"ابتعدوا.. وابعدوا قذارتكم عني يا عديمي الاخلاق".. هكذا انا صرخت بكل ألم ودموع تسيل بغزارة تملأ وجنتي، ولا اعرف ما اقول حين اتذكر ملابسي الممزقة وشعوري بالخوف بمستقبل مجهول.
هكذا ابتدأت قصة (ميس) الفتاة التي يبلغ عمرها 20 سنة، والتي تأخرت في دراستها بسبب اهلها، علما انها الوحيدة الباقية لوالدتها التي توفيت، وهي لها أختان متزوجتان وليس لها اخ، أما ابيها فهو شخص جشع وبشع يعذبها بالضرب يوميا لغرض إرضاء زوجته الثانية.
هكذا وصفت اباها،انه تزوج بعد وفاة والدتها بستة أشهر حين كان عمرها سنة، وكانت زوجة أبيها امرأة متسلطة وتكرهها بشدة، وزرعت في نفوس اخوتها الكراهية، وكانت تأكل نصيبها من الضرب والشتم، وأن اثار الضرب بجسدها لازالت موجودة.
تقول "اصررت على ان اكمل دراستي، حتى اني توسلت عند زوجة ابي في سبيل تكملة الدراسة، فيما وافقت على ذلك بشروط ان اتزوج اخاها الكبير الذي يكبرني بنحو 30 عاما".
ميس فتاة جميلة رشيقة، عاشت حياتها في ظل القهر والحرمان. وكانت مدرستها الاعدادية قريبة من سوق شعبية، وعند مرورها في طريقها الى المدرسة كانت تسمع شتى المضايقات.
دون شعور لاحظت ملابسي الممزقة ولزوجة الدم بين الفخذين.
"كان أمام السوق الشعبية محل لتصليح السيارات، فيه شاب يبلغ من العمر 32 عاما اسمه(باسم)، وكان يتردد على المحلات في السوق لشراء البضائع، وفي يوم من الايام وعندما كنت عائدة من مدرستي بصحبة صديقتي (سارا) اثناء سيرنا الى المدرسة، كانت عيناه متوجهة صوبي، وقالت صديقتي وقتها "ألا ترينه؟ ملابسه راقية وشكله جميل"، فأجبتها "يحفظه لمحبينه"، وكان همي هو مدرستي وإرضاء زوجة ابي، كي لا يحرموني من الدراسة.
بدأت متابعة (باسم) لـ(ميس)، حتى عثر على بيتي ومن ثم حصل على اخباري من جارنا، واستطاع الحصول على رقم هاتفها الجوال، وصفحتها على الفيسبوك، وحاول بشتى الطرق الاتصال بها، شاكيا همومه وحبه من اول نظرة، لكنها لم تستسلم له.
في احد الايام وبينما كانت عائدة من المدرسة، وهي تسير في طريقها دون صديقتها (سارا) قام بخطفها هو وجارنا، "اصطحبني بسيارته الى بيت صديق له، وهناك حاول بداية الأمر ان يقبلني، امسكني وسحبني بقوة، وانا اتوسل اليه وابكي، لكنه أصر على ضربي! بعدها شاهدته ضاحكا فوقي وانا مستلقية على الأرض.
وتقول ميس، من دون شعور لاحظت ملابسي الممزقة ولزوجة الدم بين الفخذين، صرخت، ماذا فعلت لك؟ ضربني بشدة وخرج من الغرفة، وبعد أقل من لحظات دخل جارنا وصديق له اعتقد انه صاحب البيت، وقاموا باغتصابي أيضا، وبعدها غادروا وجاء من بعدهم (باسم)، الذي سحبني من شعري بقوة "وبيده موبايل فيه تصوير اغتصابي، من دون ظهور شخصياتهم وقال لي بالحرف الواحد ان تكلمت سأفضح أمرك على مواقع التواصل الاجتماعي، اذهبي!
هكذا دفن سرها معهم
تخرج ميس من ذلك البيت خائفة تائهة، من دون حتى ملابس! شاهدتني عجوزة كبيرة في الشارع الثاني خلف ذلك البيت الجحيم، "سترتني بملابس ابنتها، تكلمت معي، وأنا أبكي من دون صوت" ومن ثم تذهب مسرعة كي لا تتصل بالشرطة وتخبرهم بحال فتاة عارية ركضت وسط الظلام"وأنا لا أدري كيف أداري مصيبتي، فلا انا استطيع ان اشتكي لأحد، ولا قادرة ان اقبل بزواج شقيق زوجة أبي، الذي من المفترض أن نتزوج بعد 20 يوما من الحادثة".
وتصل(ميس)الى بيتها، وكانت وقتها ابي وزوجته وإخوتي في زيارة إلى الاقارب، ومن دون تفكير وخوفا من الفضيحة تقرر أن تضع نهاية لحياتها،" فقررت ان ادخل غرفتي واصنع حبلا لي واعلقة في المروحة السقفية، وقمت بربط ذلك الحبل الى عنقي، وفي هذه الاثناء من رهبة الموت والخوف اغمى علي قبل سحب الحبل على عنقي".
وفي الصباح اليوم التالي دخلت زوجة ابيها لغرفتها، وجدتها على الارض،فقامت بالصراخ وهرعت كل من في البيت، وحاولوا إيقاظها بالماء والعطور، وحين عاودت النهوض كانوا يظنون أن السبب هو رفضها للزواج، لذا أصروا على زواجها خلال ايام، وهي تبكي ولا يعلمون بما جرى "وفي ليلة زفافي منه وسط أهازيج الفرح اصطحبونا الى الفندق، ووقفت القدرة الإلهية وقتها معي، حيث كان زوجي مريضا بالقلب، ومن دون ان يلمسني ويكشف امري سقط على الأرض في الغرفة ومات" وبعد أسابيع توفى جارتها والاثنين اللذين اغتصبوها بحادث سير، وهكذا دفن سرها معهم".
في النهاية انها كانت ضحية المجتمع والأعراف والتقاليد، والخوف التي جعلها تصمت كي لا يفضح سرها، ورغم أن الحادثة مر عليها ثلاث سنوات، لكنها تعيش معها الى اليوم، وتتمنى وضع قانون لحماية العنف الأسري وايضا التحرش.
هذه القصة كتبت ضمن مشروع منظمة "انترنيوز" لكتابة التقارير الحساسة للنوع الاجتماعي
ملاحظة: جميع الأسماء المذكورة في القصة هي أسماء مستعارة