"الديمقراطي لديه مرشحه الخاص لمنصب محافظ كركوك ويعتقد بان المنصب من حصته"، ليس هذا حديث اخر اجتماع عقد بين الاتحاد الوطني والديمقراطي، وانما يرجع تاريخه الى ما قبل 16 عاما وتحديدا في عام 2003، وكان الضحية الاولى من تلك بين الحزبيين الكورديين، هو عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكوردستاني، رزكار علي.
وجاء هذا الموقف للحزب الديمقراطي الكوردستاني، بعدما رشح الاتحاد الوطني الكوردستاني وامينه العام الراحل جلال الطالباني، بعد السيطرة على كركوك في 2003، رزكار علي لمنصب محافظ كركوك، عقب سيطرة الكورد على السلطة في المحافظة بعد سقوط النظام العراقي السابق، برئاسة صدام حسين.
المجلس المؤقت ينتخب شخصية مستقلة لمنصب المحافظ
مع سقوط النظام البعث في 9 نيسان 2003، وباشراف التحالف الدولي واتفاق بين جميع المكونات، اُعلن عن تشكيل مجلس مؤقت لادارة كركوك، بعد ذلك التاريخ دخل كل من الاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني في صراع قوي لانتخاب مرشحا منهم لمنصب المحافظ.
كان رزكار علي انذاك عضوا في المجلس القيادي للاتحاد الوطني الكوردستاني، ومحافظ كركوك في ادارة السليمانية، وترشح لمنصب محافظ كركوك بناءا على اوامر من من المجلس القيادي لحزبه وشخص جلال الطالباني.
محمد كمال، عضو مجلس محافظة كركوك ومسؤول الفرع الثالث للحزب الديمقراطي الكوردستاني سابقا في كركوك والذي حضر اغلب الجلسات التي كانت تعقد لحسم القضايا العالقة في كركوك بحسب قوله قال لـ (كركوك ناو) "نحن في الديمقراطي الكوردستاني كان لنا مرشحا انذاك لمنصب المحافظ، الا ان ذلك لم يكن بالامر السهل، وبعد محادثات مكثفة وبهدف الحفاظ على وحدة الصف الكوردي سحبنا مرشحنا من المنافسة".
نحن في الديمقراطي الكوردستاني كان لنا مرشحا انذاك لمنصب المحافظ
لم يتوصل الاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني في مباحثاتهم الى اية نتيجة بخصوص منصب محافظ كركوك في بداية سقوط الحزب البعث العربي، بسبب وجود مرشحين اثنين للمنصب، ولكن بعد تدخلات وضغوطات الامريكيين تم التصويت على مرشح مستقل من القومية الكوردية لمنصب المحافظ، وهو عبدالرحمن مصطفى.
علي القلعة، عضو الهيئة الادارية في المركز الثاني لتنظيمات الاتحاد الوطني في كركوك قال لـ (كركوك ناو) ان "الديمقراطي الكوردستاني كان لديه نوعا من الرفض على رزكار علي لاستلام منصب المحافظ، وبتدخل من مام جلال تم الاتفاق على انتخاب عبد الرحمن مصطفى محافظا لكركوك".
الا ان محمد كمال يقول، بأن الديقمراطي الكوردستاني لم يرفض تولي رزكار علي منصب المحافظ، الا ان حزبه كان لديه مرشحا للمنصب.
"اغلب القرارات في البداية كانت بيد الامريكان والتحالف، وكان لهم دورا كبيرا في حسم قضية انتخاب محافظا مؤقتا لكركوك لحين اجراء انتخابات مجالس المحافظات في عام 2005" هذا ما قاله محمد كمال.
المجلس المؤقت ومحافظ كركوك المؤقت لكركوك، استمرت مهامهم الى 30 كانون الثاني 2005، بعد اجراء انتخابات مجالس المحافظات العراقية من بينها كركوك، وكان انذاك رزكار علي رئيسا لقائمة التأخي وعبدالرحمن مصطفى احد مرشحي القائمة للتنافس على احد مقاعد المجلس.
قائمة التأخي، كانت تضم الاحزاب الكوردية وعدد من الشخصيات العريية، التركمانية مع المسحيين والمستقلين، وحصلت على 26 مقعدا من مجموع 41 مقعدا في مجلس كركوك.
