تدخل المكونات والجهات السياسية في كركوك في صراع محتدم من أجل تشتيت أصوات بعضهم البعض و حشد أصواتهم و ذلك بعد أن وُزِّعَت محافظة كركوك الى ثلاث دوائر انتخابية.
في كانون الأول 2019، صادق البرلمان العراقي على قانون انتخابات مجالس المحافظات، باستثناء الفقرة الخاصة بـ"الدوائر الانتخابية المتعددة" و المقاعد البرلمانية، التي لا تزال محل جدال بين الكتل السياسية بالأخص في محافظة كركوك.
بالرغم من أنه كان من المقرر حسم تلك الفقرة في البرلمان في العاشر من هذا الشهر لكن المسألة تأجلت الى اشعار آخر، منذ ذلك الحين تقوم كل جهة سياسية بمناقشة خياراتها حول كيفية توزيع الدوائر حسب مصالحها مع أخذ عدد أصواتهم في المناطق المختلفة بنظر الاعتبار.
الاتحاد الوطني الكوردستاني و الحزب الديمقراطي الكوردستاني، حزبان و تَوَجُّهان
الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي حصد أغلبية مقاعد كركوك في الدورات البرلمانية الأربع السابقة يصر على توجهه بشأن الدوائر الانتخابية الثلاث التي قُسَّمَت اليها كركوك.
علي قلايي، مسؤول قسم الانتخابات في مركز تنظيمات كركوك للاتحاد الوطني الكوردستاني قال لـ(كركوك ناو) "لدينا أربع الى خمس خيارات للدوائر الانتخابية الثلاث، بصورة عامة نعتقد بأن تعدد الدوائر يصب في مصلحتنا... نريد الاستفادة من المقاعد في الدوائر الانتخابية داخل أو خارج المدينة."
احدى خيارات الاتحاد الوطني الكوردستاني هي أن تكون ناحيتا ليلان و قرهنجير اضافة الى عدد من أحياء مركز مدينة كركوك، مثل بنجا علي، باروتخانة، الاسكان و امام قاسم دائرة انتخابية واحدة.
في هذه الحالة يتوقع الاتحاد الوطني الكوردستاني الفوز بجميع مقاعد هذه الدائرة، استناداً الى نتائج الانتخابات السابقة.
الخيار الآخر يتمثل في أن تكون نواحي شوان، بردي (آلتون كوبري)، تازة، الى جانب أجزاء من مركز المدينة مثل رحيماوا، ألماس، تبة وصولاً الى مبنى محافظة كركوك دائرة انتخابية واحدة، أي أن تكون أصوات تلك المناطق ضمن قسم من مركز مدينة كركوك.
من جهة أخرى، يحرص الاتحاد الوطني الكوردستاني على خيار آخر و هو أن يكون قضاء كركوك المركزي مع كل من قضاءي داقوق و الدبس دائرة انتخابية واحدة، باستثناء قضاء الحويجة التي يفضلون أن تكون دائرة انتخابية منفصلة.
"اذا كان نصيب الأقضية الواقعة في أطراف كركوك ثلاثة أو أربعة مقاعد، سنستطيع الفوز بمقعد واحد، في الخيارين الأول و الثاني يمكننا الفوز بخمسة مقاعد و سننافس على مقعد سادس... بصورة عامة، نطمح للفوز بسبعة مقاعد حسب تقديراتنا"، حسبما قال علي قلايي.
بصورة عامة، نطمح للفوز بسبعة مقاعد
بهذه الخيارات، سيحافظ الاتحاد الوطني الكوردستاني على أصواته و في نفس الوقت سيشتت أصوات منافسيه.
لكن الحزب الديمقراطي الكوردستاني مصمم على أن يكون مركز مدينة كركوك دائرة انتخابية واحدة، و الدائرة الانتخابية الثانية متمثلة بقضاء الحويجة لوحده، أما بقية الأقضية و النواحي فتصبح دائرة انتخابية منفصلة.
في هذه الحالة سينافس الحزب الديمقراطي الكوردستاني للظفر بأصوات مركز المدينة من جهة و أصوات الأقضية و النواحي من جهة أخرى.
