"قضيت حياتي كلها أركض وراء لقمة العيش"
قصص عمال محرومون من الراحة حتى في الأعياد

كركوك/ نيسان 2021/ أحمد صابر، يؤمّن قوت عائلته عن طريق العمل كأجير منذ طوال 30 عاماً   تصوير: كاروان الصالحي

كاروان الصالحي – كركوك

أحمد صابر يشتغل كعامل بناء منذ 30 عاماً، لكنه وكما يقول بنفسه، لم يتمكن من تحسين وضعه المادي بل أن الفقر والعوز يلازمانه على الدوام.

 "أتمنى أن يتوفانا الله، فذلك أفضل من أن نهرع وراء العمل ثم نعود خاليي الوفاض"، هذ ما قاله أحمد والحزن يعتليه، حين سأله مراسل (كركوك ناو) عن وضعه المعيشي.

الجميع في ميدان العمال بشارع أحمد آغا في مدينة كركوك يخالجهم نفس شعور أحمد، اليوم العالمي للعمال في 1 أيار كانت فرصة لهم للإفصاح عن معاناتهم.

جاوز أحمد صابر الستين من عمره، آثار التعب والإرهاق بادية عليه، "طوال السنوات الـ30 التي عملت فيها لم أتقدم خطوة واحدة، قضيت حياتي أركض وراء لقمة العيش، حتى ذلك بات من الصعب الحصول عليه."

يقول أحمد بأن وضعه كان سيختلف لو كان في أي بلد آخر غير العراق، لأنه رغم بلوغه ذلك العمر لم يتمكن من تأمين حياة كريمة لأطفاله، فهو لحد الآن لا يملك شيئاً.

krekar 2021 (4)

كركوك/ نيسان 2021/ عامل شاب يقوم بنصب الخشب المستخدم لبناء أسقف المنازل  تصوير: كاروان الصالحي 

ظروف العمال ساءت اكثر منذ العام الماضي، لأن حظر التجوال المفروض ضمن الاجراءات الوقائية للحد من تفشي فيروس كورونا أدى الى توقف أعمالهم لفترة طويلة.

بعض من المواطنين الذين يقصدون ساحات تجمع العمال داخل مدينة كركوك يحصلون على فرص عمل مؤقتة لا تتعدى يومين أو ثلاثة في الاسبوع، أحياناً لا يتسنى لهم ذلك ايضاً بسبب اجراءات حظر التجوال الجزئي.

علي نامق، شاب في الثامنة والعشرين من العمر وهو من أهالي كركوك، تحدث علي عن همومه لـ(كركوك ناو) بعد أن اشترط عدم نشر صورته، "كنت من الطلاب المتفوقين وحزت على شهادة الماجستير في قسم التاريخ"، ثمرة تعبه هي أنه حسبما يقول لا يستطيع الآن الحصول على فرصة للعمل كأجير.

علي متزوج وأب لأربعة أطفال.

 "قلت لأطفالي بأن يدرسوا فقط لكي يتمكنوا من القراءة والكتابة، لأنك اذا سعيت في هذا البلد وراء الشهادات، ستجد نفسك قد صرفت كل عمرك دون أن تنال شيئاً."

krekar 2021 (7)

كركوك/ نيسان 2021/ عامل يقوم بنقل الاسمنت على أكتافه   تصوير: كاروان الصالحي 

تعرض علي للإصابة مرات عديدة أثناء العمل، في احدى المرات سقط من على السُلّم فانكسرت يده وساقه، "لم يسعفني أحد، واضطررت لبيع أثاث منزلي لتأمين مصاريف العلاج لكي أتمكن من العودة لمزاولة عملي."

يقول هذا الشاب بأنه كان يتمنى لو أنه كان قد أعدّ رسالة الماجستير بعد تجربة العمل كأجير لكي تكون مخصصة لدراسة أوضاع العمال في العراق.

لقى العشرات من العمال سنوياً في كركوك مصرعهم أو يتعرضون لإصابات بسبب ضعف أو انعدام اجراءات السلامة والوقاية في أماكن عملهم.

وتشير احصائية حصلت عليها (كركوك ناو) من نقابة العمال في كركوك الى أن 5 عمال لقوا حتفهم كما أصيب 9 آخرون بجروح أو إعاقات أثناء العمل منذ بداية عام 2021.

الحادث الأخير وقع في حي كوركة جال بكركوك في 10 نيسان 2021، حيث لقي ثلاثة عمال مصرعهم بعد انهيار جدار عليهم، أحد الضحايا كان والداً لـ13 طفل.

krekar 2021 (10)
كركوك/ 10 نيسان 2021/ أنقاض الجدار الذي وقع على ثلاثة عمال والذي أدى الى مصرعهم في الحال   تصوير: كاروان الصالحي

رزكار سعيد محمد بابان، نائب مدير فرع كركوك لنقابة العمال قال لـ(كركوك ناو) "لحد الآن، استطاع 80 الى 90 عامل الحصول على حقوقهم من اصحاب العمل، بدورنا وكّلنا محامين لهم دون مقابل لكي يعينوهم على استرداد حقوقهم."

وفقاً لقانون العمل في العراق، يحق للعامل الحصول على مبلغ من المال يتم تحديده بموجب عقد عمل أو اتفاق، وذلك اذا تعرض لحادث أثناء تأدية العمل.

يرى رزكار بأن القوانين المتعلقة بحقوق العمال يمكن اعتبارها قوانين جيدة اذا تم تنفيذ كافة بنودها وفقراتها، رغم بعض الملاحظات على قسم من تلك البنود والفقرات.

بموجب القانون والتعليمات، لا يشمل نظام الضمان الاجتماعي العمال الذين يعملون بأجور يومية، كحال العمال الذين يتجمعون في ميدان أحمد آغا بكركوك.

 "الضمان الاجتماعي يشمل الشخاص الذين يعملون في المصانع و يجب ايداع نسبة 5% من أجر العامل في صندوق الضمان الاجتماعي ويدفع صاحب العمل نسبة 21% من مبلغ الضمان، في حال تعرض العامل لحادث يودي بحياته أو يمنعه من العمل، تلتزم الحكومة بتخصيص راتب تقاعدي لا يقل عن 350 ألف دينار شهرياً"، حسبما قال رزكار بابان.

في اطار القوانين المعمول بها، يكون أصحاب المعامل والأعمال الدائمية ملزَمين بتسجيل العمال في صندوق الضمان الاجتماعي ودفع المبلغ الذي حددته الحكومة.

 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT