بمجرد أن تدفق الماء عبر قنوات مشروع ري الجزيرة الشمالي حتى عادت الحياة إلى آمال آلافٍ من المزارعين بعد خمس سنوات من الانتظار والعيون معلقة بالسماء تفتش عن غيمة تروي عطش أراضيهم.
ففي حزيران 2014 سيطر تنظيم داعش على نينوى لتتعطل بذلك المشاريع الحيوية ثم أصابها الدمار جراء الأعمال العسكرية لتحريرها منه.
وري الجزيرة بمرحلته الشمالية كان واحداً من هذه المشاريع التي أصيبت أجزاء منه بأضرار كبيرة قبل أن تنجح وزارة الري في إعادة تشغيله مؤخراً لكن بأقل من نصف طاقته الإجمالية البالغة (240000 دونم) من الاراضي الزراعية.
مدير المشروع رئيس مهندسين جاسم محمد خلف قال، أن" جزءً واحداً فقط من ري الجزيرة الشمالي يعمل حالياً وبوسعه تغطية مساحة (100000دونم) من الأراضي الزراعية وأن الجزئين الآخرين متضرران جراء الأعمال الحربية التي شهدتها المنطقة".
ويتابع خلف في حديث صحافي خاص (لكركوك ناو)، ان" عدد الفوائد التي يحققها المشروع بعد سنوات التوقف الخمس سيحفز النازحين للعودة إلى مناطقهم وبالتالي تحرك عجلة الزراعة مجدداً، وسيساعد في القضاء على البطالة بتشغيل آلافٍ من الأيدي العاملة".
تشغيل مشروع ري الجزيرة من شأنه تعزيز الأمن الغذائي
الخبير الاقتصادي الموصلي عبيدة الحارثي يرى ان إعادة مشروع ري الجزيرة الى الخدمة من شأنه تعزيز الأمن الغذائي للعراق.
يقول الحارثي في حديث خاص (لكركوك ناو)،ان" المنتج الزراعي سيصل الى جميع المحافظات العراقية الأخرى ويمكن تصدير الفائض منه الى البلدان المجاورة بعد تشغيل مشروع ري الجزيرة العملاق".
المحطة الرئيسية للمرحلة الشمالية من مشروع ري الجزيرة تعمل وفق نظام إدارة إلكتروني متطور وهي متميزة الشكل والتصميم إذ شيدت على شكل دائري مضغوط من الأعلى والأسفل على عمق (25) متر تحت مياه بحيرة سد الموصل.
يقول مدير المحطة المهندس حسين علي حسن في حديث صحافي خاص (بكركوك ناو)، أن" قدرتها القصوى (48 متر مكعب) في الثانية وبقدرة رفع تبلغ نحو (80 متر).
وتتألف من أثني عشر وحدة ضخ موزعة بشكل دائري، كل ست وحدات منها على خط دفع واحد قطر(2,5متر)، وتستمر لأربعة كيلو متر لحين بلوغه أحد قنوات المياه المفتوحة باتجاه مشروع ري الجزيرة الشمالي.
ويكون سحب المياه بواسطة ثلاثة مآخذ قطر كل واحدة منها (3,5متر) تتوزع على مجموعتين من المضخات.
وأشار إلى أن عمل المحطة مستمر دون توقف نظراً لكونها مغمورة بالمياه طوال السنة.
مشروع ري الجزيرة واحد من بين 100 مشروع حيوي توقف بسبب الظروف السابقة
محافظ نينوى منصور المرعيد رحب بإعادة تشغيل المشروع كونه سيخفف من نسبة البطالة المتفشية في نينوى.
يقول المرعيد، ان" المشروع واحد من بين (100) مشروع حيوي توقف بسبب الظروف السابقة وستعاود التشغيل تباعا، لكن المحافظ لم يشر إلى مواعيد محددة لإعادة تشغيل تلك المشاريع أو حتى إنجاز المعتمد والمحالة منها قبل سنوات طويلة كالمرحلة الشرقية من مشروع ري الجزيرة الذي من المفترض أن يمتد حتى أقصى شرقي نينوى حيث قضاء الحمدانية ويحيي نهر الخوصر الموسمي وينعش السياحة على جانبيه".
ومع أن العمل يجري فيه كما أوضحت وزارة الموارد المائية في بيان سابق لها وأنجز منه نفقان. لكن لا إشارة إلى موعد إنجاز كامل على المدى القريب.
كما ان لا حديث مطلقاً عن أي إحالة لمشروع ري الجزيرة الجنوبي وهو الأهم من جميع النواحي بسبب التصحر الذي ضرب منذ عقدين جنوب غرب نينوى وقلص بشكل كبير جداً من مساحات الأراضي الزراعية والمراعي وأدى إلى هجرة واسعة بحثاً عن مكامن المياه.
وكانت اليابان قد تقدمت بعرض قرض يبلغ مقداره مليونا دولار لتنفيذ المشروع ثم عادت لسحبه بعد ضغوط من الحكومة العراقية بسبب جدال يتعلق بحصص مياه المحافظات الواقعة على نهر دجلة الذي يفترض أن يمد المشروع بالمياه.
المهندس الزراعي زكي قاسم يقول إن بدائل متاحة يمكن اعتمادها في حال لم يتم تنفيذ المرحلة الجنوبية من ري الجزيرة وأهمها إنشاء سدود لحصد المياه.
ويتابع، في حديث صحافي خاص بـ(كركوك ناو) أن" مناطق عديدة غرب نينوى تحتوي على وديان عميقة يمكن بجهود بسيطة غلق منافذ المياه منها ببوابة مسيطر عليها. فتمتلئ بالشتاء والربيع وتستفيد منها المزارع القريبة والمواشي صيفاً".
ويشير الى انه" بخلاف ذلك فأن المنطقة بأسرها ستعيش تحت خطر التصحر المداهم والبقاء على الزراعة الديمية والاعتماد الكلي على الامطار التي تتفاوت من موسم إلى آخر وبالتالي يتفاوت المنتج الزراعي تبعاً لذلك".
ولفت إلى ان الآبار الزراعية غير مجدية لأن مياهها لا تصلح لشيء والأهالي يشترون المياه من الحوضيات بسعر يزيد أحياناً عن خمسة آلاف دينار للخزان الواحد سعة (1000لتر).
وتطلق تسمية “سلة خبر العراق” على محافظة نينوى كونها تصدر ثلث إنتاج العراق من الحبوب وهي النسبة الأعلى بين باقي المحافظات المنتجة.