كارثة سنجار وما تعرض له الايزيديون بالنسبة لأبناء ذلك المكوِّن ومعظم المسؤولين العراقيين يُنظر اليه كجريمة ابادة جماعية، لكن هذا المصطلح ما زال حبراً على ورق ولم يحظ باعتراف دولي.
في 3 آب 2014، جلب تنظيم داعش الويلات على أهالي سنجار، قتل المئات، خطف الآلاف من النساء والفتيات وشرّد مئات الآلاف من ديارهم، علاوةً على قيامهم بتخريب وتدمير المواقع الدينية المقدسة عند الايزيديين.
رغم مضي ست سنوات على تلك الكارثة، لم يتم الاقرار بجرائم داعش بحق الايزيديين كجرائم ابادة جماعية لا محلياً ولا على المستوى الدولي.
"اذا أردنا اين يتم الاعتراف بما حدث على أنها جرائم ابادة جماعية وأن تُعَوَّض عوائل الضحايا، ينبغي أن تُحَرَّك القضية في محكمة لاهاي أو محكمة دولية خاصة بكارثة الثالث من آب"، حسبما يقول حسو هورمي.
حسو، الذي يشغل منصب رئيس المؤسسة الايزيدية الدولية لمناهضة الابادة الجماعية ويعمل منذ سنوات على قضية الثالث من آب، قال لـ(كركوك ناو) "تشكيل محكمة دولية خاصة سيؤدي الى التسريع في الاعتراف بالجرائم التي ارتكبت كجرائم ابادة جماعية وفي نفس الوقت سيضمن تعويض ذوي الضحايا والمتضررين من الايزيديين في المستقبل."
بحسب متابعات تلك المؤسسة، أقرّت عشر برلمانات في العالم بالإبادة الجماعية التي تعرض لها الايزيديون غير أن ذلك لم يُتَرجم بعد الى قرار من قبل منظمة الأمم المتحدة.
دهوك/ آب 2020/ مراسيم ايقاد الشموع في ذكرى كارثة سنجار تصوير: خاص بـ(كركوك ناو)
حسو هورمي يؤيد فكرة اصدار قانون خاص من قبل البرلمان العراقي يتم بموجبه محاكمة المعتقلين من تنظيم داعش لا أن يحاكموا بتهم متعلقة بقانون مكافحة الارهاب.
لا يوجد في العراق قانون خاص بجرائم الابادة الجماعية، لكي تستخدم كإطار لتعريف قضية الايزيديين كإبادة جماعية.
وأضاف حسو "من الضروري تأسيس محكمة خاصة بالإبادة الجماعية للايزيديين، لكن الحكومة العراقية ليست مستعدة لتشكيل هذه المحكمة، ربما يعود سبب ذلك الى فضح الكثير من المسؤولين الكبار واثبات تقصيرهم في منع سقوط سنجار."
بعد هجومهم على سنجار قام تنظيم داعش بخطف ستة آلاف و417 ايزيدي، بينهم نساء وأطفال، حُرِّرَ حتى اليوم ثلاثة آلاف و530 ايزيدياً، بينهم أكثر من ألف امرأة وألفي طفل من كلا الجنسين، فيما لا يزال ألفان و887 شخصاً في عداد المفقودين، وذلك بحسب احصائيات مكتب تحرير المختطفين الايزيديين التابع لحكومة اقليم كوردستان.
رئيس الجمهورية العراقي برهم صالح في خطاب بمناسبة الذكرى السادسة لكارثة سنجار طالب المجتمع الدولي بأن "تتحمل مسؤوليتها في مساعدة العراق وتعويض المتضررين"، كما شدد على ضرورة تقديم الدعم الدولي لمتابعة جرائم داعش والتنسيق من أجل جمع الأدلة والوثائق ومحاسبة قيادات وعناصر داعش."
خلال هجمات داعش، قُتِلَ ألف و293 شخصاً من المكون الايزيدي على يد مسلحي التنظيم، كما تعرض 68 مزاراً دينياً ايزيدياً للتخريب والتدمير، وقد عُثِرَ لحد الآن على 80 مقبرة جماعية تحوي رفات الضحايا الايزيديين.
دهوك/ آب 2020/ استذكار كارثة سنجار في مزار شرف الدين تصوير: خاص بـ(كركوك ناو)
نيجيرفان بارزاني، رئيس اقليم كوردستان قال في بيان في الذكرى السادسة لفاجعة سنجار بأن اقليم كوردستان " سيعمل على الصعيد الدولي لإقرار هذه الجريمة كجريمة إبادة جماعية وذلك من خلال التعاون مع الأمم المتحدة وفريق يونيتاد، ومن ثم لتقديم المجرمين إلى المحاكم وتعويض الضحايا."
قبل أعوام، شُكِّلَت لجنة عليا في اقليم كوردستان للعمل على تعريف قضية الإبادة الجماعية للايزيديين.
حسين قاسم حسون، مستشار رئيس اقليم كوردستان قال في تصريح لـ(كركوك ناو) "خطونا خطوات جيدة عن طريق هذه اللجنة من حيث جمع المعلومات وتوثيق الأحداث، الا أن تداعيات كورونا والظروف المستجدة أجبرتنا على التوقف، لكننا سنستأنف جهودنا مرة أخرى."
باعتقاد حسي قاسم "هذه هي المرة الأولى في التاريخ" تولي فيها الدول الأوربية ذلك الاهتمام البالغ بالإبادة الجماعية التي طالت الايزيديين، نظراً لأن هذه القضية يتم متابعتها يومياً في برلمانات تلك الدول وهناك اعتراف دولي بالقضية."
في عام 2017، شكلت الأمم المتحدة لجنة لجمع الأدلة والمعلومات حول أحداث 3 آب، 2014.
"المشكلة تكمن في أن لجنة الأمم المتحدة ليس بمقدورها التعامل بصور قانونية مع المحاكم العراقية، لأنها ليست محاكم مختصة بجرائم الابادة الجماعية، لذا يجب اعادة تفعيل قانون المحكمة العليا للجرائم من قبل البرلمان"، حسبما أوضح حسين قاسم.
المحكمة الجنائية العراقية العليا شُكلَت في عام 2003 لمحاكمة مسؤولي النظام البعثي، وتم الغاؤها فيما بعد.
مستشار رئيس اقليم كوردستان أشار الى عدم وجود تعاون وتنسيق فيما يتعلق بقضية تعريف كارثة سنجار كجريمة ابادة جماعية، وذلك رغم مناشدة الاقليم لبغداد في أكثر من مناسبة.
في العام المنصرم، صادق برلمان اقليم كوردستان على مشروع قرار لتحديد يوم 3 آب كيوم الابادة الجماعية التي ارتكبت بحق الايزيديين، وطالب الحكومة العراقية بتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم.
هديا مراد حيدر، العضوة في برلمان كوردستان عن المكون الايزيدي قالت لـ(كركوك ناو) "ما آلمنا أكثر هو عدم تبني البرلمان العراقي لموقف بهذا الخصوص، كانوا يستطيعون على الأقل تحديد يوم الثالث من آب كيوم الابادة الجماعية للايزيديين."
وأضافت هديا بأن رئاسات اقليم كوردستان في اتصال وتشاور مستمر مع البلدان والمنظمات الدولية بهدف تعريف كارثة سنجار كجريمة ابادة جماعية.
نينوى/ 15 اذار 2019/ فتح اول مقبرة جماعية في قرية كوجوالتابعة لسنجار تصوير: كركوك ناو
"الحكومة العراقية مقصرة جداً،... لم يخطو أي خطوة مبشرة"، كما قالت هديا مراد.
تتضمن التحقيقات حول الابادة الجماعية للايزيديين، اضافة الى الصور والوثائق الفيديوية، التحقيق في المقابر الجماعية.
بدأت اللجان المختصة بفتح المقابر الجماعية، اعمال فتح اول مقبرة جماعية للضحايا الايزيديين في قرية كوجو التابعة لقضاء سنجار، في 15 اذار 2019. بعد انتشال رفاة 364 ضحية من 17 مقبرة جماعية تم ارسال رفات الضحايا الى مختبرات بغداد لغرض التعرف على هوياتهم.
اعداد الايزيديين في العراق كانت تقدر بحوالي 550 ألف شخص، تعرض 360 ألف منهم للنزوح، فيما هاجر 100 ألف آخرون خارج البلاد، وذلك وفقاً لإحصائية أعلنتها المديرية العامة لشؤون الايزيديين في حكومة اقليم كوردستان.
لا يزال معظم ايزيديي سنجار ونينوى نازحين، وقد حالَت قلة الخدمات الأساسية دون تمكنهم من العودة الى مناطقهم الأصلية، ويشكل الايزيديون نسبة 30% من مجموع 787 ألف نازح في اقليم كوردستان، حسب احصائية أعلنها مركز التنسيق المشترك للأزمات في حكومة اقليم كوردستان في شباط 2020.
