يجلس زكريا على الارض في موطنه الاصلي، ويمسك بيده عدد من صحون الطعام ويقول: "هذا ماتبقى من ذكرياتنا ، انظروا الى منزلنا المدمر"، زكريا وعدد من اهالي قرية بسطاملي، سمح لهم بالدخول وزيارتها بعد نزوحهم منها قبل خمسة سنوات بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وفرض حصار على ناحية امرلي شرقي صلاح الدين.
قرية بسطاملي وقبل حزيران 2014، كان يقطنها سكان من القومية التركمانية، من المذهبين السني، الذي يمثل 90 بالمائة من سكانها، والنسبة المتبقية هم من الشيعية، تم استعادة القرية من سيطرة التنظيم بعد فك الحصار عن ناحية امرلي، والذي دام لاكثر من 70 يوما.
اهالي بسطاملي لم يعودوا الى القرية منذ خمسة سنوات، على الرغم من استعادتها من التنظيم، وحسب اهاليها، ان القوات الامنية منعتهم من العودة بذريعة وجود بقايا لـ "داعش"، واتهام السكان التعاون مع المجاميع المسلحة، وهذا الاجراء شمل 54 قرية اخرى بمحيط ناحية امرلي التابعة لقضاء طوز خورماتو في محافظة صلاح الدين.
زكريا موسى وهو نجل مختار القرية، وعند دخوله المنطقة تفاجأ من المنظر الذي يحيطه وحجم الدمار الذي لحق بالرقعة الجغرافية التي كبر وتعلم وانشأ اسرة واصدقاء، زكريا ينظر لمنزلهم الذي بات لاينفع للسكن ويقول: "هذا نتاج جهد وتعب سنين طويلة وملايين الاموال صرفناها على ممتلكاتها، جميعها ذهبت واصبحت رماد، وما تبقى من ذكرياتنا هي صحون طعام وربما غير صالحة للطعام".
"حجم الدمار الذي لحق بقريتنا يبلغ 100 بالمائة، نسبة هدم المنازل تصل الى 70 بالمائة وما تبقى عبارة عن منازل مدارس واسواق محروقة". هذا مايؤكده زكريا.
وعلى مقربة من تلك المنازل المهدمة، هناك طفل يبدو انه في ربيعه الحادي عشر، غادر القرية قبل دخوله المؤسسة التعليمية، واليوم يزور قريته، لكن ملامحه بدأت شاحبه على عكس اللحظات الاولى عند سمح لهم بالزيارة، اثار الحرب انعكست على ملامح هذا الطفل الذي يرى حلم طفولته مهدم.
مراسل كركوك ناو في قضاء طوز خورماتو، رافق اهالي القرية في زيارتهم الاولى لموطنهم الاصلي، ووثق الزيارة بعدد من الصور الفوتوغرافية ومقطع فيديو يوضح حجم الدمار الذي لحق بالقرية.
في الفيديو يظهر مواطن في عقده الرابع من العمر، يقف على اطلال منزله المهدم، ويمسك بيده كتاب ويقبله والدموع تنهمل على وجنتيه، ومواطنون اخرون يدخلون منازلهم لكن بحذر، لانهم يتخوفون من انهياره وهم في داخله.
وفي الفيديو ايضا، هناك مواطن يتحدث اللغة التركمانية، ويحذر جاره من الحذر اثناء الدخول للمنزل، لانه معرض للسقوط، لكنه يدخل ليطفئ لهفة الشوق بعد الفراق.
مواطن اخر من اهالي القرية، يقول: "عدنا بعد خمسة سنوات، كنا نتوقع امر اخر، لكن تفاجئنا بهذا الدمار والخراب، والمنطقة غير صالحة للعيش، لذا على الحكومة التدخل ووضع يدها بشكل مباشر لاعمار منازلنا والمدارس وكل شي".
متى يعودون؟
الحكومة المحلية لصلاح الدين توضح
يقول عضو مجلس محافظة صلاح الدين، مطشر خضر عباس، ان "مجلس صوت على عدد من المشاريع في قرية بسطاملي، ومنها الماء والكهرباء، وتأهيل مدرستين".
عباس يؤكد، ان "عودة العوائل ستكون بعد الامتحانات النهائية للطلبة، ومن المتوقع العودة بعد شهر السادس من هذا العام، وسيتم الطلب من العوائل من اجل العودة، ومن ثم البدأ بدعوة عوائل باقي القرى للعودة".
زكريا ابن المختار، وخلال حديثه لـ كركوك ناو، يختم بهذه العبارة: "شلون راح نكدر ناخذ حقنا ومحد مهتم بينا طول هل خمس سنين".