وبعد الانتخابات، مرة اخرى اعرب الاتحاد الوطني عن رغبته بترشيح رزكار علي لمنصب المحافظ، وبحسب معلومات (كركوك ناو) فضل الامريكان انذاك ترشيح شخصية مستقلة للمنصب مرة اخرى.
وتقول عضوة قائمة التأخي عن الحزب الاتحاد الاسلامي في مجلس كركوك، جوان حسن "مثلما نراه اليوم وقبل 14 عاما كانت الخلافات على منصب محافظ كركوك مستمرة بين الحزبيين الكورديين وكان كل منها يسعى لفرض مرشحه للمنصب، الا ان الامريكان تدخلوا وحسموا الموضوع وكانوا يشرفون على الوضع بأنفسهم، لحين انتخاب عبد الرحمن مصطفى مرة اخرى لمنصب المحافظ".
وعقد مجلس محافظة كركوك اجتماعه الاول في 6 اذار 2005، واستمر المجلس على حاله الى نهاية شهر اذار 2011، كما وبقي عبد الرحمن مصطفى في منصبه الى نفس التاريخ.
"كما وصوت اعضاء القائمتين العربية والتركمانية لصالح عبد الرحمن مصطفى مقابل اعطائهم منصب نائب المحافظ ونائب رئيس مجلس المحافظة" هذا ماقالته جوان حسن لـ (كركوك ناو).
وبسبب الخلافات، لم يتمكن رزكار علي من استلام منصب محافظ كركوك للمرة الثانية وانتخب فيما بعد رئيسا لمجلس محافظة كركوك واستمر في منصبه الى نهاية شهر اذار من عام 2011، وقدم استقالته فيما بعد من منصبه لصالح حسن توران من المكون التركماني بحسب اتفاق بين مكونات كركوك لادارة المحافظة.
ويقول علي القلعة بان "الديمقراطي الكوردستاني كان يحارب الاتحاد الوطني منذ البداية، للمثال وبعد سقوط الحزب البعث في 2003، عبروا عن قلقهم لدى الامريكان من دخول قوات البيشمركة التابعة للاتحاد وبقائهم داخل مركز المدينة".
وتابع المسؤول في الاتحاد الوطني، في وقتها لم يكن للعرب والتركمان دورا بارزا في حسم القضايا بكركوك، وكان بإمكان الاتحاد والديمقراطي حسم كل شيء فيما بينهم.
الديمقراطي الكوردستاني كان يحارب الاتحاد الوطني منذ البداية
"رفض انتخاب رزكار علي لمنصب محافظ كركوك، كان لها تأثيرا واضحا على اعضاء وكوادر الاتحاد الوطني، وكان دور الامم المتحدة انذاك دورا سلبيا واقلق مام جلال شخصيا ايضا، حيث ابلغهم عن قلقهم من دورهم في كركوك".
وبحسب متابعات (كركوك ناو) حصل الحزب الديمقراطي الكوردستاني في الانتخابات ضمن قائمة التأخي والتي كان يترأسها رزكار علي، عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني على سبعة مقاعد، يليها الاتحاد الوطني بخمسة مقاعد، وحصل كل من الاتحاد الاسلامي والحزب الشيوعي على ثلاثة مقاعد لكل منهما.
محمد كمال والذي تم تعينه رئيسا لقائمة التأخي، قال في تصريح لـ (كركوك ناو) ان "قضية كركوك حساسة ومعقدة للغاية، الامر لا يتعلق بالديمقراطي والاتحاد الوطني فقط، وليسا مذنبيين الوحيدين في القضية".
جرت انتخابات مجلس محافظة كركوك في عام 2005، بحسب قانون الذي وضعه الحاكم المدني للعراق، بول بريمر، وبحسب القانون يحصل الفائز الاول على منصب المحافظ.
"كان منصب المحافظ ورئيس مجلس المحافظة من نصيب قائمة التأخي، بسبب حصولها على الاغلبية المطلقة في الانتخابات، ومن ثم انتخب عبد الرحمن مصطفى محافظا لكركوك والذي كان شائعا بين الجميع بأنه كان يُدعم من قبل الحزب الديمقراطي الكوردستاني"، هذا ما قالته جوان حسن.
