ثلاث سنوات على استعادة المحافظة..

90 بالمائة من المزارات الشيعية ما زالت مدمرة في نينوى

نينوى، احياء ذكرى عاشوراء في تلعفر ، تصوير جعفر التعلفري

جعفر التلعفري– يسرى علي / نينوى

الدمار مازال يهيمن على المزارات الدينية التي يرتادها المسلمين الشيعة في محافظة نينوى، وذلك بعد اكثر من ثلاث سنوات من استعادة المحافظة من سيطرة تنظيم الدولة "داعش".

ومن اصل عشرة مزارات رئيسية دمرها داعش تم اعمار مزار واحد اي مازال 90 بالمائة من تلك المزارات مهدمة لحد الآن منذ ست سنوات.

وشن داعش هجوما واسعا منصف عام 2014، وسيطر على قضاء تلعفر (غرب نينوى) ذو اغلبية من التركمان الشيعة والمناطق ذات الأغلبية من الشبك الشيعة في ناحيتي برطلة وبعشيقة (شمال شرق نينوى) .

الزوار ينتظرون افتتاح مراقدهم

"اعتدتُ أن أزور مرقد الإمام سعد، كلّ أسبوع، بعد أن لمستُ أثار هذا المكان وكرامة صاحبه في حياتي، وأتمنى أن ترجع تلك الأيام التي كان فيها المكان يعجّ بالزائرين من مختلف مناطق تلعفر ونينوى" تقولها كولشان علي (57 عاماً) وهي تذرف دموعها عند أحد المزارات الدينية التي فجّرها تنظيم الدولة (داعش)، خلال سيطرته على تلعفر صيف 2014.

وتضيف في حديثها لـ(كركوك ناو)، مستغربةً "لا أفهم حجم الحقد الذي يحمله أولئك الأفراد حتى يجعلهم يفجرون ويهدمون بناءً لا يضمُ سوى قبراً لرجلٍ صالحٍ يكّن له طيف واسع من المسلمين المحبة والولاء".

لا أفهم حجم الحقد الذي يحمله أولئك الأفراد حتى يجعلهم يفجرون ويهدمون بناءً لا يضمُ سوى قبراً لرجلٍ صالحٍ 

وأقدم تنظيم داعش، بعد إحكام سطوته على قضاء تلعفر، منتصف حزيران 2014، على تفجير العديد من المساجد والحسينيات والمزارات الشيعية، إلى جانب تفجيره لمواقع مماثلة في القرى التركمانية القريبة من القضاء.

والإمام سعد بن عقيل، يعود نسبه إلى النبي محمد وأُنشي مرقده عام 1142م، وسط تلعفر، التي يروي سكانها كرامات عديدة له.

التنظيم دمر 56 موقعاً دينياً في تلعفر والقرى المحيطة بها، بينها ثمانية جوامع و18 مسجداً و26 حسينية إلى جانب سبعة مزارات دينية

التنظيم دمر 56 موقعاً دينياً في تلعفر منها سبعة مزارات

وحسب سجلات دائرة الوقف الشيعي اطلع عليها (كركوك ناو)، فإن التنظيم دمر 56 موقعاً دينياً في تلعفر والقرى المحيطة بها، بينها ثمانية جوامع و18 مسجداً و26 حسينية إلى جانب سبعة مزارات دينية. كانت حصة مركز القضاء تفجير وتدمير 32 مسجداً وحسينية وسبعة مزارات.

أما عن نسبة الدمار الذي لحق بتلك الأماكن فتقدرها السجلات الرسمية بـ100%، حيث لجأ التنظيم إلى وضع كميات كبيرة من المتفجرات وتفجيرها عن بُعد، كما أظهرته اللقطات التي نشرها حينه على المواقع التي يديرها، وعدّها "أوثاناً ومراكز للشرك" وفق نهجه المتطرف.

وكان التنظيم قد نشر أبان سيطرته على نينوى، صورا ومقاطع فيديو، لقيام جرافات بهدم عدد من الأضرحة والمزارات والحسينيات، في حين أظهرت صورا أخرى عمليات تفجير للبعض الآخر منها.

المزارات تنتظر من يعمرها

أعلنت العتبة الحسينية، في بيانٍ، الخميس 5 تشرين الثاني 2020، عن "تشكيل لجنة لدراسة عملية إعمار المراقد والمقامات والحسينيات والجوامع في محافظة نينوى، وخاصةً تلعفر، والتي تعرضت للتهديم أبان سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، بالتنسيق مع الأمانة العامة للمزارات الشيعية".

ويؤشر مواطنو تلعفر، غياباً للدور الحكومي في إعادة اعمار المساجد والحسينيات والمزارات المدمرة، مع ما لها من مكانة دينية في نفوس سكان المدينة.

ويرى حسن سالم (38 عاماً)، أنه "كان الأجدر بالحكومة التي تسعى إلى تعزيز التماسك المجتمعي والوحدة الوطنية وإعادة الحياة إلى تلعفر إن تبادر إلى اعمار المزارات والمساجد التي دمرها التنظيم، إلا أن الذي يحدث على العكس من ذلك، فما زالت أغلبها على حالها والركام والأنقاض كما فجّرها داعش".

كان الأجدر بالحكومة إن تبادر إلى اعمار المزارات والمساجد التي دمرها التنظيم

ويوضح في حديثٍ لـ(كركوك ناو)، أن "مزاراً واحداً فقط، وهو مزار خضر الياس (4 كم جنوب تلعفر)، أُعيد بناؤه وبشكل متواضع ودون مساهمة حكومية، فيما هناك ثلاثة مساجد ومزارات، طور الاعمار وبجهود شخصية أيضاً، لا سيما مرقد آرماموط ومشهد الإمام علي ومرقد السيد أحمد ومزار إبراهيم بن أدهم وغيره".

وآرماموط أو آر محمود، يعدّ رجلاً صالحاً، ينقل سكان تلعفر عنه كرامات، توفي عام 1905، حسب رقعة كانت على باب المرقد.

المزارات في المناطق الشبكة ليست احسن حالاً

لم تكن المزارات التي هدمها داعش في المناطق الشبكية ليست احسن حالاً من مزارات تلعفر، حيث مازالت ثلاثة مزارات مهدمة لحد الان.

الناشط الشبكي علي قاسم ذكر لـ(كركوك ناو):"في الساعات الاولى بعد سيطرة تنظيم داعش على مناطق سهل نينوى قام بتفجير المقامات الدينية للشيعة الشبك".

وأضاف بعد تفجيرها من قبل تنظيم داعش الى يومنا هذا وبعد مرور ثلاث سنوات لم يتم تعمير وبناء أي مزار منها، ولا زال الحال كما هو عليه مما سبب معاناة كبيرة لاهالي سهل نينوى لصعوبة التوافد لهذه المزارات واقامة الشعائر فيها.

123205704_418674946197012_337245179930762793_n
نينوى، 2014، تفجير احد المزارات في سهل نينوى

"على الرغم مَن تحرير المحافظة منذ 2017، لا تزال عملية البناء في المزارات التي تهدمت جراء أعمال داعش في مراحلها الأولية، وكان من المفترض ان تكون المزارات عامرة الان" حسب قول قاسم.

الناشط عماد قصي عباس قال لـ(كركوك ناو) "عندما كنت في المهجر تأثرت كثيرا لرؤيتي فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تبثه تنظيم داعش وهم يفجرون مقام الامام زين العابدين في قرية علي رش الشبكية التابعة لناحية برطلة بعد ان لغموا المقام بالمتفجرات " .

عندما كنت في المهجر تأثرت كثيرا لرؤيتي فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تبثه تنظيم داعش وهم يفجرون مقام الامام زين العابدين

ثلاثة مزارات ما زالت مهدمة في المناطق الشبكية

مصدر مقرب من الوقف الشيعي، طلب عدم ذكر اسمه، افاد لـ(كركوك ناو) ان هناك ثلاثة مزارات مهدمة في المناطق الشبكية من محافظة نينوى، وجميعها مهدمة، الأول مقام الإمام الرضا ابن موسى الكاظم ويعتبر احد الاماكن المقدسة للشبك ويقع في ناحية بعشيقة بقرية تيسخراب .

وهذا المقام يتوافد اليه الشبك في ايام العاشر من محرم و في المناسبات الدينية مثل المولد النبوي الشريف ولادة الائمة من اهل البيت.

المزار الثاني هو مقام الامام زين العابدين عليه السلام ويقع في ناحية برطلة قرية علي رش، وفيه يقيم الشبك اكبر مسيرة لهم سنوياً في ذكرى عاشوراء بالعاشر من شهر محرم، اما المزار الثالث هو مقام العباس ويقع في ناحية الشلالات ايضا تم تدميره من قبل "داعش".

123241145_382813676250498_7487997922337226632_n
نينوى، 2020، احياء ذكرى عاشوراء

ولفت المصدر إلى ان هذه المزارات الثلاثة هي المزارات التابعة للشبك الشيعة في العراق ولا يوجد مزار لهم في بغداد او سنجار لان الشبك ينحصرون في منطقة سهل نينوى .

الأمراة التركمانية كولشان تتمنى ان تحيي مراسيم زيارة أربعينية الإمام الحسين، العام القادم في مرقد الامام سعد في تلعفر كما اعتادت طيلة فترة حياتها لغاية ظهور شبح داعش منذ 2014 ولحد الان.

وتقول: "لجأنا إلى مرقد السيدة زينب في سنجار (55 كم غرب تلعفر)، كون المزارات التي اعتدنا على إحياء تلك المناسبة عندها قد أصابها الدمار ولم يتم اعمارها مجدداً.. كم سنكون سعداء إذا أحيينا المناسبة ذاتها العام القادم في مرقد الإمام سعد في تلعفر".

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT