من سيراليون الى كركوك
السيدة التي جاءت بحثاً عن العمل فوجدت نفسها في الشارع

كركوك/ أيلول 2020/ آلاما جواكا (27 سنة) من جمهورية سيراليون جنوب غربي قارة افريقيا   تصوير: كاروان الصالحي

كاروان الصالحي – كركوك

 بأمل كسب لقمة العيش و تأمين حياة كريمة، قطعت آلاما جواكا آلاف الكيلومترات و وصلت الى بغداد، لكنها الآن بدون جواز سفر أو أية وثيقة، تنتظر عطف الحكومة عسى أن يعيدها الى بلدها الأم.

هذه الامرأة، من جمهورية سيراليون الواقعة جنوب غربي قارة أفريقيا، جاءت الى العراق عن طريق شركة، و قبل عدة اشهر عملت كخادمة في احدى المنازل ببغداد، قبل أن يصل بها المطاف الى كركوك.

"تعرضت للتعذيب من قبل صاحب المنزل و شخصين آخرين، بعد ذلك جاؤوا بي الى هذه المدينة و تركوني هنا"، هذا ما قالته آلاما جواكا (27 سنة).

عُثِر على آلاما على قارعة احدى الشوارع الرئيسية في كركوك و تم انتشالها من قبل القوات الأمنية.

أخذوا كل ما كنت أملك من مال، حتى أنهم أخذوا جواز سفري

"أخذوا كل ما كنت أملك من مال، حتى أنهم أخذوا جواز سفري".

تقول آلاما بأن كل ما تعرفه هو أنها أُحضِرت الى بغداد و استقرت في ذلك المنزل، دون أن تذكر اسم الشركة أو الاسم الكامل للعائلة التي عملت لهم (بحجة أنها لا تعرف شيئاً).

آلاما متزوجة و لديها ابنتان، تقطن عائلتها في منطقة فريتاون في سيراليون.

"عملت لتلك العائلة مقابل أجر شهري مقداره 240 دولار، اخترت هذا العمل لتأمين معيشتنا"، آلاما ناشدت باكيةً الجهات المعنية لحل معضلتها.

القوات الأمنية في كركوك فتحت ملفاً للتحقيق في قضية هذه الامرأة و هي حالياً بصدد الوصول للمعلومات.

(كركوك ناو) حاولت على مدار يومين أخذ تصريحات من الجهات الأمنية دون أن تحصل على اجابة.

 بعد أخذ اقوالها في مركز شرطة القورية، تم تسليم آلاما جواكا لمختار احدى أحياء كركوك.

"شرطة القورية قالت بأن هذه الامرأة تعرضت للتعذيب و ليس لديها اية وثائق، و طلبوا مني ايواءها في منزلي لعدة ايام لحين حسم قضيتها"، حسبما قال ياور الاويردي، مختار حي الخاصة بكركوك و أحد الشخصيات الاجتماعية المعروف بأعماله الخيرية و الانسانية.

بسبب التعذيب التي تعرَّضَت له لا تستقر على أي شيء تقوله

 ياور ذكر بأن "هذه الامرأة كانت مذعورة، و هي تمكث في منزلنا منذ اربعة ايام، بسبب التعذيب التي تعرَّضَت له لا تستقر على أي شيء تقوله"، و أوضح بأنها تجهل كل شيء عن العراق و لا تدرك أين كانت بالتحديد.

لا توجد آثار بادية للتعذيب على ملامح آلاما جواكا و لم تقم الجهات الأمنية بإرسالها للمستشفى للكشف الطبي.

 "تارةً تقول أنها كانت تعمل في كركوك و تارةً أخرى في بغداد... حتى أننا أخذناها الى المكان الذي رُميَت فيه بالقرب من مبنى المحافظة، لكنها لم تجرؤ على النزول من المركبة."

مختار حي الخاصة اشار الى أنه حاول مساعدة آلاما لحين حسم قضيتها، "هي تمكث الآن مع زوجتي و بناتي، وفرنا لها الملابس و بعض الاحتياجات."

و قال ألاويردي "صحيح أن هذا عمل انساني و الجميع يحب مد يد العون للناس، لكن ليس من المنطقي أن تتصل الشرطة بي حالما تحصل مشكلة كهذه و ترمي المسؤولية على عاتقي، لدي أطفال أعتني بهم، وضعي المعيشي لا يسمح لي بالاعتناء بهم لمدة طويلة."

allama (3)
كركوك/ أيلول 2020/ آلاما جواكا تمكث في منزل مختار حي الخاصة ياور ألاويردي لحين حسم قضيتها   تصوير: كاروان الصالحي

خلال هذا العام، أودعت الشرطة أطفالاً مشردين عند مختار الخاصة في مناسبتين، في المرة الأولى أحضروا ثلاثة اطفال من عائلة واحدة انتُشِلوا من احدى شوارع كركوك، و في المرة الثانية سلموا الاويردي طفلاً، و لبثوا في منزله عدة أشهر قبل أن تحسم المحكمة قضاياهم.

لا توجد في كركوك و المناطق الأخرى المتنازع عليها مراكز لإيواء النساء المشردات أو المعرّضات للتهديد.

سجاد جمعة، مسؤول مكتب كركوك للمفوضية العليا لحقوق الانسان في العراق قال لـ(كركوك ناو) "هناك العديد من الأجانب ممن جاؤوا من أفريقيا و الدول الأخرى للعمل في هذه المدينة، لا توجد جهة محددة تشرف عليهم"، و تساءل سجاد "كيف و بأية طريقة وصلوا للعمل هنا؟"

و تابع سجاد بأن عدم وجود مراكز لإيواء الأشخاص المشردين، المهددين و الأطفال المحرومين من الرعاية أمر مؤسف و مثير للقلق.

من المفروض أن تقوم الحكومة بتخصيص مراكز لإيواء الأشخاص المشردين

سجاد أعرب عن تأييده لاستياء مختار حي الخاصة و يعتقد بأنه ليس من المعقول ايداع هؤلاء الأشخاص عند مختار الحي لحين حسم قضاياهم.

"من المفروض أن تقوم الحكومة بتخصيص مراكز لإيواء الأشخاص المشردين، يجب أن تقوب بانشاء مبنى أو تأجير منزل، لا يمكن أن تتنصل الحكومة من المسؤولية و تلقيها على عاتق المواطنين."

منذ بدء هذا العام لغاية شهر آب، سُجِّلَت أكثر من 150 قضية متعلقة بالعنف في مكتب كركوك للمفوضية العليا لحقوق الانسان.

تشير الإحصائيات الرسمية  للحكومة العراقية الى تزايد العنف خلال أشهر الحجر المنزلي و حظر التجوال المفوض في اطار الاجراءات الوقائية للحد من انتشار فيروس كورونا و وصل عدد القضايا المسجلة في الأشهر الستة الأولي من عام 2020 الى أكثر من خمسة آلاف قضية.

عمل الأجانب الوافدين قد تم تنظيمه بموجب قانون العمل في العراق و الذي يشترط حصولهم على اجازة العمل، حق الاقامة و دفع جميع المستحقات المالية و القانونية، بخلاف ذلك، و في حال انتهاك بنود القانون، سيتعرضون لعقوبات مالية.

 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT