التعافي من جراح الحرب هو الأكثر صعوبة ربما لواقع التعليم في مدينة الموصل، ونينوى عامة، فنحو (مليون) طالب وطالبة يستعدون للالتحاق بمقاعد الدراسة من جديد بعد انتهاء العطلة الصيفية، فيما لا تزال البنى التحتية الخاصة بهذا الواقع لا تلبي طموحات الطلبة واولياء امورهم.
"يقف خجلا، تارة يبتسم وتارة أخرى يعبس ملاحم وجهه" التلميذ احمد محمد (9) أعوام وهو يقف الى جانب والدته التي جاءت به لاستلام الكتب المدرسية من مدرسة الصفا في الساحل الأيمن للموصل، قائلا" لا ارغب في الدوام بهذه المدرسة".
يتحدث التلميذ احمد الى (كركوك ناو)، أحب الدراسة واللعب مع أصدقائي الا ان مدرستنا ليس فيها ماء وكهرباء وان الكتب التي استملتها ممزقة ومقاعد جلوسنا مكسرة.
تعاود الابتسامة بالظهور على محيا احمد وهو ينظر الى والدته، أتمنى ان أصبح مهندسا كي اعيد اعمار جميع المدارس المهدمة واعمل حدائق وساحة العاب رياضية.
معوق التعليم
يرى المواطن مصطفى شامل (48) عاما وله أربعة أبناء في المرحلة الدراسية الابتدائية ان التعليم في مدينة الموصل قبل حقبة تنظيم الدولة الإسلامية ("داعش")، كان يعاني من صعوبات الا انها ليس بقدر اليوم.
ويوضح (لكركوك ناو)، ان" أولياء أمور الطلبة في الساحل الأيمن للموصل تحديدا يعانون في الحفاظ على مستقبل أبنائهم الطلبة لعدم وجود مدارس كافية، مما يضطر الطلبة الى قطع مسافات للوصول الى المدارس التي ما تزال في الخدمة، وهذا يعرضهم الى الخطر في فصل الشتاء لاسيما تلامذة المرحلة الابتدائية".
الاستعداد للعام الدراسي 2019-2020
مديرية تربية نينوى أعلنت الاستعداد لاستقبال الطلبة في العام الدراسي الجديد والمقرر انطلاقه 30 أيلول الحالي في عموم مناطق المحافظة.
ويقول سامي الفضلي مسؤول العلاقات العامة والإعلام في المديرية بحديث صحافي خاص (لكركوك ناو)، ان" ٢٠٤٧ مدرسة في عموم نينوى جاهزة لاستقبال الطلبة، موزعة ما بين "١٤٤٦" مدرسة للتعليم الابتدائي و "٥٣٨" مدرسة للتعليم الثانوي و "١٤" مدرسة للتعليم المهني و٢ المعاهد و"٤٧" بالنسبة لرياض الأطفال".
"نسب التجهيز من المناهج الدراسية الواردة من مخازن وزارة التربية الى المدارس تجاوزت ٩٠% بمعدل ٧ مليون كتاب وتجهيز كل مدرسة بالنسبة المحددة لها من هذه الكتب" يؤكد الفضلي، متوقعا ان يصل مستوى التجهيز خلال الأيام القليلة القادمة الى ١٠٠ % كي يشهد العام الدراسي الجديد تطورا كبيرا في سير العملية التربوية والتعليمية".
تكاليف تجهيز الطالب
يطالب فواز يوسف ولي امر الطالب عبيدة في الصف الأول المرحلة الابتدائية وزارة التربية بمنح الطلبة تجهيزات دراسية (قرطاسية)، كما كان معمول في زمن النظام السابق رغم الحصار.
يوضح (لكركوك ناو)، ان" تجهيز الطالب بالمستلزمات الدراسية بحاجة الى مبلغ مالي قدره مائة ألف دينار عراقي، وهو مبلغ كبير مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطن، وان هناك بعض أولياء الأمور لديه أكثر من طفل في المدرسة فمن اين يأتي إليهم بأموال شراء لوازم الدراسة".
الضلال السلبية لتأخر رواتب الكوادر التدريسية
مدير عام تربية نينوى "وكالة" اسيل العبادي اكدت ان عدم تسلم قسما من الكوادر التدريسية لمرتباتهم المالية لعدم الحصول على سلامة موقفهم الأمني من المشاكل التي تواجه قطاع التعليم في المحافظة.
وقالت العبادي (لكركوك ناو) انه" ورود سلامة الموقف الامني لـ ٥٢٢٢ من موظفي مديرية التربية ضمن الوجبة "٤٣"، موضحة انها "متابعة لهذا الملف بشكل شخصي لغاية استكمال كافة الأسماء وضمان الحصول على مستحقاتهم كاملة".
