منيرة، تلك الامرأة التي عُثِر عليها مشنوقةً في منزلها في احدى أحياء قضاء كلار، مكثت 50 يوماً في ملجأ للنساء المعنّفات، لكنها سُلِّمَت بعد ذلك لذويها قبل أن تُقتل شنقاً. الحادث تزامن مع انشغال النساء بالاستعدادات للاحتفاء باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة.
تعود قضية منيرة لأواخر العام 2018 حينما سجّل زوجها شكوى عليها بتهمة ارتكابها "الخيانة الزوجية"، حسبما قالت شكرية غفور، مسؤولة فرع كرميان لاتحاد نساء كوردستان.
تقول شكرية بأنها تابعت القضية عن كثب مشيرة الى أن هذا الاتهام كان السبب وراء انفصالها عن زوجها، علماً أنها لديها ثلاثة أطفال.
اتهامها بالخيانة كان السبب وراء انفصالها عن زوجها
"بعد فتح تلك القضية لمنيرة وقضائها فترة في التوقيف، تم نقلها الى احدى مراكز ايواء النساء المعنفات في السليمانية مخافة أن تتعرض للقتل"، كما قالت شكرية.
مساء يوم الجمعة الماضي، 20 تشرين الثاني، عثرت الشرطة على جثة منيرة مشنوقة في منزلها في كلار، و بعد أقل من ساعتين أُلقي القبض على ثلاثة من اشقائها و شخص آخر.
المتحدث باسم شرطة كرميان علي جمال قال لـ(كركوك ناو) "في نفس الليلة ألقينا القبض على أربعة أشخاص بتهمة التورط في الجريمة، ثلاثة منهم أشقاء الضحية وقد اعترفوا خلال التحقيقات بأنهم قتلوا شقيقتهم بسب مشكلة اجتماعية... الأربعة الآن موقوفون لحين محاكمتهم."
قضية منيرة، من القضايا التي أثارت ردود فعل غاضبة في شبكات التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية، و تزامن ذلك مع بدء فعاليات اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة التي تقام على مستوى العالم والعراق.
تنظيم فعاليات اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة في العراق و اقليم كوردستان يتزامن مع تزايد حالات العنف المسجلة فيهما، خصوصاً في الأسابيع القليلة الماضية.
في الاسبوع الماضي، لقيت فتاة في السادسة عشر من عمرها بعد تعرضها لرصاص بندقية صيد في قضاء خانقين و قد أُطلِق سراح والدها و أحد اشقّائها بكفالة مالية، وفي كلار أيضاً قضت امرأة خمسينية حرقاً، و لا تزال القضيتان قيد التحقيق.
في قضية أخرى، لم تتمكن الجهات الأمنية من القاء القبض على الشخص المتورط في مقتل امرأة كانت تعمل كمهندسة، عُثِر عليها مقتولة داخل مركبتها.
يوم الثلاثاء، 24 تشرين الثاني، بينما كانت المنظمات النسائية و منظمات المجتمع المدني بصدد الاستعدادات الخاصة باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء، أقدم رجل في السليمانية على طعن زوجته و حماته بالسكين و أصابهما بجروح.
الغضب و الاستياء الذي رافق قضية مقتل منيرة عَزَته مسؤولة فرع كرميان لاتحاد نساء كوردستان الى أنها "سُلِّمَت الى ذويها بعد قضائها 50 يوماً في مركز ايواء النساء المعنفات رغم أنها كانت مهددة بالقتل."
ووجّهت شكرية سِهام نقدها الى الحكومة قائلةً "يتسترون على قضايا النساء، يُخفون عنا المعلومات و هم لا يستطيعون حماية النساء، منيرة هي واحدة من الضحايا و الحكومة سلمتها لذويها الذين قتلوها."
يتسترون على قضايا النساء، يُخفون عنا المعلومات و هم لا يستطيعون حماية النساء
اضافة الى أشقائها الثلاثة الذين اعترفوا بجرمهم، أُلقي القبض على شخص رابع، تقول شكرية "يُزعَم أن هذا الشخص كان عشيقاً سابقاً لمنيرة."
حسب متابعات (كركوك ناو)، بعد تسليم منيرة لذويها ألزمتهم المحكمة بكتابة تعهد خطي بعدم المساس بحياة منيرة."
وأضافت "لم يلتزم ذووها بوعدهم الذي قطعوه للمحكمة و قتلوها."
لم يلتزم ذووها بوعدهم الذي قطعوه للمحكمة و قتلوها
الى جانب قضية منيرة، هناك قضيتان مماثلتان سُجِّلَتا هذا العام، حيث تعرضت شقيقتان للقتل بعد تسليمهما لذويهما.
و كانت الشرطة قد عثرت على جثتي الشقيقتين آوارة (19 سنة) و هيلين (17 سنة)، مدفونتين داخل حفرة عمقها نصف متر بالقرب من مقبرة برايم آغا الواقعة بين قضاء جمجمال و ناحية شوان ضمن محافظة كركوك، بعد قرابة اسبوع من اختفائهما.
المجلس الأعلى للمرأة – مؤسسة تابعة لحكومة اقليم كوردستان تُعنى بالدفاع عن حقوق المرأة- أصدرت بياناً في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة قالت فيه "مع انتشار وباء كورونا، تعرضت النساء و الفتيات للتأثيرات السلبية بصورة أكبر مقارنة بالرجال و الشبان."
و أضاف البيان "المكوث الجبري للنساء والفتيات في المنزل و انهماكهن بأعمال البيت أثرّ على نظام التربية و جعل مصير مستقبلهن الدراسي مجهولاً، كما أن انخفاض مداخيل العوائل أو انقطاع مصادر الدخل، أضعَفَ النساء و جعلهن أكثر عرضة للعنف الأسري". و يطالب المجلس الأعلى للمرأة الحكومة بتهيئة ظروف أكثر ملائَمة للنساء لتقليل حالات العنف المرتكبة بحقهن.
تشير احصائية للمديرية العامة لمناهضة العنف ضد النساء والأسرة في اقليم كوردستان الى مقتل 25 امرأة جراء العنف خلال الأشهر العشرة الأولى من هذا العام.
المديرية شددت في بيان لها على أن "أغلب الحوادث تتعلق بالدور السلبي للتكنلوجيا، الاعلام و المسلسلات الدرامية الى جانب وجود الأسلحة في معظم المنازل."
و تقول شكرية غفور بأن المشكلة تتمثل في التستر على أغلب قضايا العنف و افلات مرتكبيها من العقاب بحجة أن "هؤلاء النساء أقدمن على الانتحار و أنهن مصابات باختلالات نفسية."