يجلس برزان على الحاجز الكونكريتي الموجود بضفاف نهر الخاصة، ومع حلول الليل يقوم يإشعال سيجارته وبدأ بتدخينه بلهفة، حيث اختلطت الدخان الصادر من السجائر مع الدخان المنبعث من حرق النفايات على ضفاف النهر.
برزان ذو 22 عاما يسكن مدينة كركوك، ويذهب مساء كل يوم الى ضفاف نهر الخاصة والذي اصبح مكانا لرمي النفايات لقضاء اوقاته، بدلا من ان يستغل لاظهار المدينة بصورة اجمل.
"اذهب مساء كل يوم للجلوس في ضفاف نهر الخاصة، لو كان هذا المكان موجودا في اي بلد اخر باستثناء العراق، لكان مصدرا للدخل للمحافظة من خلال جذب السياح اليه، ولكن ترى اليوم اصبح مكانا لجمع النفايات"، برزان قال ذلك لـ (كركوك ناو).
نهر الخاصة يمر في وسط مدينة كركوك ويعتمد على الأمطار والسيول التي تهطل في فصل الشتاء إلى الوديان والجبال المحيطة بكركوك ويجف في فصل الصيف.
ودخل مشروع تحويل نهر الخاصة الى مشروع سياحي حيز التنفيذ في زمن محافظ كركوك السابق، نجم الدين كريم، من خلال اكساء طرفي النهر، الا ان المشروع توقف فيما بعد ولاسباب مالية.
"يقع منزلنا على ضفاف منزل نهر الخاصة بمنطقة سرجنار، كان من المقرر ان تبدأ الحكومة بتحويل النهر الى مشروع سياحي، ولكن النهر تحول الى مكب للنفايات" خالد كريم يقول ذلك.
والذي اثار سخط المواطنين، اكثر من رمي النفايات، هو حرق النفايات ليلا والذي يتسبب "بانبعاث غازات سامة ويستنشقها المواطنين وخصوصا الذين يقع منازلهم بالقرب من النهر، ويقولون بأن المواطن يتحمل ايضا جزءا من المسؤولية، لانك بعدما ترمي نفاياتك في النهر، لماذا تقوم باضرام النار فيها".
منذ بداية النهر وصولا الى مركز مدينة كركوك، اصبح نهر الخاصة مكبا للنفايات، اما الجزء الاخر من النهر، اصبح مكانا لتربية الجواميس، كما وبحلول المساء يقوم اصحاب المحلات باضرام النار في النفايات التي يرمونها في النهر، مما يتسبب بانبعاث غازات سامة ودخان سوداء يخيم على المناطق القريبة من الخاصة.
مدير بلدية كركوك، سردار علي حسن قال لـ (كركوك ناو) ان "مديرية ماء كركوك كانت لديها مشروع لتحويل الخاصة الى مكان سياحي، ولكن بسبب نقص الميزانية توقف المشروع فيما بعد".
كما وكانت البلدية لديها مشروع لتبليط شارعين على طرفي النهر وصولا الى قرية سونة كولي، وبعد عام 2013 توقف العمل في المشروع ايضا وبدأ المواطنين يقومون برمي نفاياتهم في تهر الخاصة.
وتابع مدير بلدية كركوك "على الرغم من اننا ننفذ حملات مستمرة لتنظيف ضفاف نهر الخاصة من النفايات ولكن كل ذلك لا تنفع بشيء، وفي حال عدم تنفيذ تلك المشروع سيكون النهر مكانا لرمي النفايات".
مواطن اخر من سكنة كركوك، يدعى عزيز خليل يعتقد بأن المواطن مجبر على رمي نفاياته في الاماكن العامة، "لان سيارات جمع النفايات التابعة للبلدية تأتي مرة واحدة بالشهر الى بعض المناطق".
"قامت الحكومة قبل سنوات بإكساء طرفي نهر الخاصة لاظهار جمالية النهر، ولكن تحول فيما بعد الى مكب للنفايات وتوقف العمل في المشروع"، ويضيف عزيز، وصل الامر بنا الى اننا لا نستطيع النوم داخل منازلنا في فصل الصيف بسبب الروائح الكريهة التي تنبعث من النفايات".
نهر الخاصة الذي يقارب طولة الـ 190 كم (16 كم منها في مركز مدينة كركوك)، كان بمثابة شريان الحياة في مدينة كركوك سابقا، خصوصاً للمَزارع الواقعة على ضفتيه، وعانى النهر من الاهمال الشديد في السنوات الماضية، حيث اصبح مكب للنفايات والتجاوزات الغير قانونية.
برزان لم ينهي من تدخين سيجارته، الا ان الدخان المنبعث من حرق النفايات من داخل نهر الخاصة، اجبره على ترك المكان وقال منتقدا "نحن سعداء بأننا نعيش في المدينة، ولكن قسما بالله لا يوجد فرق بينها وبين القرية بل وان القرى افضل حالا اقلها بامكانك استنشاق الهواء الصافي هناك".