في منزل مكتض بالآباء والاطفال بمنطقة تسعين في مدينة كركوك، يحتضن مروان طاهر بناته ويقبلانهما باستمرار قبل ان يسلمهما الهدايا التي قام بشرائه مسبقا لهما، ويقول هذا الاب "هذا اسعد لحظات حياتي".
قبل ان يحظى بلقاء بناته، يخضع مروان للتفتيش من قبل مسلحين اثنين يقومان بحماية المبنى، ويأخذان منه هويته الخاصة بمشاهدة اطفاله ومن ثم يسمحان له بالصعود الى الطابق الثاني ودخول الغرف المسموحة له بالتقاء اطفاله.
واثناء صعوده السلم، يبحث مروان عن بناته من بين اكثر من 100 طفلا وما ان يعثر عليهما، يبدأ بضمهما وتقبيلهما باستمرار.
منذ اربعة اعوام، هكذا يلتقي مروان بناته، مرتين كل شهر ولمدة ساعة ونصف، وهذا الوضع مستمر على حاله بعد تفريقه عن زوجته عام 2014، ومنع من مشاهدة اطفاله وبعد صراع طويل واقامة الدعاوى، قررت المحكمة في عام 2015 بالسماح لمروان بمشاهدة بناته في منزل واقع بمنطقة تسعين.
هذا المنزل يعتبر المكان الوحيد لالتقاء الاطفال بآبائهم بمحافظة كركوك، بعد تفتيت الاسرة بسبب الخلافات والمشاكل الزوجية.
منظمة دنيز للنساء التركمان، خصصت غرفتين في مقرها الواقع بمنطقة تسعين لمشاهدة الاطفال من قبل آبائهم بعد تفريق الوالدين، وتحت اشراف المحكمة.
وتنص الفقرة (57) من قانون الأحوال الشخصية العراقي (يجوز للأبوين أن يتراضيا على مكان ووقت مشاهدة ولدهما المحضون، فإن اختلفا فللقاضي تحديدها مع مراعاة تدرج وقت المشاهدة حسب تقدم سن المحضون وحاجته إلى كل منهُما).
يقصد اكثر من 500 شخص شهريا منظمة دنيز لمشاهدة اطفالهم، واغلب هؤلاء الاطفال هم الذين لم يتوصل والديهم الى اتفاق مشترك حول مكان وزمان المشاهدة، ولجأوا الى المحاكم لحسم الموضوع وتحديد المكان وفقا للقانون.
مروان، يهمس في اذن ابنتيه عندما يتحدث معهم ويقول "المكان مزدحم جدا، وحددوا لنا هذا المكان رغما عنا، ولا استطيع التحدث بحرية مع بناتي في هذا الغرفة المكتظة بالناس".
المكان مزدحم جدا ولا استطيع التحدث بحرية مع بناتي في هذا الغرفة المكتظة بالناس
رزكار احمد هو الاخر الذي يقصد منظمة دنيز لرؤية ابنه البالغ من العمر ثمانية عاما، ويطالب بتنفيذ قانون احوال الشخصية المعدل في اقليم كوردستان بمحافظة كركوك، والذي يسمح ببقاء الاطفال لدى ابائهم او امهاتم لمدة 24 ساعة كل اسبوع.
"يعيش طفلي مع والدته، ويُسمح لي بمشاهدته في هذا المكان فقط" واضاف رزكار "ارغب بأن يقضي ابني ليلة كاملة معي كل اسبوع، واطالب المحاكم بضرورة القيام بتطبيق هذا القرار"، وحرم رزكار على حد قوله من بقاء ولده معه ولو لليلة واحدة بعد تفريقه عن زوجته.
"يطالب طفلي بأن نذهب لشراء الهدايا خارج هذا المكان، الا ان الحراس لا يسمحون بذلك"، وبحسب تعليمات المنظمة وبأوامر من المحكمة لايسمح اخراج الاطفال الى خارج المبنى.
وبحسب التعليمات، يجب على الآباء حمل هوية المشاهدة للسماح لهم بدخول المبنى، وفي حال حدوث مشاجرة في المنزل يتم استدعاء قوات الشرطة مباشرة، كما ولا يسمح بالتصوير داخل المبنى او استعمال هواتف الموظفين.
منظمة دنيز للنساء التركمان، تقع مقرها في الطابق الاول للمبنى المخصص لمشاهدة الاطفال بمنطقة تسعين والذي يبلغ مساحته 300 مترا بمنطقة تسعين.
صبيحة علي، تراقب من داخل احدى الغرف حفيدتها عندما يلتقي بوالده وتقول "لا اقبل بأن يذهب حفيدي مع والده ولو لدقيقتين، لان والدته وشقيقه قاما باعادة ابنتي الى منزلنا وتركوها وحيدا واخذوا حفيدتي انذاك ولم يسألوا عنها قط".
وبصورة عامة يطالب الآباء المحاكم بتسهيل الاجراءات لتمكينهم من قضاء وقت اكثر مع اطفالهم والسماح لهم بالبقاء معهم ليلة واحدة كل اسبوع، الا ان جميع الامهات اللاتي يصطحبن اطفالهن للمشاهدة يرفضن تلك الفكرة.
شيماء خالد، والدة احد اطفال قالت لـ (كركوك ناو) "اطالب المحكمة بتشديد اجراءتها، وعدم السماح للاباء باخراج الاطفال من هذا المكان بداوعي مختلفة".
اطالب المحكمة بتشديد اجراءتها، وعدم السماح للاباء باخراج الاطفال
اتفقت منظمة دنيز عام 2003 مع المحكمة لافتتاح مكانا خاصا بمشاهدة الاطفال من قبل آبائهم، وفي البداية كان عدد الاباء الذين يقصدون المكان لمشاهدة اطفالهم لا يتعدى 10 آباء، الا ان الرقم ارتفع في الوقت الحالي لاكثر من 500 شخصا من جميع المكونات.
وبهدف تمكين جميع الاباء من مشاهدة ابناءهم، حددت المنظمة اوقات معينة لجميع الآباء، وبحسب الاحصائيات يزداد عدد الآباء الذين يقدمون الطلب لمشاهدة اطفالهم بشكل يومي وبمعدل شخص الى شخصين.
قدرية ضياء، مدير منظمة دنيز تقول "خصصنا كل ايام السبت، مع يوم الاول ومنتصف كل شهر للمشاهدة وتبدأ من الساعة التاسعة صباح الى الساعة 12 ظهرا".
وبحسب احصائيات المنظمة، وصلت 19 عائلة الى اتفاق مشترك بعد عشرات المشاكل والمصاعب حول الية معينة لمشاهدة الاطفال من قبل ابائهم خارج هذا المكان، وهذا يعتبر خبرا مفرحا بالنسبة للقائمين على المنظمة.