الصراعات السياسية والمشاكل الادارية، زادت من معاناة سكان جلولاء، في الوقت الذي تعاني فيه الناحية من دمار الحرب و انعدام الخدمات.
استعيدت جلولاء من قبضة تنظيم داعش قبل ست سنوات، لكن مظاهر الحرب لا تزال بادية على شوارعها، آلاف المنازل طالها الدمار في حين لم يحصل سكانها على تعويضات، ما أثار سخط تلك العوائل.
الناحية التابعة لقضاء خانقين ضمن محافظة ديالى، والتي تعتبر من المناطق المتنازع عليها بموجب الدستور العراقي، يطلق عليها العرب اسم جلولاء، والكورد يطلقون عليها اسم (كولاله)، أما التركمان فيسمونها (قرغان).
المشاكل الادارية
مدير ناحية جلولاء لا يزاول مهامه منذ قرابة عام وذلك بعد احالته للمحكمة و منع متظاهرون عودته الى مقر عمله.
وكان عدد من المتظاهرين قد قاموا في أيار 2020 بإغلاق مبنى مديرية الناحية مطالبين بتنحية مدير الناحية.
يعقوب اللهيبي، وهو من المكون العربي، نُصب مديرا لناحية جلولاء كمرشح لحزب الاتحاد الوطني الكوردستاني في 2015 بعد استعادة الناحية من قبضة تنظيم داعش.
وكان يعقوب اللهيبي قد تعرض للاعتقال مرتين بعد اتهامه بالتورط في ازالة تجاوزات شملت منازل شيدت على ممتلكات الدولة في حي التجنيد، قبل ان يتم اطلاق سراحه، وهو الآن يقيم خارج الناحية ويتولى أحمد زركوشي مدير ناحية السعدية مهامه وكالةً.
يقول الناشط المدني هلال ستار بأن "مدير الناحية بالوكالة لا يستطيع تسيير شؤون المواطنين لأنه متواجد في الدوام يوماً أو يومين فقط في الاسبوع."
ويأتي ذلك في حين أن عدداً كبيراً من المواطنين يراجعون مديرية الناحية يومياً لإكمال معاملاتهم التي تحتاج موافقة و توقيع مدير الناحية.
ولفت ستار في حديثه لـ(كركوك ناو) الى أنهم أطلقوا حملة لتحويل الناحية الى قضاء من أجل تقليل المشاكل الادارية و انقاذ جلولاء من "الظلم والتهميش".
لكن هذه الخطوة بحاجة الى اصدار قانون من قبل البرلمان العراقي.
"نسعى لتحويل جلولاء الى قضاء لكي يتم تخصيص ميزانية أكبر لها، لأنها تضررت كثيراً جراء حرب داعش والأحداث الذي تلتها"، حسبما قال هلال ستار.
أضرار الحرب والحرمان من التعويضات
لم ينل أي من سكان ناحية جلولاء تعويضات عن الأضرار التي لحقت بهم جراء حرب داعش والأحداث التي شهدتها المنطقة.
"الحي الذي نقيم فيه تدمّر بالكامل و سوّيت جميع منازله بالأرض خلال عملية تحرير جلولاء"، كما قال نصرت شلال، من سكنة حي التجنيد لـ(كركوك ناو).
تشير متابعات (كركوك ناو) الى تعرض ما يقرب من أربعة آلاف من منازل و ممتلكات المواطنين الى الدمار خلال حرب داعش والعمليات العسكرية.
سيطر تنظيم داعش على جلولاء في منتصف عام 2014، لكن قوات البيشمركة استعادت السيطرة على الناحية في نهاية نفس العام.
وأضاف نصرت "قدّمنا معاملاتنا منذ ما يقرب من ثلاثة أعوام لتسلم التعويضات، لكننا لم نحصل على شيء، كل ما هناك عبارة عن روتين مرهق و غير مجدي."
الأشخاص الذين تقدر الأضرار التي لحقت بهم بأكثر من 30 مليون دينار يجب أن يستكملوا معاملاتهم في بغداد، لكن الذين تقدر أضرارهم بأقل من 30 مليون دينار تتولى لجان فرعية في المحافظات تسيير معاملاتهم.
لؤي بالاني، عضو لجنة تعويض المتضررين في ناحية جلولاء قال لـ(كركوك ناو) "حوالي سبعة آلاف شخص قدموا معاملات لطلب تعويضات عن الأضرار التي لحقت بهم خلال حرب داعش والعمليات العسكرية."
المكتب الفرعي الخاص بتسيير معاملات التعويض افتح قبل عام في جلولاء، وهو يمارس مهامه يومين فقط في الاسبوع، أحدهما مخصص لناحية جلولاء، ويتوجه أعضاء المكتب في اليوم الآخر الى النواحي الأخرى التابعة لقضاء خانقين.
يقول بالاني "بإمكاننا اكمال 25 معاملة كل يوم نداوم فيه في جلولاء، توجد حالياً قرابة ثلاثة آلاف معاملة أخرى يجب أن نقوم بإرسالها الى اللجان الأعلى سلطة في بعقوبة، مركز محافظة ديالى."
وأقرّ بالاني بأن أعمال اللجنة "تسير ببطء"، مشيراً الى أن ما يؤخر العملية أكثر هو أن صرف مبالغ التعويضات من صلاحيات الحكومة الاتحادية في بغداد و لا يُعرَف متى سيتم صرفها.
الدعاوى والمحاكم
الى جانب مدير الناحية، يواجه عدد من المسؤولين الأمنيين و الحزبيين تهم في المحاكم، بسبب الصراع السياسي الموجود في جلولاء.
مدير ناحية جلولاء يعقوب اللهيبي، المجاز حالياً والذي لا يعرف فيما ان كان سيبقى في منصبه أم لا، قال لـ(كركوك ناو) "الدعوى المسجلة ضدي دعوى سياسية، الغرض منها معاداتي، أنوي العودة الى اجلولاء بعد انتهاء اجازتي، لكنني لا أدري فيما ان كنت سأبقى في منصبي أم أنني سأطلب احالتي الى التقاعد."
اللهيبي نفى مراراً الاتهامات التي طالته حول ضلوعه في هدم منازل في حي التجنيد ويقول "الأشخاص الذين سجلوا شكوى ضدي، هم أنفسهم من قاموا بهدم منزلي."
حرب الدعاوى القضائية تفاقمت بعد التغييرات التي أعقبت تداعيات استفتاء استقلال اقليم كوردستان في أيلول 2017، حين انسحبت القوات التابعة لحكومة اقليم كوردستان من جلولاء و عادت القوات التابعة للحكومة الاتحادية الى المنطقة.
خليل خوداداد، مسؤول فرع تنظيمات الاتحاد الوطني الكوردستاني في جلولاء يواجه كذلك تهم قضائية وقد صدر أمر بالقبض عليه. مع نفيه لمزاعم تورطه في هدم منازل المواطنين، يتهم خوداداد جماعة مسلحة في الناحية بمهاجمته و تهديده.
"الدعوى و قرار الاعتقال وراءها دوافع سياسية، يريدون استبعادنا من جلولاء"، على حد قول خليل خوداداد.
الوضع الأمني
مرّت ناحية جلولاء خلال الأعوام الماضية بوضع أمني متدهور شهد حوادث أمنية متفرقة مثل انفجار العبوات الناسفة، والهجمات المسلحة التي استهدفت المدنيين وعناصر القوات الأمنية.
رغم استمرار الحوادث الأمنية، يتجنب المسؤولون الأمنيون والعسكريون الادلاء بتصريحات للاعلام حول تلك الحوادث و مدى قدرتهم على حماية أرواح الموواطنين.
أحمد سومار، ناشط مقيم في ناحية جلولاء، قال لـ(كركوك ناو) "خلال الأشهر القليلة الماضية، تعقدت الأوضاع الأمنية بصورة أكبر، وأسفرت الهجمات الارهابية عن سقوط عشرات الضحايا."
القوات الأمنية العراقية نفّذت عدة عمليات عسكرية في الناحية و تؤكد بعد كل عملية "القضاء على تهديدات داعش".
يقول سومار "بعد انتهاء العمليات العسكرية، تحسن الوضع، بالأخص في منطقة شيخ باوه التي كانت بؤرة لهجمات مسلحي داعش"، وتمنى سومار أن يبقى الوضع كذلك، "نريد أن نعيش في أمان ونستطيع اعادة بناء منطقتنا."
حتى نهاية العام الماضي، كان الملف الأمني يعد عائقاً أمام عودة سكان جلولاء النازحين الى ديارهم، قبل أن تقرر الحكومة اغلاق كافة المخيمات واضطرار أغلب النازحين للعودة.
تتولى الشرطة المحلية حماية مركز ناحية جلولاء، فيما تتمركز قوات الجيش و الحشد الشعبي في أطراف الناحية.