تقف ام محمد امام باب منزلها في منطقة الموصل القديمة "حائرة، يائسة، ناقمة"، على الوضع الخدمي في المنطقة التي ماتزال تغطي أجزاء كبيرة منها أنقاض معارك التحرير رغم انقضاء أكثر من عامين على انتهائها.
تقول ام محمد (لكركوك ناو)، ان" الامراض بدأت تنتشر وتشكل خطرا على حياة الساكنين لاسيما الأطفال الذين يصابون بأمراض جلدية مختلفة، وسط عدم تحرك الجهات المسؤولة لرفع تلك الأنقاض".
وتتابع،" انا وجميع الأهالي لا نسمح لأطفالنا بالخروج من المنازل خوفا عليهم من الإصابة بالتلوث او التعرض الى اخطار ناجمة من تلك الأنقاض".
هذا وشهدت المنطقة القديمة في مدينة الموصل أشرس المعارك التي دارت بين تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، والقوات العسكرية العراقية مدعومة بمساندة طيران التحالف الدولي، اذ ان التنظيم جعل المنطقة القديمة حصنه الأخيرة في مواجهة عمليات التحرير التي انتهت بهزيمته وإلحاق اضرار مادية كبيرة في المنازل والبنى التحتية.
الانقاض العائق الأول لعمل مديرية الدفاع المدني في الموصل
رفع 4700 جثة من الموصل
مديرية الدفاع المدني في نينوى أكدت انها رفعت نحو أكثر 4700 جثة من مناطق الموصل منذ انتهاء عمليات التحرير.
يقول العقيد زكريا احمد معاون مدير الدفاع المدني في نينوى بحديث خاص (لكركوك ناو)، ان" جثث المدنيين التي جرى رفعها من قبل كوادر مديرية الدفاع المدني بلغت 2700، فيما بلغت الجثث مجهولة الهوية التي تم رفعها 2000 جثة".
وتابع ان" الدفاع المدني في الموصل تتعامل مع بلاغات المواطنين لرفع الجثث المتبقية بشكل عاجل".
وأشار الى ان الانقاض العائق الأول لعمل مديرية الدفاع المدني في الموصل، فهناك مناطق كالميدان والشهوان والقليعات وسط المنطقة القديمة شبه مدمرة بالكامل وان العمل فيها محفوف بالمخاطر".
وكانت الموصل القديمة ذات الطبيعة الجغرافية غير الملائمة للعمليات العسكرية بسبب ضيق شوارعها وقدم منازلها، تضم الاف العائلات المدنية التي لم تستطيع الفرار من مساكنها، لذلك واجهت القوات العراقية صعوبات جمة في عملية الاقتحام لتلك المنطقة، وبالتالي كلفت العمليات العسكرية، المدنيين الكثير من الخسائر المادية والبشرية.
جثث تحت الأنقاض في الموصل القديمة
ليث هاشم من سكنة المنطقة القديمة وسط الموصل عاد الى داره مجبرا بعد فترة نزوح مريرة، ينتقد دور الجهات المسؤولة في حكومة نينوى المحلية بعملية رفع الأنقاض من الاحياء.
يوضح هاشم في حديث مع (كركوك ناو)، ان" الكثير من الجثث ماتزال عالقة تحت تلك الأنقاض والتي بات اليوم تهدد حياة المواطن بالموت، بسبب الامراض الخطرة الناجمة عنها"، مؤكدا ان "الجهات الحكومية ذات العلاقة لم تز المنطقة القديمة وتطلق حملة كبيرة لإنقاذ اهالها من معالم الدمار التي ماتزال شاخصة لغاية اليوم على حد تعبيره".
وكانت منظمة اليونيسف الأممية قد أعلنت ان أكثر من 21400 منزل في مدينة الموصل تضررت أو دمرت بشكل كامل، وان الأسر الأشد فقرًا ليس لديها خيار آخر سوى العيش في أنقاض منازلها، في ظروف محفوفة بالمخاطر بالنسبة للأطفال".
الموصل القديمة تنتظر حملة تنظيف كبرى
قائممقام قضاء الموصل زهير الاعرجي أكد ان التنسيق مع جميع المؤسسات الخدمية والامنية في المدينة متواصل لإطلاق حملة رفع الأنقاض من المنطقة القديمة.
يقول الاعرجي (لكركوك ناو)، ان" تركة الحرب ولاسيما في الساحل الأيمن للموصل ثقيلة جدا وان العمل متواصل على قدم وساق في سبيل رفع الركام، والذي سيكون له أهمية كبرى في تشجيع شركات الاستثمار على القدوم والشروع في عمليات الاعمار والبناء".
وكانت الحكومة العراقية قد أعلنت، في يوليو/ تموز 2018، عن تخصيص 5 تريليونات دينار (4.27 مليارات دولار)، لإقراض المواطنين الراغبين بوحدات سكنية، وفي العشرين من الشهر ذاته استضافت العاصمة الأميركية واشنطن، مؤتمر المانحين الخاص بدعم العراق، وشهد تبرعات للدول المشاركة تجاوزت ملياري دولار لإعادة إعمار المناطق المحررة وخلق الاستقرار فيها ودعم النازحين، الا ان سكان الموصل المنكوبين مازالوا لغاية اليوم يؤكدون ان تسيير معاملات التعويض ومطالبات اعمار الاحياء المتضررة تواجه صعوبات عدة ولا تلقى استجابة من قبل الحكومتين المحلية والاتحادية.