كركوك ترمي المنديل في صراعها لزيادة نسبة المساحات الخضراء

جانب من مدينة كركوك  تصوير: كاروان الصالحي

ليلى أحمد

لاقَت جهود ادارة كركوك لزيادة نسبة المساحات الخضراء في المحافظة فشلاً ذريعاً، في ظل انحسار مساحة الخضرة يوماً بعد يوم وعدم الاعتناء بالأشجار التي صمدت لحد الآن، مما ينذر بتلوث البيئة بصورة أكبر في كركوك.

في أواخر عام 2011، تعهد مدير بلدية كركوك السابق عبد الكريم حسن بتغيير منظر المدينة على نحو تام، وذلك في مقابلة أجرتها معه (كركوك ناو) اشار فيها الى عزم البلدية زيادة نسبة المساحات الخضراء. وفي عام 2014، عاد ليؤكد على انشاء حزام أخضر حول المحافظة بهدف صد الغبار والأتربة.

بعد مرور سنوات على تلك الوعود، تشير أحدث احصائيات دوائر كركوك الى أن نسبة الخضرة في المدينة لا تتعدى 2%، في حين كانت النسبة تقترب من 4% في عام 2017.

تشير أحدث احصائيات دوائر كركوك الى أن نسبة الخضرة في المدينة لا تتعدى 2%،

سرور حسين، من سكنة حي بيريادي في كركوك، قام بزراعة أشجار اليوسفي و التين في حديقة منزله الصغيرة، لكن المشكلة حسبما يقول سرور هي أن الجميع لا يفكرون مثله، ويقول من الأفضل أن تتولى كل عائلة بنفسها الاعتناء بالخضرة وزراعة الأشجار دون أن ينتظروا شيئاً من الحكومة.

"زيادة نسبة المساحات الخضراء و الاعتناء بالبيئة ليس أمراً منوطاً بشخص أو شخصين، يجب على كل فرد وعلى الحكومة أيضاً السعي لهذا الهدف."

panjaaliykirkuk (6)

كركوك/ 2020/ قلع الأشجار التي كانت موجودة في الجزرة الوسطية لشارع بنجا علي بحجة ايصال مشاريع خدمية  تصوير: سوران محمد

يقول اسماعيل عبدالله، الساكن في حي الحرية، وهي من الأحياء التي تعد نسبة الخضرة فيها قليلة جداً، بأن البلدية لا تقدم خدمات للي، "أعيش هنا منذ 12 سنة، نسبة الخضرة لم تشهد أي زيادة، المكان هنا اشبه بالصحراء، نعاني خلال الصيف من تصاعد الغبار والأتربة ونوشك أن نختنق بالروائح النتنة للنفايات المتراكمة في المنطقة."

توجد 184 حديقة عامة ومتنزه داخل مدينة كركوك، مساحة أغلبها صغيرة جداً باستثناء عدد قليل فقط تتجاوز مساحتها عدة دونمات، الى جانب تشجير 81 جزرة وسطية –بطول يتراوح بين كيلومتر واحد الى خمسة كيلومترات- لكن الأشجار المزروعة فيها على وشك الزوال.

ولفت مدير بلدية كركوك فريدون عادل الى حاجة البلدية لعمال اضافيين للاعتناء بتلك الحدائق وحماية المساحات الخضراء.

"لدينا 46 عاملاً فقط لري الحدائق والمتنزهات والاعتناء بها، وذلك يفوق طاقاتهم. لا نستطيع الاعتناء بالحدائق والخضرة في كركوك لذا فهي على وشك الزوال..."، واضاف فريدون "نحن بحاجة الى أكثر من الف عامل اضافيين لكي نتمكن من حماية هذه النسبة من الخضرة."

خلال الأعوام الماضية، بذلت بعض المنظمات جهوداً لزيادة نشبة المساحات الخضراء في كركوك، من بينها مؤسسة كوكار للتنمية المستدامة والعمل التطوعي.

وقد قامت المنظمة في اطار حملتين نفذتهما خلال السنوات الثلاث الماضية بتوزيع 20 ألف نبتة على المواطنين لغرسها على جوانب الطرق، لكن المشكلة الرئيسية التي تواجه هذه الجهود تتمثل في عدم قدرة ادارة كركوك على ريها و الاعتناء بها، في الوقت الذي تصل فيه درجات الحرارة في الصيف الى أكثر من 45 درجة مئوية.

محمد عبدالخالق، مسؤول اعلام منظمة كوكار قال لـ(كركوك ناو) "الحملة الثالثة ستشمل توزيع أشجار التوت على المواطنين، لكن المشكل هي أن البلدية لا تستطيع الاعتناء بحدائقها ومتنزهاتها، فكيف ستساعدنا في هذا الأمر."

zbl

كركوك / أيلول 2020 / بعض مصادر تلوث البيئة في المدينة  تصوير: كاروان الصالحي

محمد عبدالخالق سعيد بأن حوالي 60 بالمائة من الأشجار التي زرعوها تمكنت من النمو والبقاء، "لكن ذلك غير كاف، يجب على الجميع وبالأخص البلدية السعي لزيادة نسبة الخضرة، البيئة في كركوك تواجه خطراً كبيراً."

الخوف من تراجع نسبة الخضرة في كركوك يأتي في حين تنشر المئات من الآبار النفطية و المعامل غازات سامة تضر بصحة الانسان.

يجب على الجميع وبالأخص البلدية السعي لزيادة نسبة الخضرة، البيئة في كركوك تواجه خطراً كبيراً

شكوفه محمد، ناشطة و مختصة في مجال البيئة في كركوك أشارت الى أن العناصر الرئيسية الثلاث للبيئة في كركوك والمتمثلة بالماء، الهواء والتربة حارة وجافة، المحافظة تختنق بدخان شركات النفط والغاز، علاوة على ذلك، تفتقر معامل السمنت والطابوق والجص الى شروط حماية البيئة مثل وجود فلاتر لتصفية وترشيح الغبار و الأتربة، "كل هذه الأمور تقودنا الى حقيقة أن البيئة الحالية في كركوك غير صالحة لإدامة الحياة فيها."

ما زاد الطين بلة هو تكدس مئات الأطنان من  النفايات في المدينة، وتشير احصائيات بلدية كركوك الى أن فرق البلدية بمقدورها الآن رفع حوالي 200 طن الى 400 طن فقط من النفايات من مجموع ألف و200 طن من القمامة التي تتكدس  يومياً في شوارع وأزقة المدينة.

ويقول رئيس البلدية بأنهم يحتاجون الى ميزانية تبلغ مليار و 200 مليون دينار لكي يتمكنوا من تنظيف المدينة، لكن وزارة البلديات قلّصت الميزانية الى 200 مليون دينار فقط، وهو ما يكفي لتنظيف قطاع واحد من اصل ستة قطاعات.

وقالت شكوفه "توجد مساحة كبيرة من الأراضي في كركوك، لكن ملكية أغلبها لم تحسم بعد لكي نتمكن من تخضيرها، نسبة الخضرة الحالية تقدر بـ 2 بالمائة وهي نسبة قليلة جداً."

وفقاً للمعايير العالمية يجب أن تصل نسبة الخضرة الى 15% فما فوق.

abl

كركوك/ نيسان 2021 / تكدس أطنان من النفايات في أزقة وشوارع المدينة تصوير: كوران بابان

ترى شكوفه بأن ادار كركوك ليست لديها خطط لزيادة نسبة الخضرة وتقول "في الوقت الحاضر، يوجد مشتلان فقط في هذه المدينة، مشتل البلدية لا يوزع شتلات على أحد، فيما يعطي مشتل دائرة الزراعة الشتلات للمواطنين مقابل مبلغ مالي"، وهي نسبة قليلة حسبما تقول شكوفه.

مع ذلك، ذكرت شكوفه بعض المعوقات التي تقف حائلاً أمام زيادة نسبة المساحات الخضراء في كركوك، من بينها، عدم محاسبة الذين يقومون بقطع الأشجار والحاق الضرر بها، وعدم السماح للمنظمات العاملة في مجال البيئة والمرخصة من قبل حكومة اقليم كوردستان فقط بالعمل في المحافظة.

 وتخشى شكوفه من تراجع أكبر للمساحات الخضراء، "المواشي التي تربى داخل المدينة تقضي على الأشجار ولا يتم الاعتناء بالنباتات المزروعة"، وهذه مخاوف تراود المواطنين، الحكومة والمنظمات في ظل توقعات بأن تواجه كركوك كارثة بيئية خلال السنوات المقبلة."

 

  

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT