محمد جباري، المعلم الذي كُبَّلَ الى سرير زوجته المتوفية في مستشفى كركوك العام، يماطلون في اعطاءه شهادة وفاة زوجته منذ أربعة اشهر، بل ان الحكومة وضعت يدها على شقته فيما المتهمون في القضية يتجولون بحرية.
تعود قضية محمد جباري الى 12 تموز 2020، عندما دخل في مشادة مع العاملين في مستشفى كركوك العام بسبب عدم توفر الأوكسجين لزوجته المصابة بفيروس كورونا، قام على اثرها بتحطيم احدى أجهزة التنفس الاصطناعي، قبل أن تعتقله الشرطة و تعذبه على حد قوله.
بعد يوم من الحادث، انتشر مقطع مصوَّر يُظهر محمد جباري (43 سنة) مكبلاً الى سرير زوجته (منى اسماعيل 44 سنة)،انتهى الحادث بوفاة منى اسماعيل أمام ناظري زوجها المعلم محمد جباري.
الحادث أثار موجة من الاستياء على شبكات التواصل الاجتماعي، بالأخص بعد انتشار مقطع الفيديو. محمد جباري سجل دعوى و أُلقي القبض على ضابط و ثلاثة من منتسبي مركز شرطة القورية بالتزامن مع تشكيل لجنة من قبل وزارة الداخلية العراقية.
يرفضون تسليمه شهادة وفاة زوجته
محمد كريم جباري قال لـ(كركوك ناو) "منذ ما يقرب من أربعة اشهر و أنا أطلب من ادارة مستشفى كركوك العام اعطائي شهادة وفاة زوجتي، لكنهم يماطلون في الأمر."
"مشكلتي الكبرى الآن هي شهادة الوفاة، زوجتي توفيت و من حقي أن أحصل على شهادة وفاتها، نواب برلمان، دائرة الصحة، ادارة كركوك و حتى مكتب مجلس الوزراء طلبت من ادارة المستشفى اصدار شهادة الوفاة لكنهم لا يكترثون لأحد"، حسبما قال محمد جباري.
مشكلتي الكبرى الآن هي شهادة الوفاة، زوجتي توفيت و من حقي أن أحصل على شهادة وفاتها
اصدار شهادة الوفاة لشخص توفي داخل المستشفى و وجود كافة الملفات الخاصة بالمتوفي ليس أمراً صعباً و يمكن انجازه خلال يوم أو يومين كما أوضح نبيل حمدي بوشناق، مدير دائرة صحة كركوك.
محمد جباري اشار الى أن ادارة المستشفى "تؤجل الأمر من شهر الى آخر بحجة اكمال التحقيقات". و شدد محمد على أنه سلَّم تقرير الطب العدلي، تقرير نقل و دفن الجثة و كافة الملفات الأخرى الى ادارة المستشفى.
نبيل حمدي، مدير دائرة الصحة في كركوك قال لـ(كركوك ناو) "مسألة تأخر اصدار شهادة الوفاة تتعلق بوجود مشاكل قانونية في القضية و هي لا زالت في المحكمة، هناك 16 قضية أخرى مماثلة، هناك حالات تم فيها دفن الموتى بدون اخطار دائرة الطب العدلي، وفقاً لقوانيننا لا شهادة الوفاة لا تُعطى في هذه الحالة."
محمد جباري يروي تفاصيل الحادث
مع ذلك، أكد نبيل حمدي بأنه أثار موضوع شهادة الوفاة أثناء لقائه وزير الصحة العراقي خلال هذا الشهر... "أتعهد من هنا بأنهم سيحصلون على شهادة الوفاة خلال اسبوع، رغم ارتكابهم لمخالفات، لكننا سننجز لهم ذلك الأمر من منطلق الواجب الانساني."
المدير و خمسة أطباء اعتُبِروا "مقصرين"
محمد جباري سجل دعوى ضد مستشفى كركوك العام و تتولى لجنة تابعة لهيئة النزاهة التحقيق في القضية.
