يؤشرون ضعفاً في الأداء الحكومي..
التركمان العائدون إلى تلعفر: أجواء النزوح أجبرتنا على العودة

ديالى، 27 تشرين الاول 2020، جانب من عودة النازحين من مخيم سعد إلى مناطقهم، تصوير وزارة الهجرة

جعفر التلعفري - نينوى

في ظل حملة وزارة الهجرة والمهجرين لاغلاق مخيمات النزوح المنتشرة في عدة محافظات، يؤشر التركمان العائدون إلى تلعفر في محافظة نينوى ضعفاً في الخدمات المقدمة لهم، وغياب التعويضات الحكومية او من منظمات دولية عن منازلهم المهدمة او المتضررة، لكنهم أشاروا في الوقت نفسه ان الأوضاع داخل القضاء تتحسن "شيئا فشيئا".

أحمد محمد علي، عاد إلى تلعفر من كربلاء قبل أسبوعين، يرى أن "تفشي وباء كورونا، والشعور بأنه مواطن من الدرجة الثانية لكونه نازحاً، قاده إلى العودة إلى منزله جنوب تلعفر".

ويعتقد علي، وهو العقد الرابع من عمره، في حديثه لـ(كركوك ناو)، أن "واقع الخدمات في تلعفر بدأ يتحسن شيئاً فشيئاً، وأن النازحين لابدّ أن يعودوا إلى مدينتهم ليساهموا في إعمارها".

بيتي تعرض للحرق، للأسف لم استحصل أية تعويضات ولا اعتقد أنني سأحصل عليها

"بيتي تعرض للحرق، للأسف لم استحصل أية تعويضات ولا اعتقد أنني سأحصل عليها، لذا سارعتُ إلى إعادة ترميمه وفق إمكانياتي المتوفرة". يقول علي.

أمنة هادي (35 عاماً) احد العائدات تشكو هي أخرى نقصا في الخدمات المقدمة للسكان بقضاء تلعفر ، وأشارت إلى تقديمها لمعاملة رسمية بهدف الحصول على منحة للعائدين مقدارها مليون و500 الف دينار.

ولفتت إلى ان المنحة لا تكفي لشراء مستلزمات المطبخ، وليس لتعمير منازلها المتضررة، لكن رغم ذلك تنتظر هادي دورها في استلام تلك المنحة بدون جدوى.

 يروجون معاملات العودة أمام دائرة الهجرة في تلعفر 2020
نينوى، 2020، عائدون بانتظار اكمال معاملات عودتهم في تلعفر، تصوير جعفر التلعفري

 وزارة الهجرة: عودة الاف ضمن برنامج العودة الطوعية

وحسب سجلات وزارة الهجرة والمهجرين في تلعفر، شهدت المدينة عودة عشرات العوائل النازحة من مناطق النزوح في كربلاء، ومخيم النهروان في العاصمة بغداد، ومخيمي حسن شام U2 و U3  في محافظة اربيل، إلى تلعفر، ضمن برنامج العودة الطوعية الآمنة التي تنظمها الوزارة.

وتؤكد تلك السجلات أن 18500 عائلة عائدة مسجلة رسمياً، في دائرة المهجرين، بينما يتوقع أن يبلغ عدد العوائل العائدة نحو 24000 عائلة عائدة، لاعتكاف بعضهم عن التسجيل.

وأعلنت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، الأربعاء 21 تشرين الأول 2020، واعلنت وزيرة الهجرة والمهجرين ايفان فائق جابرو عن اغلاق مخيم النبي يونس (ع) بمنطقة النهروان في العاصمة بغداد بعد عودة جميع نازحيه الى مناطق سكناهم الاصلية في محافظة نينوى وعن عودة 560 نازح واغلاق آخر مخيم في محافظة كربلاء واغلبهم من سكان تلعفر .

في حين أعلنت عودة 89 اسرة نازحة بواقع 393 نازحاً من مخيمات محور الخازر، يوم الاربعاء 28 تشرين الاول 2020، الى مناطقهم الاصلية في محافظة نينوى  في مناطق ( الانتصار و الريحانية و النهروان و الجدعة و البعاج و رجم حديد و سومر و ربيعة و كوير و محلبية و تلعفر ).

وينتشر نازحو تلعفر في عددٍ من المحافظات الجنوبية والوسطى، لا سيما النجف وكربلاء وبابل، إلى جانب إقليم كوردستان، وكركوك وتركيا، فيما عاد نحو نصف النازحين إلى مدينتهم عقب تحريرها في أب 2017 من سيطرة تنظيم داعش.

ووقعت تلعفر، الواقعة على بعد 69 كم شمال غرب الموصل، تحت سيطرة التنظيم في حزيران 2014، واضطر أغلب سكانها البالغ عددهم نحو 225 ألف نسمة إلى النزوح عنها.

 27 تشرين الاول 2020، جانب من عودة النازحين، تصوير وزارة الهجرة
نينوى، 27 تشرين الاول 2020، جانب من عودة النازحين، تصوير وزارة الهجرة 

الامر يشمل العائدون من تركيا ايضا

"لم أعد قادراً على تحمل تكاليف الحياة.. فكلّ شيء كان بثمن، وبثمن باهظ.. كنتُ أعمل من الصباح الباكر حتى الليل ومع ذلك لم أكن قادراً على تلبية احتياجات الحياة.. الإيجار، الكهرباء، الماء، العلاج، والمواصلات، والقائمة تطول" يقول فؤاد حازم، الخمسيني العائد من تركيا قبل عدة أسابيع.

ويضيف، لـ(كركوك ناو) والابتسامة تعلو شفتاه "قضينا زهاء خمس سنوات في تركيا، إلا أننا قررنا أن نعود إلى مدينتنا ومنزلنا، فمهما عشنا في الغربة نحنُّ إلى مسقط رأسنا، لا سيما أننا تركناه مكرهين".

ويتابع "منذُ أن عدتُ راجعتُ عدة منظمات دولية وجهات حكومية، بغية الحصول على منحة مالية لإعادة اعمار منزلي المدمر جزئياً، إلا أنني حتى الآن لم احصل سوى على وعود واعتذارات، لذا قررتُ أن أرممَّ جزءً منه حتى امتلك ما يمكنني من ترميم ما تبقى".

راجعتُ عدة منظمات دولية وجهات حكومية، بغية الحصول على منحة مالية لإعادة اعمار منزلي المدمر جزئياً، إلا أنني حتى الآن لم احصل سوى على وعود واعتذارات

"ما شجعني أكثر للعودة، السعي الكبير لإعادة اللُحمة والتعايش بين سكان المدينة، حيث أرى سعياً حثيثاً يشجعني وغيري على العودة إلى تلعفر، والعيش فيها كما كنا أخوة متحابين"، حسب فؤاد حازم.

-33
نينوى، 2020، احد اسواق تلعفر، تصوير جعفر التلعفري

ما هي الأسباب التي تلكؤ عودة النازحين؟

وعزا قائممقام تلعفر قاسم محمد شريف، في وقتٍ سابق، تلكؤ عودة نازحي القضاء إلى إشغال البعض لبيوتهم، نتيجة تضرر ألاف المنازل في مركز القضاء خلال سيطرة داعش وعمليات التحرير.

وأوضح، في تصريح لـ(كركوك ناو)، أن "ألاف المنازل تعرضت للضرر خلال سنوات سيطرة تنظيم الدولة (داعش) لتلعفر، حسب إحصائيات مديرية الدفاع المدني، ما جعل أصحابها يشغلون منازل مواطنين آخرين لم يعودوا إليها حتى الآن". مبيناً أن "البعض منهم من سكان القرى القريبة التي تدمرت بالكامل، حيث تمّ تسجيل 14 قرية مدمرة كليا".

وأضاف أن "من الأسباب الأخرى التي تحول دون سرعة عودة نازحي تلعفر إلى المدينة، عدم وجود فرص عمل وعدم تقديم الحكومة تعويضات مالية للمتضررين، إلى جانب نقص الخدمات"، كاشفاً عن عودة "ألف مواطن نازح إلى تركيا من أهالي تلعفر خلال الشهرين الأخريين من العام 2019".

عدم وجود فرص عمل وعدم تقديم الحكومة تعويضات مالية للمتضررين، إلى جانب نقص الخدمات جميعها تعرقل عودة النازحين

محافظ نينوى: تلعفر بات جاهزاً لاستقبال النازحين

من جانبه، رأى محافظ نينوى نجم الجبوري، أن "قضاء تلعفر بات جاهزاً لاستقبال كافة النازحين من العوائل التي كانت قاطنة داخل القضاء بعد الاستتباب الأمني الذي يتمتع فيه وعودة الخدمات الصحية والتربوية". مضيفاً، في لقاءٍ جمعه بشيوخ عشائر ووجهاء تلعفر في ديوان المحافظة، أن "القضاء ينعم بالتعايش السلمي ما بين المكونات المتواجدة".

وعن تجربته بالعودة لمنزله، يقول العائد أحمد محمد علي "زرتُ تلعفر قبل سنتين والناس حينها كانوا في قلق وكانوا يخشون من الأوضاع الأمنية وعودة الجماعات الإرهابية إلى القضاء، إلا أن اليوم مَن يشاهد حركة البناء والاعمار يتأكد أن الأمر سايرٌ نحو الأحسن ،باستثناء فرص العمل فهذا الجانب يحتاج إلى التفاتة ويشجع على عودة الآخرين".

 

 

 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT