الزواج هنا لن يكلفك الكثير، كل ما تحتاجه هو شخص يلتقط لك بعض الصور التذكارية باستخدام جهاز موبايل و ليس عن طريق الكاميرات المتطورة، و بدل احضار فرقة موسيقية يمكنك جلب جهاز (دي جي)، و الأهم هو أن مراسيم زواجك ستسير بهدوء دون سماع طلقات النار الاحتفالية.
هذه هي الشروط التي ينبغي على كل من ينوي الزواج التقيد بها في قرية بريج الواقعة جنوبي محافظة كركوك.
الشروط توصل اليها وجهاء و اشراف قرية بريج بعد عدة جلسات عُقِدت في تموز 2020، ناقشوا فيها الأزمات الحالية و بالأخص العراقيل المادية، و اتفقوا على جملة نقاط الهدف منها توفير التسهيلات للشباب و الشابات الراغبين بالزواج.
"نسعى منذ عامين لإيجاد حل للعوائق المادية التي تحول دون تمكن الشبان من الزواج، و في النهاية توصلنا الى أنه بالإمكان اتمام عملية الزواج دون الحاجة الى صرف مبالغ كبيرة"، هذا ما قاله الشيخ أبو صالح حمادة ذياب حنتو لـ(كركوك ناو).
نسعى منذ عامين لإيجاد حل للعوائق المادية التي تحول دون تمكن الشبان من الزواج، و في النهاية توصلنا الى أنه بالإمكان اتمام عملية الزواج دون الحاجة الى صرف مبالغ كبيرة
متحدثاً نيابةً عن أهالي القرية قال الشيخ ابو صالح "النقطة الأهم التي تضمنته قراراتنا تمثل في تقليل مصاريف الزواج و المهر الى مليوني دينار، و ذلك كان أقصى ما استطعنا تحديده، كان بودّنا تخفيض سقف المصاريف الى اقل من ذلك."
من الشروط التي تم تثبيتها للزواج في قرية بريج، أن لا يتجاوز المهر و المصاريف مليوني دينار، تصوير حفلة الزواج يتولاه شخص من أسرة العريس، خلاف ذلك سيتم تغريم من يقوم بالتصوير بمبلغ 500 ألف دينار، الغاء حفلة الخطوبة، منع احضار الفرق الموسيقية و الاكتفاء بجهاز (DJ)، تزيين العروس يتم في البيت و ليس في صالونات التجميل، بالإضافة الى ذلك سيُغرّم من يقوم بإطلاق عيارات نارية احتفالية بمبلغ 250 ألف دينار.
"نأمل أن تسير القرى الأخرى على خطانا لكي يتمكن شباننا من الزواج"، كما يقول الشيخ أبو صالح.
و تابع ممثل وجهاء قرية بريج قائلاً بأن أربعة شبان أبدوا جاهزيتهم للزواج عقب صدور القرارات و التسهيلات التي اتفقنا عليها، مشيراً الى أنهم بانتظار وصول عددهم الى ستة و تنظيم حفل زواج جماعي لهم.
قرية بريج تقع في منطقة الفتحة التابعة لناحية العباسية جنوبي كركوك، يبلغ عدد سكانها حوالي ثلاثة آلاف شخص، و تمثل الزراعة و تربية المواشي مصدر عيشهم الرئيسي.
الزواج هي عملية تأسيس حياة مشتركة بين شخصين و لا ينبغي أن يُثقل أحدهما كاهل الآخر
سرود أحمد، مسؤولة مكتب كركوك لجمعية الأمل العراقية قالت لـ(كركوك ناو) "نثمن الخطوات التي قام بها اهالي تلك القرية، لأن الزواج هي عملية تأسيس حياة مشتركة بين شخصين و لا ينبغي أن يُثقل أحدهما كاهل الآخر."
بالنسبة لـ(سرود) هناك عدد من الشروط المهمة في هذا النوع من الزواج، "أن تكون للمرأة حياة تليق بها، أن يكون لها كلمة في شؤون البيت و مستقبل العلاقة الزوجية، دون أن يتدخل ذوو الزوجين في حياتهما الخاصة."
وتؤكد سرود على ضرورة أن يقَدِّر الرجال تخفيض مصاريف الزواج و أن لا يستغلوا الأمر لتعدد الزوجات.
يواجه العراق منذ عدة سنوات ظروفاً اقتصادية و أمنية صعبة نتيجة لانخفاض اسعار النفط الذي يمثل مصدر الدخل الرئيسي للبلد، اضافةً الى التداعيات الكارثية التي خلفتها سنين من الاقتتال ضد الجماعات المسلحة، على رأسها تنظيم داعش.
الأزمات التي مر بها العراق والتي أضيف اليها ظهور جائحة كورونا، تسبب في فقدان فرص العمل، تردي الأوضاع المعيشية للمواطنين و ركود السوق.
الملا سامال جبار بازياني، مسؤول قسم المناسبات في الوقف السني بكركوك قال لـ(كركوك ناو) "العديد من الشروط و القوانين التي وضعها أهالي تلك القرية جيدة، مثل الغاء بعض مصاريف حفل الزواج، منها صالون التجميل و حفل الخطوبة، لكن المهر هو حق من حقوق المرأة و هي التي تقرر ذلك، لا يجوز أن تُجبَر على أن تقبل بالمليونَي دينار الذي حدده وجهاء القرية."
الملا سامال يعارض فكرة تحديد المهر، مع ذلك فلا ضير في ذلك ان اقتنعت المرأة بذلك دون ممارسة اية ضغوط عليها.
بعد التسهيلات التي أقرها وجهاؤها، تنتظر قرية بريج أن يتقدم عدد كبير من الشبان لتكوين الحياة الزوجية رغم الظروف الحالية.