كورونا و الحياة داخل المخيم، معاناة مضاعفة للنازحات

نينوى/ آذار 2019/ عرض لوحة تعبر عن العنف الممارس ضد المرأة خلال تجمع نسائي في ناحية سنوني التابعة لقضاء سنجار    تصوير: ابراهيم ايزيدي

عمار عزيز – نينوى

وسط مصاعب الحياة داخل المخيم، قضت سارا معظم أيامها بالمشاحنات و العنف بعدما اضطر زوجها للمكوث في المنزل.

الذي حرم زوج سارا من ممارسة عمله اليومي كان حظر التجوال المفروض بسبب جائحة كورونا، أما من دفع الضريبة فكانت سارا.

تقول سارا "فترة الحجر المنزلي و حظر التجوال كانت صعبة و مريرة بالنسبة لي، لأن زوجي كان يعاملني بصورة سيئة في تلك الفترة."

سارا، وهو اسم مستعار لامرأة نازحة في احدى مخيمات محافظة دهوك، قالت لـ(كركوك ناو) "كان زوجي يعاملني بفظاظة لأنه كان يرزح تحت ضغط كبير، حيث أُجبِر على المكوث في البيت دون عمل أو مال."

كلما طلبت سارا من زوجها توفير احدى الاحتياجات المنزلية لها كان من البديهي أن ينتهي الأمر بمشادة بينهما، لأن زوجها كان يفقد اعصابه بسبب عدم امتلاكه للمال الكافي لشراء تلك الاحتياجات.

"متى ما اضطر زوجي للبقاء في البيت و عدم الخروج للعمل، تحدث مشادة في ذلك اليوم"، رغم ذلك لم تسجل سارا أي شكوى ضد زوجها جراء العنف الذي تعرضت له خلال الأشهر السابقة.

"ليس بمقدوري تحمل الضغوط و المشاكل الى الأبد، متى ما أدركت بأن الظروف ستسوء اكثر سأوصل شكواي للجهات المعنية."

camp-11

دهوك/ آب 2020/ عزل احدى مخيمات النازحين بسبب مخاطر تفشي فيروس كورونا   تصوير: كركوك ناو 

بحسب متابعات المنظمات و الناشطين، تفاقمت حالات العنف الأسري خلال فترة الحجر المنزلي و عصر الكورونا، لكن لا توجد احصائية دقيقة تثبت ذلك، بسبب توقف الدوام و قلة عدد الشكاوى المسجلة والمتعلقة بالعنف الأسري.

سوزان خوديدا خلف، محامية و ناشطة في مجال حقوق المرأة و الطفل، قالت لـ(كركوك ناو) "حسب متابعاتي الشخصية، معدلات العنف الأسري بين النازحين ازدادت منذ شهر شباط، استطيع القول بأننها وصلت الى الضعف و أغلبها كانت حالات اعتداء بالضرب."

في اطار الاجراءات الوقائية لدرء مخاطر تفشي فيروس كورونا فرضت الحكومة العراقية و حكومة اقليم كوردستان منذ شهر آذار الماضي سلسلة من الاجراءات تمثلت في حظر التجوال و الحجر المنزلي، مما أجبر العديد من الناس على البقاء في منازلهم.

"معظم النازحين يعملون بأجور يومية، اذا حرموا من ذلك فسوف يدخلون في مشاكل مع أزواجهم على أبسط الأشياء، و قد تتفاقم المشاكل لتصل أحياناً ال حد الاعتداء بالضرب"، كما قالت المحامية سوزان.

معدلات العنف الأسري بين النازحين وصلت الى الضعف

أغلب النازحين يقيمون في المخيمات منذ أكثر من ستة أعوام، و تشير احصائيات حكومة اقليم كوردستان الى أن أكثر من 700 ألف نازح لم يعودوا بعد الى ديارهم.

"اخوة زوجي يضربونني، أتعرض الى الشتائم و الاهانات أغلب الوقت في ذلك المنزل، وضعي سيء لدرجة لا أستطيع التفكير فيما أفعل"، هذا ما قالته شوبو.

شوبو اسم مستعار لامرأة نازحة تعيش مع طفليها في منزل حماها و ذلك بعد أن هاجر زوجها من العراق صوب أوروبا قبل عامين.

تزوجنا خارج المحكمة، لحد الآن ليس لدينا عقد زواج موثَّق من المحكمة، باستثناء الجهة الدينية، لذا فإن أطفالي لا زالوا محرومين من بطاقة الأحوال المدينة و الجنسية العراقية و لا يستطيعون الالتحاق بالمدارس."

شوبو أوصلت مشاكلها الى احدى المنظمات و حصلت على وعود بحل مشاكلها، بالأخص ما يخص استصدار الوثائق الرسمية لأطفالها، "لا استطيع تقديم شكوى حول العنف الذي أتعرض له، كل ما أستطيع فعله هو انتظار عودة زوجي."

وفقاً لإحصائيات وزارة الداخلية العراقية، كانت هناك  أكثر من خمسة آلاف قضية عنف أسري في الأشهر الستة الأولى من عام 2020، معظمها حدثت أثناء فترة الحجر المنزلي.

shrya camp
دهوك/ 2020/ مخيم شاريا الذي يأوي ناوحي سنجار   تصوير: كركوك ناو

آرام محمد، مسؤول دائرة مناهضة العنف ضد المرأة و الأسرة في دهوك قال لـ(كركوك ناو) "في الأشهر الستة الأولى وردتنا 975 شكوى، من ضمنها شكاوى من قبل النازحين، لكننا لم نقم بفرزها"

رغم وجود فروع لدائرة مناهضة العنف داخل المخيمات الا أن القسم الأكبر ممن تعرضوا للعنف لم يتقدموا بشكاوى.

حول ذلك قال آرام "حدثت حالات عنف أسري لكنها لم تصل الى معدلات عالية، رغم عدم تمكننا من ممارسة مهامنا خلال الحجر المنزلي لكننا نعلم بأن العلاقات الأسرية كانت بصورة عامة جيدة."

التصريح يتناقض مع بيان لمنظمة الأمم المتحدة أكدت فيه على ازدياد حالات العنف الأسري في كافة دول العالم ثناء الحجر المنزلي و بداية تفشي فيروس كورونا.

في نيسان 2020، عبرت الأمم المتحدة في بيان عن قلقها بسبب تصاعد جرائم العنف القائم على النوع الاجتماعي في العراق و قالت انها وصلت حداً وصفته بـ"ناقوس الخطر".

لم اقدم شكوى شكوى حول العنف الذي أتعرض له

سوزان سفر اسماعيل، مديرة منظمة داك للتنمية قالت لـ(كركوك ناو) "منذ شهر كانون الثاني 2020 لغاية آب، وصلتنا 312 قضية لنساء كن بحاجة الى دعم قانوني و نفسي، 179 منها كانت قضايا عنف أسري في احدى الأقضية التابعة لدهوك."

المنظمة تعمل على توفير الدعم للنساء اللاتي يحتجن المساعدة بالأخص النازحات خارج المخيمات.

"أي امرأة تتعرض لعنف اسري، بإمكاننا تأمين محامٍ لها أو التكفل بمصاريف المحاكمة، أي أننا نقدم لهن الدعم و نبقى الى جانبهن لحين حسم مشاكلهن"، حسبما قالت سوزان.

يوجد في اقليم كوردستان قانون خاص بمناهضة العنف الأسري و هناك مساعي في البرلمان العراقي لإقرار مشروع قانون مماثل.

مشروع قانون مناهضة العنف الأسري يُلزِم الحكومة بفتح عدد من المراكز الآمنة في بغداد و المحافظات الأخرى لحماية و ايواء ضحايا العنف الأسري، كما ينص على وضع عقوبات لمرتكبي العنف، تعويض المتضررين و توفير الحماية للضحايا.

 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT