ترى ناشطات تركمانيات، أن المرأة التركمانية نالت حظها من الإجحاف وعدم الإنصاف، في التمثيل السياسي وتولي المناصب الحكومية الهامة، نتيجة الهيمنة الذكورية وتهميش الحكومات المتعاقبة.
"على الرغم من أن تلعفر ذو الأغلبية التركمانية يعتبر القضاء الأكبر في العراق، إلا أن الدور السياسي والوظيفي للمرأة فيه ما زال مهمشاً، فلم تأخذ المرأة التركمانية دورها في إدارة الدوائر والمؤسسات الحكومية"، حسب قول ابتسام الحيو، رئيسة منظمة حوار الثقافات للتنمية والإغاثة.
وخلال المدة السابقة "لم يكن بين أعضاء المجلس المحلي المنحل امرأة واحدة، بل كان مقتصراً على الرجال، كما هو الأمر الآن فلا دائرة رسمية تديرها امرأة في هذا القضاء"، تضيف الحيو.
وتتابع الحيو، في حديثها لـ(كركوك ناو)، أن "التهميش امتدّ ليكون حاضراً في محفل البرلمان والحكومات المتعاقبة، حيث لم تُمنح المرأة التركمانية حقها أسوةً بالرجل والمكونات الأخرى، ونتأمل أن تكون الانتخابات القادمة فرصة لئن تنال المرأة التركمانية مكانتها المطلوبة".
لم تُمنح المرأة التركمانية حقها أسوةً بالرجل والمكونات الأخرى
والتركمان، ثالث أكبر قومية في العراق بعد العرب والكورد، وينتشرون في أرجاء البلاد، لكن وجودهم يتركز في مناطق متنازع عليها بين الحكومة الاتحادية وإقليم كوردستان شمالي البلاد مثل محافظة كركوك، فضلا انهم يشكلون اغلبية في قضاء تلعفر غرب الموصل.
نظام "الكوتا" ينقذ المراة التركمانية من الهيمنة الذكورية
عدّت البرلمانية السابقة ورئيس حزب الإرادة التركمانية ژاله النفطچي، أن "المجتمع العراقي بطبيعته السيكولوجية مجتمع ذكوري وبالطبع فإن هذا الأمر له انعكاسه على المجتمع التركماني، وهذه الظاهرة من أكبر العوائق التي تقف أمام المرأة التركمانية لإظهار كامل قدراتها في المجال السياسي بسبب عدم فسح المجال أمامها لإبراز كامل طاقاتها".
معظم البرلمانيات التركمانيات فزنّ بعضوية مجلس النواب حسب نظام الكوتا النسوية
وتضيف لـ(كركوك ناو) أن "معظم البرلمانيات التركمانيات خلال الدورات السابقة والدورة الحالية فزنّ بعضوية مجلس النواب العراقي حسب نظام الكوتا النسوية المعمول به حتى اليوم في قانون الانتخابات العراقية مع كل التعديلات التي أجريت إليه إلا أن هذا النظام مازال ساري المفعول في القانون المذكور.
وسبب عدم تحقيق المرشحات التركمانيات لنسب كبيرة من الأصوات تعادل ما يحصل عليه بعض المرشحين الذكور من التركمان، توضح النفطجي هو "سعي أولئك لتهميش وطمس دور المرأة التركمانية وبما يتوافق مع مصالحهم الشخصية وسعيهم للاستفراد بالتمثيل التركماني في البرلمان".
وعن تجربتها الشخصية، تفيد النفطچي انها واجهتُ العديد من التحديات خلال الحملات الانتخابية التي خضتها، ومنذ العام 2010 حيث فزت حسب نظام الكوتا النسوية بعضوية مجلس النواب العراقي.
لكن في انتخابات عام 2018، حيث خاضت غمار الانتخابات النيابية عن قائمة ائتلاف النصر بعد أن "سعى البعض من الساسة الذكور من التركمان إلى ممارسة كل السبل والوسائل لإبعادي عن الترشح ضمن قائمة جبهة تركمان كركوك خوفاً من المنافسة" حسب وصف النفطجي.
وكذلك واجهت نفس الأمر من خلال ممارستها للعمل السياسي بعد قيامها بتأسيس حزب الإرادة التركمانية نهاية العام 2017 حيث واجهتُ العديد من الصعاب والتحديات من أولئك الذين سعوا لتسقطها بصورة شخصية وحزبية .
