في آخر حديث لها مع والدتها عن طريق الهاتف، اشتكت سراب من العنف والضرب الذي تتعرض له من قبل زوجها، وطلبت منهم المجيء لنجدتها فوراً واعادتها الى بيت أبيها، لكنهم وجدوا ابنتهم في المستشفى وقبل أن يستفسروا منها عما حصل فارقت الحياة.
في ظهيرة الخامس عشر من آب الجاري، نُقِلَت سراب الى احدى مستشفيات مدينة كركوك متأثرة بحروق بالغة، بعد ساعتين من المكالمة التي أجرتها مع والدتها.
"خابرتني في الساعة العاشرة صباحاً، قالت أن زوجها ضربها بعنف ولا تريد أن تعيش معه، وطلبت ارسال شخص لأخذها من البيت"، هذا ما قالته والدة سراب، قسون حمادي كاظم، لـ(كركوك ناو).
قالت أن زوجها ضربها بعنف ولا تريد أن تعيش معه، وطلبت ارسال شخص لأخذها من البيت
بعد فترة قصيرة من النقاش في بيت والد سراب، حاولوا الاتصال بها أكثر من مرة لكنها لم تجب على الهاتف، بعد مرور ساعة أجابت أخت زوج سراب وقالت لهم بأنها في الحمام لهذا لا ترد على مكالماتهم، بعدها أُغلق الهاتف بصورة نهائية.
بعد مضي ساعة على المكالمة الأولى التي أجرتها سراب مع والدتها، وقبل أن يذهب أحد لإحضارها من البيت، تلقت والدة سراب مكالمة من رقم مجهول وكل ما قاله المتحدث هو أن "ابنتكم احترقت وهي الآن في مستشفى آزادي بكركوك."
"هرعنا الى المستشفى وتبين لنا أنها احترقت بالكامل، الأطباء أخبرونا بأن نسبة حروقها هي 100%"، حسبما قالت والدة سراب لـ(كركوك ناو).
سراب محمد (18 سنة)، تزوجت قبل تسعة اشهر بعد علاقة حب مع زوجها (أ.ر) ولم يكن لها اطفال.
محمد حمةلاو، والد سراب، قال ل_(كركوك ناو) "خلال الأشهر التسعة من زواجهما، دخلت سراب في مشاكل مع زوجها 12 مرة وكانت كل مرة تعود الى بيت عائلتها."
"كانت سراب وحيدة في المستشفى، أحضرها بعض الجيران الى المستشفى، لم يكن زوجها ولا أقارب زوجها موجودين هناك، بعد 20 دقيقة من ايصالها الى المستشفى فارقت الحياة."
كانت سراب وحيدة في المستشفى، أحضرها بعض الجيران الى المستشفى، لم يكن زوجها ولا أقارب زوجها موجودين هناك
والد سراب وجّه اصابع الاتهام لصهره وأقارب صهره، وقيّد شكوى ضدهم في مركز شرطة دوميز.
يقع منزل سراب في الحي العسكري بكركوك.
مصدر في شرطة كركوك، آثر عدم الكشف عن اسمه بسبب عدم تفويضه بالتصريح، قال لـ(كركوك ناو) "الحادثة وقعت في منزلها، كان زوجها موجوداً بالبيت، لكنه لم يحاول مساعدة سراب بإخماد النار."
بعد ايام، وفي ليلة 19 آب، ألقت شرطة كركوك القبض على زوج سراب، (أ.ر)، كمتهم رئيسي في الحادث.
"أثناء التحقيق قال زوج سراب بأنه اتصل بالإسعاف لكي ينقلوا زوجته الى المستشفى لكن أخته لم تسمح له بمرافقتها الى المستشفى بحجة أنه سيتعرض للمشاكل"، بحسب المصدر.
حالياً أُدرِجت أخت زوج سراب ضمن المتهمين وقد أُصدر امر بإلقاء القبض عليها.
المصدر أضاف بأن زوج سراب حينما اتصل بعربة الاسعاف "كانت عربته الخاصة أمام المنزل وكان باستطاعته نقلها الى المستشفى على وجه السرعة"، وتابع المصدر قائلاً "خلال التحقيقات قال زوج سراب بأنه منتسب في قوات الحشد الشعبي، الا أن المتابعات أظهرت أنه لم يكن صادقاً، وأنه عامل بناء."
قضية سراب، واحدة من عشرات قضايا العنف الأسري التي سُجِّلَت خلال الأشهر الفائتة من الحجر المنزلي المفروض جراء تفشي فيروس كورونا."
وفقاً لإحصائيات وزارة الداخلية العراقية، وصلت القضايا المتعلقة بالعنف الأسري الى أكثر من خمسة آلاف حالة خلال الأشهر الستة الأولي من هذا العام، كانت عدد حالات العنف الممارسة من قبل الزوج ضد الزوجة ثلاثة آلاف وستمائة حالة، في المقابل تجاوز عدد حالات عنف الزوجة بحق الزوج 450 حالة.
سجاد جمعة، مدير مكتب كركوك لمفوضية حقوق الانسان في العراق قال لـ(كركوك ناو) "منذ بدء العام 2020 لحد الآن، سُجِّلَت عندنا أكثر من 150 قضية متعلقة بالعنف الأسري في كركوك، ونحن واثقون من أن هناك حالات أخرى لم يتم ابلاغ الجهات المعنية عنها."
منذ بدء العام 2020 لحد الآن، سُجِّلَت عندنا أكثر من 150 قضية متعلقة بالعنف الأسري في كركوك
وعَزا سجاد جمعة تفاقم المشاكل الأسرية الى "تردي الظروف المعيشية وأمور متعلقة بالناحية التربوية ضمن اطار العائلة."
في الوقت الحاضر، لا توجد مراكز خاصة لإيواء النساء المعرضات للتهديد في كركوك، في حين أن الدستور حرّم جميع أنواع العنف الأسري، لكن لم يتم لحد الآن إقرار قانون خاص بهذه القضايا.
مشروع قانون مناهضة العنف الأسري قد تم تقديمه للبرلمان العراقي ومن المقرر أن يحدد القانون، بعد إقراره، سلسلة من الإجراءات لتقليل حالات العنف وتأسيس محكمة خاصة لحسم مثل هذا النوع من القضايا، اضافةً الى فتح مراكز خاصة لإيواء النساء المعرضات للتهديد.