زادت حوادث الأنتحار في كركوك بشكل ملفت للنظر، ماجعل الجهات المختصة تخشى من تفشيها وتصبح ظاهرة أجتماعية، حيث تشغل المحافظة المرتبة الثالثة من حيث أنتشارتلك الحوادث، بعد أن سجل 22 حالة خلال أربعة أشهر.
وبحسب أحصائيات المفوضية العليا لحقوق الأنسان العراقية، فأن محافظة كركوك تأتي بالمرتبة الثالثة بالنسبة لحوادث الأنتحار، بعد محافظتي كربلاء والبصرة.
ففي الأشهر الأولى من العام الحالي، شهدت كركوك 15 حالة أنتحار، فيما حدثت 20 حالة مشابه في كربلاء و19 حالة في البصرة. وأقل حالات الأنتحار سجلت في محافظة الأنبار، فقط هناك حالتين فقط، وذلك بحسب أحصائية المفوضية.
وكشف مدير مكتب كركوك لمفوضية العليا لحقوق الأنسان العراقية، سجاد جمعة، ل( كركوك ناو) أنه وفي " الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، سجلت 15 حالة أنتحار، والعدد في تصاعد بحيث أن الحالات في شهر نيسان الماضي وصلت الى 22 حالة".
الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، سجلت 15 حالة أنتحار
وفي جميع هذه الحوادث كان أغلب المنتحرين من النساء، حيث أن هناك شخصين فقط من العنصر الذكري من مجموع الأشخاص الذين أنتحروا ضمن محافظة كركوك. والتحقيق جار في عدد من ملفات القضية دون الوصول-لحد الان على الأقل- الى نتائج نهائية.
وأسباب هذه الحوادث، وبحسب تحقيقات المفوضية العليا لحقوق الأنسان العراقية، تتراوح بين البطالة التي أدت الى خلق مشاكل نفسية وتداعيات العادات والتقاليد الأجتماعية، كزواج القاصرات مثلا.
ويقول مدير مكتب كركوك للمفوضية العليا لحقوق الأنسان العراقية: لقد طلب من رجال الدين أن يؤدوا دورهم في أعطاء النصائح والتعليمات الدينية للناس للحد من هذه الحالات، وبالأخص توعية العوائل لرعاية أطفالهم والأهتمام بهم للحيلولة دون لجؤهم الى الأنتحار.
وبسبب عدم أجراء الأحصاء السكاني العام في العراق منذ فترة طويلة، تعتمد الجهات ذات العلاقة على الأحصاءات الماضية والتي تؤكد على أن نسبة البطالة تفوق 20%، بحسب موقع الهيئة المركزية للأحصاء.
وضمن تلك الأحصائيات، يتبين بأنه في عام 2014 كانت نسبة البطالة بين الفئة العمرية 15-24 سنة في محافظة كركوك 5.2%. والنسبة ترتفع في عام 2016 الى 28.7%.
وأحدى حالات الأنتحار كانت في الأسبوع المنصرم، وفي حي "بلاغ" بمدينة كركوك، حيث أنتحر شاب في 37 من عمره وأسمه عباس ناصر.
وبهذا الصدد قال أخ الضحية، جمال ناصر ل(كركوك ناو) : " قام أخي بتعليق نفسه بحبل في أحدى غرف البيت، لم نستطع فعل أي شيء لأنقاذه ولقي حتفه".
يؤكد جمال أن أخاه كان يحاول ومنذ سنوات الحصول على عمل، ولكن دون جدوى. كما وأنه كان قد ترك الدراسة في المرحلة الأبتدائية.
وتسجل في كركوك سنويا العشرات من الجرائم المختلفة، من ضمنها القضايا التي تكون فيها الضحايا من النساء، والتي تشكل الجزء الأكبر من حالات الأنتحار في المدينة.
وتعيش عدد كبير من النساء في كركوك ضمن ظروف أجتماعية قاسية، ذلك بسبب أنتهاك حقوقهن من قبل أزواجهن وتعرضهن للضرب والاهانة.
وتعتبر تردي الأوضاع الأقتصادية، العادات والتقاليد، الزواج الثاني تزويج البنات دون رغبتهن من العوامل البارزة للعنف ضد المرأة في كركوك.
وفي تصريح ل(كركوك ناو) أكدت رئيسة لجنة حقوق الأنسان وشؤون المرأة في مجلس محافظة كركوك، جوان حسن: " حسب علمي، هناك حالتين الى ثلاث حالات أنتحار في الشهر الحالي. من المؤسف أن كركوك تأتي في المرتبة الثالثة في عدد حالات الأنتحار على مستوى المحافظات العراقية، وذلك بحسب المفوضية العليا لحقوق الأنسان".
وتعتقد جوان حسن، أن عدم وجود مركز خاص لأيواء وحماية النساء في المحافظة من المشاكل التي يعانين منها، لذا فيجب العمل في قضيتهن على مستوى العراق وايجاد حلول مناسبة لمشاكلهن.
وتضيف: "أغلب الأشخاص الذين يقومون بالأنتحار من فئة الشباب، والأسباب تتعلق بالأوضاع السياسية والأقتصاية القاسية التي تمر بها المحافظة، فضلا عن عدم توفير فرص العمل وقلة وجود الأماكن العامة المخصصة لقضاء اوقات الفراغ، ما يؤدي الى الاحباط والتشاؤم"، تقول جوان حسن.
أغلب الأشخاص الذين يقومون بالأنتحار من فئة الشباب
وتابعت بالقول: هناك تعثر في حل المشاكل من قبل الأجهزة الأمنية، خاصة المشكلات التي تواجهنا. تلك الأجهزة لن تقوم بأداء واجباتها أزاء المشاكل ، ففي حالات الأنتحار لن تقوم الأجهزة الأمنية بالمتابعة والتحقيق بالشكل المطلوب.
وقال المتحدث بأسم قيادة شرطة كركوك، العميد أفراسياو كامل، ل(كركوك ناو):" هناك خمس حالات أنتحار فقط قد سجل عندنا، وحالتان تم فيهما أنقاذ الشخصين الذين حاولا الأنتحار من قبل الشرطة".
وأوضح كامل بأن معظم الضحايا كان من الشباب، والسبب الرئيسي للحوادث عبارة عن المشاكل الأجتماعية " مثلا الفشل في أيجاد شريكة الحياة، أو عدم قدرته في الحصول على العمل فظلا عن الشباب الذين يسعون الى حياة زوجية والعامل المادي يقف عائقا أمامهم".
ويرى أفراسياو كامل بأنه من الضروري أن تعمل المؤسسات الرسمية بشكل جدي في القضاء على أسباب الأنتحار للحيلولة دون لجوء الشباب اليه، ومن أجل ذلك ينبغي أن يبدأ كل شخص من عائلته.