حياة عائلة ايزيدية في صورتين..
خوناف قاسم: هذه الصورة غيرت حياتي

خوناف علي قاسم وأطفالها الثلاثة في صورتين فوتوغرافيتين، احداهما التُقِطَت في 2020 في ألمانيا والأخرى أثناء نزوحهم من سنجار في 2014

عمار عزيز

الحياة التي تعيشها خوناف قاسم الآن أشبه بالفردوس مقارنة باليوم الذي التُقِطت لها تلك الصور الفوتوغرافية التي جسّدت الجحيم الذي طال الايزيديين بأيدي مسلحي تنظيم داعش.

الفارق الزمني بين صورتين فوتوغرافيتين وحياتين مختلفتين ست سنوات، الأولى التُقِطَت في العراق والثانية في ألمانيا.

في الصورة الأولى تظهر امرأة ايزيدية تحمل طفلاً صغيراً وبرفقتها فتاتان مكسوّتان بالغبار وآثار الارهاق بادية عليهم، وهم يمضون قدماً في مقدمة قافلة من النازحين في احدى السهول القاحلة.

تأريخ التقاط هذه الصورة يعود الى التاسع من آب، 2014، في منطقة تقع بين قريتي دهولا ودوكري في قضاء سنجار، بالقرب من الحدود العراقية السورية.

"اليوم الذي التُقِطت فيه تلك الصورة كانت أشبه بجحيم، لم نكن نعرف الى اين نتَّجِه، كان يوماً عصيباً يصعب علي وصفه"، تقول خوناف قاسم، المرأة التي تظهر في الصورة.

ezidi-4

العراق، نينوى/ 9 آب 2014/ من اليمين: داليا، خوناف وهي تحمل ابنها سعد، زينا   تصوير: أرشيف وكالة رويترز

في ذلك اليوم كانت خوناف في الواحدة والثلاثين من عمرها، وابنها الصغير سعد في الثالثة من عمره، أما ابنتاها داليا وزينا فكانتا في السادسة والخامسة من عمرهما.

هذه العائلة نزحت من منطقة كرزك التابعة لسنجار بعد وصول داعش الى المنطقة في 3 آب، 2014، بعد ستة أيام وصلوا الى جبل سنجار غربي محافظة نينوى مشياً على الأقدام، وفي التاسع من آب توجهوا نحوسوريا.

أثناء تلك الهجرة القسرية، كان عدد من الصحفيين يقومون بنقل معاناة الايزيديين الى العالم، الى أن التقطت عدسات أحد المصورين صورة عائلة خوناف.

لم أتخيل أن تلك الصورة ستغير حياتنا في يوم من الأيام

"لم أتخيل أن تلك الصورة ستغير حياتنا في يوم من الأيام وأن يُكِنَّ الناس لنا الاحترام بسببها"، هذا ما قالته خوناف لـ(كركوك ناو).

بعد نزوحهم، وصل جميع أفراد عائلة خوناف بسلام الى بر الأمان.

wena

المكان الذي التقِطَت فيه الصورة الأولى، وهي منطقة تقع بين قريتي دهولا ودوكري شمال غربي قضاء سنجار في محافظة نينوى

في ذلك العام، ارتكب تنظيم داعش جرائم "إبادة" بحق الايزيديين واختطفوا ستة آلاف منهم لا يزال مصير قرابة نصفهم مجهولاً.

"بعد أن التُقِطَت لنا تلك الصورة، وصلنا الى سوريا، لكننا مكثنا فيها يوماً وليلة، توجهنا بعدها الى اقليم كوردستان وبعد 15 يوماً انطلقنا من هناك نحوتركيا"، حسبما قال سعيد يوسف (38 سنة) زوج خوناف، الذي أشار الى أنهم لم يعرفوا هوية المصور الذي التقط صورتهم، إلاّ أن الصورة أصبحت رمزاً وجلبت لهم يد العون.

العائلة توجهت الى تركيا بهدف الوصول الى احدى البلدان الأوروبية.

في تركيا، تعرفت علينا عائلة كوردية، قالوا لي أنتِ تلك الامرأة التي في الصورة

تقول خوناف "في تركيا، تعرفت علينا عائلة كوردية، قالوا لي أنتِ تلك الامرأة التي في الصورة، لم أصدق الى أن أروني الصحيفة التي عليها صورتنا."

بعد قرابة ست سنوات، التقطت خوناف وأطفالها الثلاثة صورة أخرى ونشروها في مواقع التواصل الاجتماعي لإظهار الفرق بين كلتا الصورتين.

xwnaf

ألمانيا، هانوفر/ تموز 2020/ من اليمين: داليا، خوناف، سعد وزينا بعد مرور ست سنوات على التقاط الصورة الأولى   تصوير: زوج خوناف

في الصورة الثانية، التي التُقِطت في المانيا في تموز 2020، تظهر خوناف مع أطفالها الذين كبروا وعلى وجوههم البسمة عوضاً عن الخوف والارهاق.

تقول خوناف "حتى في ألمانيا أكرَمَنا مسؤولو ذلك البلد بسبب تلك الصورة وأمَّنوا لنا كل شيء، مثل السكن والمصاريف."

بعد أن قضوا سنة وخمسة أشهر في تركيا، توجهت العائلة الى اليونان ومن هناك الى ألمانيا، منذ ذلك الحين تعيش هذه العائلة في منطقة بيركدوف في مدينة هانوفر.

سعيد يوسف عبر عن امتنانه للمساعدة التي حصلوا عليها في اقليم كوردستان وسوريا، "الحكومة الألمانية منحتنا المال والسكن، نعيش الآن حياة سعيدة خالية من المشاكل."

أطفال خوناف الثلاثة يدرسون الآن في ألمانيا، وقد زاد فرد آخر للعائلة بعد أن رزقوا بابنة ثالثة سموها ليزا، التي تبلغ من العمر ثلاثة شهور.

لا نريد أن ننسى الصورة الأولى ابداً، لذا علقناها على الحائط أملاً في أن يتم تعريف كارثة سنجار كجريمة ابادة جماعية وأن يتم تعويض جميع الايزيديين للتضحيات التي قدموها"، هذا ما قالته خوناف علي قاسم.

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT