أبناء الأقلية الكاكائية ليس لهم مكان خاص بإقامة طقوس العبادة مثل غيرهم من الديانات؛ فهم يمارسون عباداتهم في أي مكان أو زمان.
الديانة عند الكاكائيين بقدر ما تُعنى بالجانب الروحي لا تعطي ذلك الاهتمام لأماكن تجمعهم، مع ذلك يفسر بعضهم افتقارهم لأماكن خاصة بالعبادة على أنه تقصير من قبل أتباع تلك الديانة.
"في فلسفة الديانة الكاكائية (يارسان)، يولى اهتمام كبير بالروح، لأن أي مكان طاهر يتجمع فيه الكاكائيون لوحدهم يجوز إجراء المراسيم الدينية فيه"، هذا ما قاله رجب عاصي (42 سنة).
في فلسفة الديانة الكاكائية (يارسان)، يولى اهتمام كبير بالروح
يقول رجب عاصي، وهو من كاكائيي قضاء داقوق جنوب كركوك و رئيس منظمة ميثرا للتنمية و الثقافة اليارسانية بأنهم لا يملكون أماكن خاصة بالعبادة والمراسيم الدينية مثل المساجد، الكنائس و المعابد.
الديانة الكاكائية لا تسمح بانتماء الغرباء اليها، تقام أغلب طقوسهم بصورة فردية لا جماعية.
"كما أن المسلمين يتوجهون في صلاتهم الى (القبلة) أو مكة، و الايزيديون لديهم معبد لالش، نحن لدينا (برديور) الذي دُفِن فيه السلطان سهاك، وهو مكان مقدس يحج اليه الناس"، حسبما قال رجب الكاكائي.
يقع برديور بالقرب من دوو-آو التابعة لبلدة نوسود في منطقة هورامان ضمن محافظة كرماشان الايرانية.
وفقاً لمتابعات (كركوك ناو)، يوجد 18 مزاراً خاصاً بالديانة الكاكائية في العراق، سبعة منها تقع في محافظة كركوك.
أبرز المزارات الدينية للكاكائيين تضم مزار سيد ابراهيم في بغداد و مزار سيد بابا يادكار في ايران، اللذان يقصدهما أغلب الكاكائيين للشفاء من الأمراض و تحقيق أمانيهم.
يُعرف الكاكائيين أيضاً بأهل الحق أو يارسان، لديهم ديانة خاصة بهم لكننها لم تُقَر رسمياً في الدستور العراقي.
سامي رفعت (57 سنة)، كاكائي من سكنة داقوق، قال لـ(كركوك ناو) "لم يتم الاعتراف بالكاكائية كديانة مستقلة لا في الدستور العراقي و لا في دستور اقليم كوردستان، لذا لا تتولى أية جهة على عاتقها انشاء أماكن خاصة بالعبادة لأتباع الديانة."
و يرى سامي بأن وجود أمكان خاصة بالعبادة و التجمعات الدينية أمر ضروري لكي يتمكن المواطنون الكاكائيون من اقامة مراسيمهم الدينية فيها.
"الكاكائيون اقلية مغبونة و مهمّشة، تستغلنا جهة معينة في كل مرة لمصالحها الشخصية و لا يفعلون شيئاً لخدمة الديانة الكاكائية"، كما يقول سامي رفعت.
كورونا كانت عائقاً أمام قدرتنا على زيارة مزاراتنا و أماكننا المقدسة
تفشي جائحة كورونا كانت له تداعيات على أتباع الديانة الكاكائية أيضاً، بالرغم من أنهم ليست لديهم طقوس ومراسم جماعية، لكن الاجراءات المفروضة بسبب الوباء، بالأخص حظر التجوال منعتهم من زيارة مزاراتهم كالسابق، بالأخص زيارة أقدس مزاراتهم الواقعة في ايران.
"بإمكاننا أداء عباداتنا في المنزل، لكن كورونا كانت عائقاً أمام قدرتنا على زيارة مزاراتنا و أماكننا المقدسة"، حسبما تقول أم أحمد (41 سنة).
هذه الامرأة الكاكائية غالباً ما تقصد مزار خان أحمد (الإمام أحمد في كركوك)، سيد ابراهيم في بغداد و باوه محمود في خانقين، "لأن هذه المزارات تعود لأسياد الكاكائيين الكبار."
تعرض كل من مزار سيد زيبار في قرية زنقر الكاكائية غربي داقوق في عام 2017 و مزار باوه محمود بخانقين في عام 2018 الى أضرار جسيمة جراء تفجيرات.
الى جانب المزارات، توجد في مدينة حلبجة قاعة خاصة بمناسبات الكاكائيين الاجتماعية، لكنهم في معظم المناطق الأخرى يقيمون مراسيم العزاء في المنازل أو تحت الخيام.
بموجب قانون حقوق المكونات في اقليم كوردستان، تعد الديانة الكاكائية احدى المذاهب المعترفة بها.
أمير مولود، مدير مديرية تعايش الأديان في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية لحكومة اقليم كوردستان قال لـ(كركوك ناو) "الكاكائيون يمارسون ديانتهم ويقيمون مناسباتهم الخاصة بهم بحرية تامة، لكننا لا نخوض كثيراً في شؤونهم الدينية و ذلك ليس من شأننا."
واشار الى عدم وجود احصائية بعدد المزارات و الأماكن الدينية الخاصة بالكاكائيين؛ "نحن نتعامل مع ديانتهم من منطلق الحريات الدينية."
يقطن الكاكائيون في مناطق متفرقة في اقليم كوردستان والعراق، اضافةً الى نينوى، يتواجد الكاكائيون في كل من كركوك، حلبجة، أربيل، خانقين وبعض المناطق الأخرى في ديالى، وبحسب احصائيات غير رسمية، يُقَدّر عددهم بحوالي 100 ألف شخص، غير أن ديانتهم لم تُقَرّ رسميا في الدستور العراقي.
ويؤمن أتباع الديانة الكاكائية بأن "جميع الأماكن من صنع الله الخالق، الله قريب من القلوب النقية و الصافية"، وهذا سبب عدم اهتمامهم بوجود أماكن خاصة للعبادة، حسبما قال أكبر كريم لـ(كركوك ناو).
أكبر، رجل في الخمسين من عمره، يقطن في حلبجة وهو ضليع بديانته، يقول بأن فلسفة دينهم روحانية؛ "يتم التعامل مع الروح و نية القلب لكي يكون له انعكاس جميل على المجتمع."