منصب المحافظ ورئيس مجلس المحافظة كان من نصيب قائمة التأخي، بسبب حصولها على الاغلبية المطلقة
عبد الرحمن مصطفى والذي كان في منصب محافظ كركوك لمدة ثمانية اعوام، كان يُعرف نفسه بشخصية مستقلة وكان مرشح الرقم رابع في قائمة التأخي لانتخابات مجالس المحافظة.
وبحسب اتفاق سياسي بين مكونات كركوك بعام 2011، جرت تغييرات في المناصب السيادية بكركوك، وبحسب الاتفاق رشح الاتحاد الوطني نجم الدين كريم لمنصب المحافظ واعطاء منصب رئيس مجلس محافظة كركوك والذي كان يشغله رزكار علي للمكون التركماني.
يشغل رزكار علي في وقت الحالي عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني، وبقرار من حزبه استلم في عام 2011 مسؤولية المركز الثالث للاتحاد في مدينة اربيل، ولم يذكر اسمه لاي منصب في كركوك الى ما بعد احداث 16 تشرين الاول 2017.
بعد احداث 16 تشرين الاول 2017 وعودة القوات الاتحادية الى المحافظة، اقال مجلس النواب العراقي محافظ كركوك السابق نجم الدين كريم، رشح المجلس القيادي للاتحاد الوطني الكوردستاني مرة اخرى رزكار علي لمجلس محافظ كركوك.
وبسبب تعطل اعمال مجلس محافظة كركوك وعدم عودة اعضاء الحزب الديمقراطي الكوردستاني الى كركوك (بداعي تدهور الوضع الامني) لم يتحقق النصاب القانوني للمجلس لانتخاب رزكار علي محافظا لكركوك.
انتخاب محافظ جديد لكركوك، يحتاج الى موافقة الحزب الديمقراطي الكوردستاني والذي يمتلك 11 معقدا في المجلس ويستطيع حسم قضية المحافظ بالتنسيق مع الاتحاد الوطني.
وبعد فشل الاتحاد الوطني الكوردستاني من حسم قضية ترشيح رزكار علي لمنصب محافظ كركوك مع المكونين العربي والتركماني، بدء الاتحاد مرة اخرى مفاوضاته مع الديمقراطي بخصوص كركوك.
في غضون عام واحد، عقد الحزبيين الكورديين عشرات الاجتماعات بخصوص منصب محافظ كركوك، الا ان الديمقراطي الكوردستاني رفض مرة اخرى ترشيح رزكار علي لمنصب المحافظ مع عدد اخر من المرشحين.
واكد الديمقراطي الكوردستاني لاكثر من مرة بأنه "لا يقبل بأي مرشح شارك في خيانة 16 تشرين الاول" يتولى منصب محافظ كركوك من دون ان يذكر حقيقة مشاركة رزكار علي في احداث 16 تشرين الاول.
الاتحاد الوطني الكوردستاني يسعى لحسم منصب محافظ كركوك بالتزامن مع تشيكل كابينة حكومة اقليم كوردستان، وقدم الاسبوع الماضي اسماء ثلاثة مرشحين لمنصب محافظ كركوك مرة اخرى كان من ضمنهم رزكار علي.
اخبرنا للاتحاد الوطني صراحة بأننا لا نقبل بأي بطل من ابطال احداث 16 تشرين الاول 2017 ان يستلموا منصب محافظ كركوك
وقال الامين العام للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني في تصريح لاذاعة صوت امريكا، ان الموقف النهائي لحزبه حول مرشحي منصب محافظ كركوك "اخبرنا للاتحاد الوطني صراحة بأننا لا نقبل بأي بطل من ابطال احداث 16 تشرين الاول 2017 ان يستلموا منصب محافظ كركوك، ومثلما تمكنا من تشكيل رئاسة البرلمان وتمرير قانون رئاسة الاقليم من دون الاتحاد الوطني، يمكننا تشكيل الحكومة بدونهم ايضا".
بعد 16 عاما، لا يزال ينتظر رزكار علي موافقة الديمقراطي الكوردستاني لتولي منصب محافظ كركوك وقال علي بهذا الخصوص في تصريح لـ (كركوك ناو) ان "المشكلة ليس في شخص رزكار علي، انما يتعلق بالخلافات الموجودة بين الاتحاد والديمقراطي".