"مزاولة الرجل للإعلام والصحافة في نينوى امر في غاية البساطة مقارنة بالانثى، فهي مقيدة بالعادات والتقاليد من المجتمع والاهل"، هذا ما قالته مقدمة البرامج التلفازية ياسمين محمد.
بالإضافة إلى المشاكل الأمنية والاستهداف المتكررة للعاملين في مجال الاعلام، فالانثى في نينوى عليها ان تواجه تحديات أخرى كقيود المجتمع والعادات العشائرية.
وعزت محمد انخفاض اعداد الاناث اللواتي يعملن في مجال الصحافة والاعلام بمحافظة نينوى إلى تلك التحديات.
النطرة السلبية
"النظرة السلبية للمجتمع في نينوى أبرز المعوقات التي تواجه الانثى العاملة في الاعلام والصحافة، لذلك يفكر أغلبهن بالانسحاب والتخلي عن المهنة تجنباً للضغوطات والمشاكل التي تزرع في طريقها"، تضيف محمد.
ووجهت رسالة الى جميع الاناث العاملات في مجال الصحافة والاعلام مفادها ان تكون "صاحبة ارادة قوية"، ولا تسمح لنفسها التفكير بالتخلي عن مهنة الصحافة بسبب النظرة السلبية لبعض "الفاشلين" او قيام مدير قناة معين بمساومتها مقابل العمل.
ياسمين محمد وخلال مسيرتها الإعلامية تعرضت للمضايقات حالها حال جميع الصحفيات، فعندما تنزل الى الشارع لتصوير تقريراً إعلامياً تجد ان جميع الناس "لا تغض البصر وكانه هناك خطا ما حولها"، وتعرضت كذلك لمساومات من قبل شخصيات معينة مقابل العمل لكنها رفضت وبحثت على عمل اخر في مكان محترم.
"فمن الطبيعي ان تتعرض الانثى لمواقف محرجة اثناء ادائها لعملها، لكن هذا لا يعني ابدا منعها من ممارسة مهنة الصحافة، فالعمل الصحفي اوسع من ان يختصر لدى مدير او دائرة معينة فالدنيا كبيرة يمكنكِ من ايجاد مكانا لكي فيه".
الطابع العشائري للمجتمع
"لا يزال مجتمعاتنا يغلبها الطابع العشائري الذي يفرض التقاليد والعادات التي لا تسمح للنساء التحرك بحريتهن والتواصل بشكل واسع، لهذا نلاحظ عدد الصحفيات جدا قليل خاصة في مجتمع نينوى"، حسب قول مدير وكالة عين الأقليات عماد قصي عباس.
وأشار إلى ازدياد اعداد الصحفيات في الفترة الأخيرة في نينوى، ولكن ليس بـ"العدد المطلوب" موكداً ان وجودهن اهمية "كبيرة" في مجال الصحافة، كونهن يساهمن في نقل معاناة النساء، وخاصة اللواتي يتعرضن للعنف.
وفي السياق ذاته، تحدثت احدى طالبات قسم الاعلام من جامعة الموصل هاجر علي لـ(كركوك ناو) ان ممارسة الانثى للصحافة في محافظة نينوى "امر في غاية الصعوبة".
وأشارت إلى ان هناك عوائل "منغلقة" لا تساند البنت للوصول الى مركز ومكانه يليق بطموحها او حماسها بـ"حجة الدين والعادات والتقاليد التي تحكم الشارع الموصلي اكثر مما يحكمه العقل".
هناك عوائل "منغلقة" لا تساند البنت للوصول الى مركز ومكانه يليق بطموحها او حماسها بـ"حجة الدين والعادات والتقاليد"
ودعت إلى تفعيل برامج توعوية بقضايا الانثى وحقوقها ومراعاة حماسها وطموحاتها، وإقرار القانونين التي تجعل تعليم الإناث اجبارياً مما يمنع ذلك "ذوو العقول الضيقة من التحكم بمصير الاخرين".
اعدادهن قليلة
"أثبتت المرأة الصحفية في نينوى جدارتها في العمل الإعلامي، إلا أن نسبة تواجدها قليلة مقارنة بالذكور" حسب قول مستشار محافظ نينوى علي شمو، ولفت إلى حضورها يقتصر على التقديم والتحرير بعيداً عن الأشراف والإخراج.
أثبتت المرأة الصحفية في نينوى جدارتها في العمل الإعلامي، إلا أن نسبة تواجدها قليلة مقارنة بالذكور
وعبر لـ(كركوك ناو) عن حاجة الوسط الإعلامي في المحافظة الى تأهيل الصحفيات وفق برنامج تدريبي وورش عمل لتكن مؤهلة للعمل ضمن كافة مفاصل الإعلام.
وعزا سبب قلة الصحفيات في نينوى إلى النظرة المجتمع الدونية للمرأة الصحفية بحجة الخروج عن التحفظ المجتمعي ودخول مجال التحرر وهذا مخالف للعادات والتقاليد المجتمعية حسب برأي بعض المتشددين.
وأضاف إلى ذلك تقصير وزارة الثقافة بعدم تنفيذ برامج تهتم بالمرأة الصحفية وسوء الاوضاع الأمنية وقلة المؤسسات الإعلامية في المحافظة.
وفي ظل عدم وجود احصائيات رسمية لاعداد الصحفيات في نينوى لكن مصدرين صحفيين ذكرا لـ(كركوك ناو) ان هناك ما يقارب 15 انثى تمارس بـ"صورة فعالة" مهنة الصحافة والإعلام في نينوى مقابل 200 من الذكور.
نظرة تحدي
"المعوقات امام الصحفيات في نينوى ليست جديدة، فقد واجهتهن من قَبل اللواتي مارسن مهنة الصحافة قبلنا، والكثير منهن استطعن النجاح، وها نحن على خطاهن"، هكذا تحدث الصحفية سنان سمير.
واضافت لـ(كركوك ناو) ان "البكاء والاستسلام لن يجدي نفعا ولن يوصِلنا الا لكل ما هو سيئ، ليس امامنا الا المواجهة والتحمل (..) فليس من المعقول ان تطالب الانثى بحقوقها وهي جالسة في المنزل".
ياسمين محمد توكد على ضرورة استمرار الاعلاميات في محافظة نينوى بعملهن، لان وجودهن يعني مساعدة النساء الاخريات على حل مشاكلهن، فالأنثى سوف تستطيع ايصال المعاناة الحقيقية عن المرأة بحكم انها تفهم تفاصيل دقيقة قد تكون غائبة عن الاعلام، وتستطيع ان تلفت الانتباه للقضايا التي قد تكون "حرجة" بحكم العادات والتقاليد.