و أوضح علي قلايي بأن "خيار الحزب الديمقراطي الكوردستاني ليس في مصلحة الكورد و لا الاتحاد الوطني الكوردستاني و سيؤدي الى تشتت اصوات الكورد."
كوتا النساء أفسد لعبة التركمان
وجهة النظر السائدة في البداية كانت توزيع محافظة كركوك الى دائرتين انتخابيتين، احداها مركز المدينة و الأخرى تتألف من الأقضية و النواحي، و ذلك ما كان يفضله التركمان مقارنة بالدوائر الانتخابية الثلاث.
لكن قضية تخصيص ثلاثة مقاعد كوتا للنساء افسد اللعبة، حيث تم بسببها تقسيم المحافظة الى ثلاث دوائر انتخابية مع مقعد كوتا للنساء في كل دائرة. هذا الأمر سيؤثر على تشتيت أصوات التركمان.
أحمد رمزي، مسؤول قسم الانتخابات في الجبهة التركمانية قال لـ(كركوك ناو) "لا نريد في الوقت الحاضر لا نريد اعلان أي من خياراتنا لوسائل الاعلام... شكّلنا غرفة عمليات بالاشتراك مع ممثلي التركمان في بغداد و نعمل جدياً على هذه القضية."
"في البداية حاربنا من أجل أن تكون المحافظة دائرة انتخابية واحدة، لو كانت دائرتين لكان افضل، لم نكن أبداً نؤيد تقسيم المحافظة الى ثلاث دوائر، لكنه أصبح أمراً واقعاً و نحن الآن بصدد مناقشة كيفية توزيع مناطق كركوك على الدوائر الانتخابية."
العرب لم يصلوا الى قرار
المكون العربي، الى جانب صراعهم مع القوميات الخرى، يعاني من تشتت صفوفه، حتى أن بعضهم يحاربون من أجل توزيع الدوائر على اساس جغرافيا العشائر و القبائل.
حاتم الطائي، المتحدث باسم المجلس العربي في كركوك – أحد قادته هو محافظ كركوك وكالة راكان سعيد- يقول بأنهم لم يحددوا موقفهم بعد لذا لا يستطيعون الدخول في تفاصيل توزيع الدوائر الانتخابية.
رغم كل شيء، من المرجح أن يستفيد المكون العربي من توزيع المحافظة الى ثلاث دوائر انتخابية بسبب وجود مناطق مغلقة، مثل قضاء الحويجة، و ذلك اذا تمكن من حسم الدوائر الأخرى لصالحه حسب توزيع أصواتهم.
و تابع حاتم الطائي قائلاً "اذا تبين لنا فيما ان كان التوزيع على اساس إداري أو حسب المراكز الانتخابية، حينها ستتضح الأمور لنا أكثر."
و يرى الطائي بأن على البرلمان في البداية توضيح كيفية التوزيع بالنسبة لجميع المحافظات، لا أن يتم ذلك حسب مزاج الأحزاب و المكونات، مشدداً على ضرورة أن يكون هناك مبدأ واحد للتوزيع، لا أن تُطَبّق آلية مختلفة في كل محافظة.
"مشكلة توزيع الدوائر ليست قومية فقط، هناك بعض الجهات التي تريد أن تتواجد قبيلة ما في كل دائرة انتخابية، بهذا يتضح لنا بأن الصراعات وصلت الى حد القبلية"، كما اشار حاتم الطائي.
و يأتي هذا الصراع في الوقت الذي يدخل المكون العربي الانتخابات المقبلة منقسماً على جبهتين تنتمي احداها لعشيرة الجبوري و الأخرى لعشيرة العبيدي.
وفقاً للمعلومات التي حصلت عليها (كركوك ناو)، يؤيد قسم من العرب فكرة أن يكون قضاء داقوق مع مركز مدينة كركوك و قضاءي الحويجة و الدبس دائرة انتخابية واحدة، هذا الخيار ينال نسبياً استحسان التركمان بسبب وجود ناخبين تركمان في قضاء داقوق.