"بعد الهجمة الشرسة للوسائل الإلكترونية، كان لابد من محاولة لإعادة هيبه الكتاب" هذا ما يقوله حيدر منصور (36 عاما) والحاصل على شهادة عليا في تاريخ.
منصور انشى مكتبة "شارلك هولمز" في منطقة المحاكم وسط مدينة كركوك، ونفذ عدة نشاطات ثقافية، من ضمنها "اسبوع الكتب" الذي يقام كل ظهر يوم جمعة، ولضيق المكتبة قرر رصف الكتب على الشارع مباشرتاً بهدف تشجيع الناس على القراءة، وعزف للفرق الموسيقية وعرض لوحات لبعض الرسامين.
"بعد توافد العديد من الشباب ومشاركتهم في الفعاليات، ازدحام الشارع أيضا ناهيك على عدم ملائمته للجلوس والمناقشات من ناحية النظافة والترتيب، كان لابد من توفر مكان يليق بإبداعات الشباب ومن هنا اتت فكرة منتدى الانسان الثقافي في كركوك"، يقول منصور.
المنتدى الذي لحقه منصور بمكتبته وما هو إلا بداية لـ"حلم اكبر" وتكوين مركز لرفد الدراسات العلمية والبحثية والتاريخية في محافظة كركوك.
وتفتقر كركوك للملتقيات الثقافية ذات الطبيعة الشعبية، التي تتيح للشباب والهواة عرض مواهبهم الفنية والعلمية إضافة إلى تبادل فيما بينهم المعلومات والخبرات.
حرية في اختيار محتوى وطرح نتائج "العليا"
خصص منتدى الانسان الثقافي مرسمً صغيرً لمحبي هواية الرسم، تتيح لهم رسم لوحاتهم ومن ثم عرضها للبيع، حيث يوكد القائمين عليه ان الفنانين والهواة لهم مطلق الحرية في الاختيار مواضيع لوحاتهم وفي تحديد أسعارها.
يقول منصور ان "جميع اصحاب المواهب الفنية لهم حرية ممارسة هواياتهم في المنتدى من تمثيل وعزف ونحت وغيرها بشرط، ان يكون المحتوى نافع مجتمعيا وغير هدام او يميل للطائفية".
يذكر منصور ان ما يميز المنتدى عن غيره انه مكان لا يقتصر على الابداع الفني انما متاح أيضا لجميع اصحاب الانجازات العلمية واخص منهم طلاب الدراسات العليا في المحافظة.
"رسائل واطاريح طلاب الدراسات العليا تهمل وتنسى بعد مناقشتها، لا تطبع ولا تنشر او تصور عنها فيديو، لذلك أحد اهم اهداف منتدى الانسان هي عمل جلسات نقاش كل يوم جمعة لاحد هؤلاء الطلاب لأتاحه الفرصة لإعلان ما توصل اليه من نتائج خلال دراسته"، يقول منصور.
رسائل واطاريح طلاب الدراسات العليا تهمل وتنسى بعد مناقشتها
حيث يقوم المنتدى بتصوير الجلسة ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي لتعريف المجتمع على اهم نتائج البحوث والدراسات الاكاديمية التي تجري في الكليات والمعاهد في كركوك.
على طريقة شارع المتنبي
طموح المنتدى ان يساهم في النهوض بواقع كركوك ثقافياً وعلمياً، وان يكون للمحافظة مكاناً ثقافياً شعبياً خاصاً مثل شارع المتنبي في بغداد وشارع الكتب في الموصل، كما يقول أحمد منصور اخ صاحب المنتدى.
ولفت إلى الغاية من تأسيس المنتدى ليس الربح المادي، بل تواجد جميع المثقفين والطاقات العلمية والفنية في مكان واحد، وهي محاولة لإبعاد الشباب ولو قليلا عن استخدام مواقع التواصل بشكل دائم والعودة للقراءة.
محمد جوهر احد طلاب معهد الفنون الجميلة قال لـ(كركوك ناو) ان اسبوع الكتب والمنتدى هي "بداية جيدة لنشاطات اكبر في كركوك"، لافتا ان الفكرة وفرت له ولغيره من اصحاب الابداع عرض أعمالهم الفنية بدون اي مقابل مادي.
ودعا الشباب من كلا الجنسين لزيارة المكان والمشاركة في اسبوع الكتب وعرض اعمالهم الفنية، خصوصا ان محافظه كركوك تعاني من قلة نشاطات الفنية والثقافية بعد احداث 2014.
افتقار للسمة الثقافية في كركوك
"كركوك تفتقر للاماكن التي لها سمة ثقافية علمية، وفكرة افتتاح مثل هذه المنتديات ستساهم في إشاعة الثقافة وتبادل الخبرات بين الشباب"، كما تقول الناشطة زينة اشرف.
كركوك تفتقر للاماكن التي لها سمة ثقافية علمية
وأضافت لـ(كركوك ناو) ان مثال على ذلك منتدى الانسان واسبوع الكتب، حيث يتيحان فرصة لتجمع الشباب من كلا الجنسين وليس من اجل القراءة فقط بل لتبادل الخبرات والمهارات في مختلف المجالات.
وحول تجربتها مع مثل هكذا منتديات ثقافية، توضح اشرف لقد "تعرفت من خلالها على فرق تطوعية وكتاب وشباب اصحاب انجازات علمية وبحثية".
اشرف وبحكم عملها كمحامية قدمت بدورها "الاستشارات القانونية" وتبادلت معهم "الخبرات والمعلومات".
منصور يعزي نجاح المنتدى الذي انشاه إلى رغبة الشباب للتعلم والتثقف، وعلاقة بينهم قائمة على "المحبة بين رواد المنتدى" وتواجدهم المستمر واستقطابهم لأصدقائهم.