"المرحلة المقبلة ستشهد تعزيز الاستقرار التربوي ووضعنا استعدادات كاملة لاستقبال العام الدراسي الجديد فيما يخص تهيئة الابنية المدرسية وتجهيز المدارس بالمقاعد المدرسية والكتب المنهجية" تجيب العبادي عن سؤال ورد اليها من (كركوك ناو) بخوص الاستعداد للعام الدراسي الجديد.
نظام الدمج
يرى المواطن عثمان النجار (36) عاما ان وزارة التربية ومديرية التربية عليها حل مشكلة دمج المدارس فهذا النظام القائم على السماح لثلاث مدارس بالدوام في مدرسة واحدة من أسباب فشل التعليم في الموصل.
يقول المواطن (لكركوك ناو)، ان" ابني وهو طالب في الصف الرابع الابتدائي لم يدرس العام الماضي مادة قواعد اللغة العربية بسبب عدم قدرة مدرس المادة على إعطاء حصة القواعد للطلبة، والسبب هو عدم كفاية الوقت لان البناية تشغلها ثلاث مدارس، من الساعة الـ 8 الى الساعة 11 صباحا هناك مدرسة، ومن الساعة 11 الى 1 والنصف ظهرا هناك مدرسة أخرى، وثالثة لغاية الرابعة عصرا".
مخاوف من استمرار تدهور واقع التعليم
نقيب المعلمين في محافظة نينوى رعد رمضان يجزم بوجود عقبات أمام العملية الدراسية في المحافظة، ويحددها بالقول "العقبات هي نقص المستلزمات الدراسية كالكتب وكذلك قلة الخدمات.
ويوضح رمضان في حديث الصحفي (لكركوك ناو)، إذا لم تلتفت الحكومة والجهات الدولية إلى واقع التعليم في نينوى فأنا متأكد أنه سيكون هناك تدهور كبير في التعليم".
تحديات امام العام الدراسي الجديد
يؤكد الخبير التدريسي الموصلي جمعة العبدلي ان معوقات سوف ترافق العام الدراسي الجديد.
"أبرز هذه المعوقات هي انعدام البنى التحتية، فالكثير من المدارس انهارت جراء الحرب على تنظيم الدولة الاسلامية (داعش)، ولم يعاد بناؤها من جديد وهذا الامر داخل الموصل وخارجه"، يوضح ذلك العبدلي، ويشير الى ان" الطلبة الذي يقصدون المدارس غير المتضررة كليا، باتوا يضطرون الى قطع مسافات تزيد في كثير من الأحيان عن 2 كيلو متر، في أجواء ممطرة وباردة او في أجواء حارة للغاية، كذلك ان الطلبة يعانون من نقص الكتب ومستلزمات الدراسة".
ويلفت الخبير التدريسي الى ان" المعلم والمدرس والإداري، في نينوى عامة لا يؤدي واجبه على أكمل وجه لعدم شعوره بوجود رقابة حقيقية، وعدم وجود الحافز المادي والمعنوي على العطاء".
"في السابق كانت العلاوات والمكافآت وكتب الشكر تمنح الى المدرس والمعلم الذي يحقق نسبب نجاح عالية وهذا يدفع بالكوادر التدريسية الى مضاعفة الجهد اما اليوم فجميع وسائل التشجيع قد فقدت وأصبح انتظار المرتب في نهاية الشهر هو المقصد بجهد او دون جهد" يقول ذلك العبدلي.
المدارس الاهلية
تنتقد التدريسية المخضرمة ثورة امجاد توسيع العمل بنظام المدارس الاهلية داخل الموصل، وتعده أحد أسباب تراجع المستوى العلمي للطلبة.
وتنوه التدريسية خلال حديثها الى (كركوك ناو)، "الكثير من المدارس الاهلية تفتقر الى الكوادر التي تتمتع بالخبرة والكفاءة، وأنها مشاريع تجارية ربحية لا أكثر، وان المسؤول الأول عنها مديرية تربية نينوى ووزارة التربية".
وخلفت معركة تحرر الموصل أزمات عديدة ولكن اكثرها قسوة كانت على واقع التعليم، فهناك الكثير من الطلبة من فقد ابيه او امه او أخيه وهناك من فقد المأوى، وهؤلاء بحاجة الى رعاية خاصة من قبل الكوادر التدريسية التي هي أيضا بحاجة الى رعاية وتأهيل على مستويات عدة للنهوض من جديد بواقع التعليم.