وفقاً للمعلومات التي حصلت عليها (كركوك ناو)، تم التحقيق مع المدير و خمسة أطباء و اعتُبِروا "مقصرين". قبل اصدر قراراها النهائي، طلبت اللجنة كافة الوثائق و المقاطع المصورة من ادارة مستشفى كركوك العام.
"سُلِّمَت عدة مقاطع فيديو للجنة، لكنها لا تبين حقيقة ما حدث، نعتقد بأن الأدلة المهمة التي في صالحي و تثبت براءتي لم تُسَلَّم الى اللجنة"، حسبما يقول محمد جباري.
محمد فريدون، مدير مستشفى كركوك العام، و الذي ذُكِر اسمه في تقرير اللجنة، رفض الإدلاء بأي تصريح حول القضية.
لكن مدير دائرة صحة كركوك نبيل حمدي قال لـ(كركوك ناو) بخصوص القضية "المعلم سجّل دعاوى ضد مستشفى كركوك العام و مركز شرطة القورية، في المقابل سجّلت كلتا الجهتين شكاوى ضده، حسب علمي، اجراءات التحقيق متواصلة و ليست لدي معلومات أخرى."
من جهته شدد محمد جباري على أن "أسماء المدير و خمسة أطباء ذُكِرَت في مضمون تقرير اللجنة باعتبارهم مقصرين.... ادارة المستشفى أيضاً اقرّت بتلك الحقيقة."
محمد جباري وجّه ثلاثة مطالب للجنة التحقيقية، اعطاءه شهادة وفاة زوجته، العفو عنه بخصوص تحطيم جهاز التنفس الاصطناعي و معاقبة المتهمين في القضية.
في 16 تموز، بعد زيارة اللجنة المشَكَّلة من قب وزارة الداخلية الى كركوك، تم اعتقال ضابط و ثلاثة من منتسبي مركز شرطة القورية.
المتهمون قاموا بنقل محمد كريم جباري لمركز شرطة القورية و اعادته بعد ذلك الى مستشفى كركوك العام، حيث كبّلوه الى سرير زوجته.
ملف المتهمين الأربعة أُحيل الى المحكمة العسكرية في الموصل و قد أُطلق سراحهم بكفالة لحين يوم المحاكمة.
و قال محمد جباري "لدي معلومات أكيدة بوجود مقطع فيديو مسَجَّل يظهر عناصر الشرطة و هم يهددون بتعذيبي أثناء نقلي، و كذلك أثناء اعتدائهم علي بالضرب داخل المستشفى، لكن مقاطع الفيديو قد أُخفيَت و لم تُسَلَّم للمحكمة و لجنة التحقيق."
يرى محمد جباري بأن الإجراءات الخاصة بالقضية تسير ببطء، "للأسف، تلقّيت وعوداً من قبل أشخاص حزبيين و حكوميين بدعمي و العمل على معاقبة المتهمين، لكن شيئاً من ذلك القبيل لم يحدث على أرض الواقع."
محمد جباري أكد سابقاً أنه رفض جميع المساعي لحثه على التنازل عن القضية عن طريق الصلح العشائري، قائلاً "يطلبون مني سحب الدعوى، لكنني أريد أن تأخذ القضية مسارها القانوني."
يطلبون مني سحب الدعوى، لكنني أريد أن تأخذ القضية مسارها القانوني
منى اسماعيل (44 سنة)، زوجة محمد جباري، كانت موظفة في شركة غاز الشمال، و قد حصلت على شقة تابعة للشركة اسوة بباقي الموظفين.
بعد أن تركت وراءها طفلين (يوسف،12 سنة و آلان، 10 سنوات)، قررت الشركة طرد عائلتها من الشقة.
"أخذوا منا الشقة و أصبحنا دون مأوى، كنت بانتظار معاقبة المتهمين لا معاقبتي"، يرى محمد بأن استعادة الشقة منه بمثابة عقاب له.
و قال محمد جباري "أريد الحصول على حقوقي، معاقبة الذين كانوا مقصرين في تأمين الأوكسجين لزوجتي و الذين اعتدوا علي بالضرب و عذبوني، لكنهم الآن يعاقبونني بعدم اعطائي شهادة وفا زوجتي."