أزالت القوات الأمنية العراقية ما يقرب من خمسة آلاف دونم من البساتين، الحقول الزراعية والأراضي الكثيفة بالأشجار بحجة تقييد تحركات مسلحي داعش و منع تسللهم الى قرى خانقين.
جاءت الحملة في اطار عملية عسكرية استمرت لسبعة اسابيع بمشاركة الجيش والقوات المسلحة الأخرى بهدف "تعقب مسلحي داعش والقضاء على التهديد" الذي يشكلونه على أمن سكان القرى التابعة لقضاء خانقين ضمن محافظة ديالى.
انطلقت العملية العسكرية تحت اشراف وتوجيه ، رئيس الوزراء العراقي والقائد الأعلى للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي في 28 شباط الماضي واستمرت لغاية 17 نيسان 2021.
"نُفِّذَت العملية بنجاح وحققت أهدافها، حيث تم تطهير منطقة شيخ باوه ، بالأخص بحيرة قرية الاصلاح وقرية أم حنتة من مخابئ داعش بالكامل، والتي كانت تستخدم من قبل مسلحي التنظيم كقواعد لانطلاق تحركاتهم وهجماتهم في خانقين وجلولاء"، حسبما صرّح سيد صادق، المتحدث باسم محور ديالى لقوات الحشد الشعبي لـ(كركوك ناو).
الى جانب قوات الحشد الشعبي، شاركت قوات الجيش والشرطة الاتحادية و الرد السريع في تلك العملية.
يقول صادق بأن العملية العسكرية استغرقت أكثر من 40 يوماً وشملت مناطق شمال خانقين وأطراف بحيرة حمرين وصولاً الى منطقة نفط خانه.
تركزت العملية على القرى والمناطق الواقعة على الجداول التي تصب في نهر سيروان ونهر ألوند.
حسب المسؤولين الأمنيين، فإن الغابات الكثيفة والبساتين الواقعة على الجداول، خصوصاً في منطقة شيخ باوه و قرية الاصلاح اصبحت مخابئ وبؤر لمسلحي "داعش".
فيديو: تجريف الأشجار والبساتين في خانقين في اطار العملية العسكرية
وفقاً لمتابعات (كركوك ناو) وبالاستناد الى المعلومات التي حصلت عليها من عدد من القرويين واشخاص مطَلعين في المنطقة، يبست قرابة خمسة آلاف دونم من البساتين والحقول الزراعية والخضرة خلال العملية العسكرية، كما قُطِعت أغلب أشجار المنطقة.
"بدأ المزارعون منذ ايام بجمع بقايا الأشجار المقطوعة وتنظيف البساتين لكي يتمكنوا من استئناف الزراعة مرة اخرى"، حسبما قال سيف ستار، مختار قرية الاصلاح (31 كم شمال جلولاء).
ولفت سيف الى أن المزارعين لم يحصلوا على تعويضات عن الأضرار التي لحقت بهم، لذا فقد كثفوا جهودهم للحصول على تعويضات تمكّنهم من إحياء بساتينهم وحقولهم الزراعية.
تشير متابعات (كركوك ناو) الى أن معيشة حوالي 400 مزارع تعتمد على تلك البساتين والحقول الزراعية التي يبست وتضررت.
بالرغم من ذلك، يقول مختار قرية الاصلاح بأن العمليات العسكرية "أعادت الأمن والاستقرار الى المنطقة، الآن بإمكان المزارعين الوصول الى أراضيهم الزراعية وبساتينهم بعد أن كان يتعذر عليهم ذلك بسبب تواجد عناصر داعش."
شهدت خانقين والمناطق المحيطة بها منذ مطلع العام الحالي عشرات الحوادث الأمنية والتي أسفرت عن مصرع 15 مسلحاً في صفوف الجيش والحشد الشعبي و اصابة آخرين بجروح، اضافة الى الأضرار التي لحقت بممتلكات سكان القرى.
الحادث الأخير وقع ليلة 20 نيسان 2021 في قرية علي سباهي شمال غربي قضاء خانقين بعد ايام من انتهاء العملية العسكرية، حين داهم عدد من مسلحي "داعش" القرية واندلعت مواجهات أصيب على إثرها شقيقان بجروح، كما احترقت ثلاث مركبات ومنزلين.
في نفس الليلة، انفجرت عبوة ناسفة بدورية للجيش العراقي اثناء توجههم لنجدة أهالي القرية، وتعرض أفراد الدورية لنيران قناصة، ما ادى الى جرح أربعة ضباط وجنود.
عبدالله العتيبي، مسؤول اعلام اللواء 28 في قوات الحشد الشعبي المتمركز حالياً شمال و شمال غرب خانقين قال لـ(كركوك ناو) "العملية أدت الى عودة الأمن والاستقرار الى شمال جلولاء ومناطق شمال و شمال غرب خانقين"، وأكد على أن الأهم من العملية هو "حماية المكتسبات من خلال تشديد الرقابة."
يتجنب القادة والمسؤولون الأمنيون الاعتراف بقيامهم بتجريف البساتين وقطع الأشجار في المنطقة، لكنهم يقولون بأنهم مستعدون لفعل ما يلزم من أجل القضاء على بؤر ومخابئ مسلحي داعش.
وقال العتيبي "الأهالي يتعاونون معنا الآن عن طريق اعطائنا المعلومات ونحن بدورنا نقدم لهم العون... في اطار العملية نصبنا جسراً بالقرب من قريتي الاصلاح وقاية بين ناحية جلولاء وخانقين لتسهيل تنقل سكان المنطقة وتحركات القوات الأمنية،".
بعد اكتمال العملية العسكرية، أنشأت القوات الأمنية ثلاثة خطوط للمراقبة والمتابعة.
"الخط الأول لتعقب الارهابيين ميدانياً، الثاني لتعزيز نقاط المرابطة العسكرية والثالث لمراقبة تحركات داعش باستخدام الكاميرات الحرارية والطائرات المسَيّرة"، حسبما أوضح المتحدث باسم محور ديالى لقوات الحشد الشعبي سيد صادق.
وأضاف "تم تدمير العديد من مخابئ داعش في خانقين الى جانب ضبط كميا من المتفجرات والعبوات الناسفة."
العملية العسكرية انطلقت أيضاً في عدة مناطق ضمن محافظتي كركوك و صلاح الدين.
على الرغم من تسجيل حوادث أمنية أخرى بعد انتهاء العملية العسكرية، يطمئن سيد صادق المواطنين ويقول "بات من الصعب على داعش تنفيذ أعمال عنف مثلما كانت تفعل في السابق، لأن التنظيم فقد مخابئه ومعداته العسكرية هناك."
بعد عام 2003، تسلمت الشرطة والقوات الأمنية التابعة لحكومة اقليم كوردستان زمام الملف الأمني في قضاء خانقين، قبل أن تعود القوات التابعة للحكومة المركزية الى المناطق المتنازع عليها عقب أحداث 16 اكتوبر 2017.