بعد 115 يوماً من مقارعة المرض...
كورونا؛ سلب الحياة من غادة وجنينها

كلار/ 2020/ غادة عبداللطيف (20 سنة) في مستشفى القلعة الخاص بعلاج المصابين بفيروس كورونا   الصورة أعطاها نهاد عباس، زوج غادة، لـ(كركوك ناو)

ليلى أحمد – ديالى

شهدت غادة عبداللطيف موت جنينها في بطنها قبل أن تخور قواها أمام شراسة فيروس كورونا الذي كتب نهايتها ايضاً.

من خانقين الى كلار، مستشفيان و كّ هائل من الفحوصات والتحاليل، 115 يوماً من العناية المركزة والعلاج لم تنقذ حياة تلك الامرأة من كورونا، الى أن سلّمت الروح في ليلة 5 كانون الأول 2020.

بداية ظهور أعراض كورونا على غادة عبداللطيف (20 سنة) تعود الى مطلع شهر آب من هذا العام، حين قصدت مستشفىً بخانقين بسبب اصابتها بالتهابات، هناك أجروا لها الفحوص الخاصة بالكشف عن فيروس كورونا، لكن النتيجة جاءت سلبية.

يقول نهاد عباس، زوج غادة، "في ذلك الوقت نقلناها الى بيت والدتها، لكن حالتها الصحية كانت تتدهور يوماً بعد يوم، لذا أخذناها مرة أخرى الى المستشفى و رقدت هناك لثمانية ايام."

(كركوك ناو) اتصلت بمسؤولي الصحة و القائمين على مستشفى خانقين الذين وعدوا في البداية بالإدلاء بتصريحات لكنهم لم يجيبوا بعدها على اتصالاتنا.

حين نُقِلَت غادة الى المستشفى كانت حامل بجنينها الأول.

حين وصلت لمستشفى القلعة  لم تكن رئتاها و كليتاها في حالة جيدة

"تم نقلنا بسرعة الى مستشفى كلار، أجروا لها كافة الفحوصات، وقالوا أنها مصابة بكورونا، رئتاها و كليتاها لم تكن في حالة جيدة وهو الأمر الذي تسبب بموت الجنين"، حسبما قال نهاد لـ(كركوك ناو).

لا يزال نهاد مفجوعا بالصدمتين الكبيرتين اللتين تعرض لهما، حيث فقد زوجته و طفلهم الأول مرة واحدة.

لم يكن قد مرّ عم على زواج نهاد من غادة، حيث تزوجا في 27 كانون الثاني 2019، الاثنان كانا يقيمان في كلار و كانت غادة في ضيافة والدتها ي خانقين حين تدهورت حالتها الصحية.

nihad w xada

 كلار/ 2020/ نهاد عباس و غادة عبداللطيف  في مستشفى بقضاء كلار     الصورة مأخوذة من حساب نهاد عباس على شبكة فيسبوك 

"طبيبة النسائية والتوليد جاءت من مستشفى (النقيب شيرة) الى مستشفى (القلعة) و أجرت عملية لإخراج الجنين الميت من بطن غادة. كان عمر الجنين سبعة اشهر و 10 ايام وقد مات اختناقاً بسبب انخفاض نسبة الأوكسجين في دم والدتها."

انخفاض نسبة الأوكسجين هو أحد الأعراض الشائعة في الأشخاص الذين تكون اصابتهم بكورونا شديدة.

سالار محمد أمين، طبيب الباطنية في مستشفى القلعة بقضاء كلار قال لـ(كركوك ناو) "مكثت غادة في المستشفى لـ115 يوماً، كنت مطّلِعاً على حالتها عن قرب، عندما أحضروها الى هنا أجرينا لها فحوص الكشف عن كورونا على وجه السرعة و اتضح بأنها اصابتها بوباء كورونا شديدة."

نتائج الفحوصات التي أُجريت لغادة عبداللطيف في مستشفى القلعة أظهرت بأن فيروس كورونا أثر بصورة كبيرة على كبدها، كليتيها و رئتيها، الى جانب ارتفاع ضغط الدم و انخفاض نسبة الأوكسجين الى ما بين 30 الى 40%، في الوقت الذي يجب أن تتراوح تلك النسبة بين 95 الى 100%.

يقول سالار محمد أمين، بعد اسبوعين، كانت تُجرى لغادة عملية غسل الكلى بين الحين والآخر أو ثلاثة مرات في الاسبوع، غير أن نسبة الأوكسجين في دمها لم ترتفع.

وأضاف "جنينها كان قد مات منذ أن كانت راقدة في مستشفى خانقين، أي قبل نقلها الى هنا، أصيبت بكل الحالات المرضية في الوقت نفسه لأنها أصيبت بكورونا وهي حامل، انخفاض نسبة الاوكسجين وارتفاع ضغط الدم كانا السبب وراء موت الجنين."

جنينها كان قد مات منذ أن كانت راقدة في مستشفى خانقين

زوج غادة يؤكد بأن المستشفى كان حريصاً على اجراء الفحوص لزوجته وتقديم العلاج لها بشكل يومي، لذا فهو لم يشتكي من أداء المستشفى.

و لفت سالار محمد الى أن كليَتَي غادة عادت الى عمل وظائفها بشكل طبيعي لذا أزالوا الانبوب المرن الذي كان قد وُضِع لغسل كليتيها، "بعد مدة قصيرة، تدهورت صحتها مرة أخرى، لكنها لم تستطع مقاومة المرض و تجاوز كورونا ففارقت الحياة."

نُقِل جثمان غادة عبداللطيف الى خانقين و وريت الثرى في مقبرة خدر زنده.

nihad w xadaa

كلار/ 2020/ غادة عبداللطيف  صارعت مرض كورونا لـ115 يوماً     الصورة مأخوذة من حساب نهاد عباس على شبكة فيسبوك

"كنا ننعم بحياة هادئة و ننتظر ولادة طفلنا الأول، لكن فيروس كورونا لم يدعنا وشأننا، سلب منا حياتنا و أحلامنا."

غادة عبداللطيف كانت طالبة في الصف السادس الاعدادي و زوجها أستاذ معهد.

في الفترة التي كانت غادة في المستشفى، عاد الأمل مرة واحدة لنهاد عباس و جميع أفراد الأسرة و ذلك حين تحسنت حالتها الصحية، "حالتها تحسنت، كنا نعاونها على النهوض و المشي، لكن مريضةً بكورونا كانت ترقد في ردهتها فارقت الحياة، بكاء ونحيب ذوي المريضة المتوفية أصاب غادة باليأس، فكَّرَت فيما حلّ بجنينها وقالت بأنها ستموت أيضاً."

أعداد المصابين بفيروس كورونا في العراق واقليم كوردستان وصلت الى 564 ألف و 200 شخص، تماثلت نسبة 87% منهم للشفاء، في حين تسبب الفيروس بوفاة 12 ألف و 432 شخصاً.

كورونا حرم نهاد من إقامة مجلس عزاء لزوجته؛ مبدياً تقبُّله بقدر الله، يناشد نهاد المواطنين بوقاية أنفسهم من مخاطر كورونا لكي لا يُقاسوا الآلام التي ذاقها.

  

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT