضان العفو عن المعتقلين الخمسة الذين نقلوا إلى بغداد ويطالب ذووهم بإطلاق سراحهم".
تشكلت وحدات حماية سنجار بعد استعادة سنجار من قبضة مسلحي داعش في 2015، عناصرها من أهالي المنطقة وتخضع لسلطة مجلس الإدارة الذاتية في سنجار الذي يعد مقرباً من حزب العمال الكوردستاني.
لكن بموجب اتفاق سنجار الذي أبرم نهاية عام 2019 بين الحكومة العراقية وحكومة اقليم كوردستان لإدارة سنجار، يجب سحب كافة القوات المسلحة، من ضمنها اليبشة، من مركز القضاء، وتسليم الملف الأمني للشرطة المحلية.
غزال رشو، عضو في وحدات مقاومة سنجار قال لـ(كركوك ناو)، "نحن لا نريد أن نتقاتل مع الجيش العراقي، نريد حل المشاكل بصورة سلمية لأن الاقتتال يضر بالآخرين وهذا يخالف توجهاتنا".
وأضاف، "لن نتخلى مطلقاً عن أعضائنا الخمسة، ما حدث كان مؤامرة خططت لها جهة معينة كانت تريد إثارة المشاكل بيننا وخلق التهم لليبشة، لا زلنا نطالب بإطلاق سراحهم بصورة سلمية وبنشاطات مدنية"، مشيراً إلى أن عناصر اليبشة لم تعد في سنجار بل متواجدة في أطراف القضاء.
مهما كانت التوجهات، فسنجار ليست آمنة بالنسبة لخدر ألياس وغيره من النازحين العائدين، وقال خدر "الحكومة لا تحاول بما فيه الكفاية لحل مشاكل سنجار، وكذلك الإخوة في اليبشة، بين هذا وذاك يصبح الأهالي هم الضحية... يجب حل المشاكل بصورة جذرية".
وقال المسؤول في قائمّقامية سنجار، جلال خلف، "الهدوء يسود سنجار منذ بضعة أيام، المواطنون عادوا لممارسة أعمالهم مهامهم اليومية والشرطة تتولى زمام الملف الأمني".
رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة نينوى، محمد جاسم، والذي زار سنجار لتقصي الأحداث الأخيرة، قال إن "هناك مساعي جدية لوضع حد لهذا النوع من المشاكل، بعثنا رسائل إلى كافة الأطراف بعدم استخدام سنجار كوسيلة لتحقيق مصالحهم الشخصية".

نينوى/ 20 آذار 2025/ أنصار اليبشة ينصبون خيم اعتصام أمام مقر الاستخبارات العراقية في سنجار. تصوير: كركوك ناو
التوترات تأتي في الوقت الذي لم يباشر فيه قائمّقام جديد مهامه في سنجار، رغم أن مجلس محافظة نينوى انتخب في تموز 2024 رؤساء كافة الوحدات الإدارية من ضمنهم قائمّقام سنجار، لكن قرار المباشرة يتطلب موافقة المحافظ.
يو الأربعاء، 9 نيسان، أصدر محافظ نينوى أوامر المباشرة لستة قائمّقامين ومدراء نواحي في محافظة نينوى، لم يكن قائمّقام سنجار بينهم.
قائمّقام سنجار بالوكالة، استقال من منصبه منذ 20 نيسان 2023 تاركاً القضاء في حالة من الفراغ الإداري.
زيدان الشيخ كالو، عضو مجلس محافظة نينوى عن المكون الايزيدي، قال لـ(كركوك ناو)، "سألت محافظ نينوى فيما إن كانت هناك مشاكل تعيق إصدار أمر مباشرة قائمّقام سنجار لكنه قال بأنه لا توجد أي مشكلة، بل تبقت هناك بعض الإجراءات الإدارية".
في جلسة تموز 2024، التي تم التصويت فيها لحسم مناصب رؤساء الوحدات الإدارية، قاطع 13 عضو من أصل 29 الجلسة ووصفوها بأنها غير قانونية، لكن جبهة المقاطعين خسرت الدعوى التي سجلتها في المحكمة، كان ذلك أحد اسباب عدم مباشرة قائمّقام سنجار لمهامه، لكن جميع القضايا حسمت الآن من الناحية القانونية، لذا اصبح عدم مباشرة قائمقام سنجار لمهامه محل سؤال.
عضو مجلس محافظة نينوى من كتلة الاتحاد الوطني الكوردستاني، محمد جاسم، قال إن "وجود إدارة مناسبة ومباشرة القائمقام مهامه، سيعقبه تقديم الخدمات وتعزيز الأمن".
وأضاف، "من المهم إشراك أهالي سنجار في إدارة القضاء والقوات الأمنية، من ضمنها الجيش، وتوفير فرص عمل لهم، هذا الأمر سيقود المنطقة نحو الاستقرار".