المرأة التركمانية قادرة على أداء دورها لو أتيحت لها الفرصة
رباب إسماعيل، 38 عاماً، ناشطة مدنية تركمانية، تؤكد في حديثها لـ(كركوك ناو)، أن "المرأة التركمانية أبدت جدارتها في مختلف العصور، وفي مختلف المجالات، وهي قادرة على إدارة مؤسسات الدولة، ولكنهن ينتظرن فتح الباب لهن ليقمن بدورهن في الجانب السياسي سواءً في البرلمان أو في الحكومة".
وتضيف أن " العراق يلتزم دستوريًا بنظام الكوتا النسائية في البرلمان، إذ حدد الدستور نسبة 25 % لتمثيل النساء، وساهم هذا الحل المؤقت بشكل ملموس في انخراط المرأة العراقية، من مختلف القوميات والأديان، في السياسة طوال السنوات الماضية".
وفي الدورة الحالية للبرلمان هناك امرأتين تركمانيتين هما: لليال محمد علي (تحالف الفتح - نينوى)، وخديجة علي عباس (الجبهة التركمانية - كركوك)، من بين 8 نواب تركمان.
ويبلغ مجمل عدد مقاعد التركمان في البرلمان 8 من أصل 329، حيث تشغل الجبهة التركمانية بزعامة أرشد الصالحي، 3 مقاعد، فيما تملك الكتلة التركمانية 5 مقاعد.
المجتمع قبل السلطة هضم حقها!
بينما حملت هيمان رمزي، رئيسة منظمة تولاي لشؤون التركمان، المجتمع التركماني نفسه مسؤولية عدم نيل المرأة التركمانية حقها ودورها في مؤسسات السلطة.
المجتمع التركماني نفسه لم ينصفنا، وغيّب دورنا، وحرمنا وما زال من نيل الفرص في تولي مناصب قيادية
"قبل أن نحمِل الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان مسؤولية عدم إنصاف المرأة التركمانية ينبغي أن نقرّ أن المجتمع التركماني نفسه لم ينصفنا، وغيّب دورنا، وحرمنا وما زال من نيل الفرص في تولي مناصب قيادية، بغض النظر عن السلطة التشريعية المحكومة وفق نظام الكوتا النسائية"، تقول رمزي
وعبرت لـ(كركوك ناو) عن اعتقادها أن "الخلل يكمن في المكون نفسه لا في الآخرين". وتتابع "حتى إن تمّ اختيار امرأة تركمانية لموقع ما يكون الأساس حزبياً وليس الكفاءة والخبرة".
ودخلت المرأة التركمانية في تلعفر، المعترك السياسي، بعد العام 2003، ووصلت أربع نساء منهن إلى قبة البرلمان في دورات انتخابية متعددة، وهن: إيمان محمد يونس السلمان، نهلة حسين الهبابي، ساجدة محمد يونس الأفندي، لليال محمد علي البياتي.
اول وزيرة تركمانية تتولى وزارة في العراق
في خطوة وصفت بـ"الإيجابية"، أعلنت الدائرة الإعلامية للبرلمان العراقي، في 15 كانون الأول 2020، تصويت مجلس النواب على اختيار هيام نعمت، وزيرة للدولة، وأنها أدت اليمين الدستورية، ممثلة عن المكون التركماني في حكومة مصطفى الكاظمي، في وقتٍ لم يكن للتركمان في حكومة عادل عبد المهدي (2018-2019).
وعدّت ژاله النفطچي اختيار هيام نعمت كوزيرة للدولة ممثلةً عن المكون التركماني في العراق في الكابينة الحكومية الحالية "خطوةً في المسار الصحيح، فهي من نخبة التكنوقراط في البلاد وتعد من الكفاءات المتميزة في مجال التخطيط والرقابة المالية ونقطة التحول تكمن في أنها أصبحت اليوم وزيرة ممثلة للمكون التركماني في السلطة التنفيذية".
تسنم امرأة تركمانية لوزارة دولة في حكومة الكاظمي، خطوة ايجابية
من جانبها تعتبر رمزي، "تسنم امرأة تركمانية لوزارة دولة في حكومة الكاظمي، خطوة ايجابية، وكانت ستكلل بنجاح أكبر فيما إذا لو تسنمتها امرأة مختصة وعلى مساس بالمكون التركماني وعلى احتكاك ميداني بهم".
وتسعى التركمانيات لكسر الهيمنة الذكورية وتهميش الحكومات المتعاقبة من اجل تمثيل انفسهم ولعب دورهن في جميع القطاعات ومنها السياسية وتولي المناصب الحكومية العليا.