اللغة السريانية ترفض الاندثار

نينوى، 17 تشرين الثاني 2019، مدرس يعلم اللغة السيريانية، تصوير مديرية التعليم السرياني

صفاء الجميل - نينوى

تعاني اللغة السريانية من تناقص اعداد المتحدثين بها، حيث أنّ نسبة كبيرة من السريان يتحدثون اللغة العربية كلغة اساسية ولا يتقنون لغتهم الام او لا يستطيعون القراءة والكتابة بها. 

لذلك أقدمت مديرية التعليم السرياني التابعة لوزارة التربية باطلاق دورات تدريبية لتمكين المسيحيين بالكتابة والقراءة باللغة السريانية وافتتحت مراكز محو الامية خاصة بهذه اللغة.

خطوات نحو تعليم اللغة

"لم أكن أعرف القراءة والكتابة باللغة السريانية، ولكنّني شاركت باحد مراكز محو الامية لهذه اللغة، واستطعت ان اجتاز المرحلتين الأساسية والتكميلية والتخّرج بمعدل إمتياز"، تقول المواطنة السريانية تزيزية الشورجي.

وعبرت لـ(كركوك ناو) عن فرحتها لتمكنها من اجادة لغتها القومية، ودعت لدعم وانجاح عملية محو الأمية للغة السريانية في مدينتها بغديدا (قرة قوش) بقضاء الحمدانية شمال محافظة نينوى ذات الأغلبية السكانية من السريان.

وكان نظام صدام حسين (1979 - 2003) منع تداول اللغة السريانية في المحافظات العراقية بالثمانينات من القرن المنصرم وحتى سقوط النظام، مما سبب بقلة عدد من يتقن هذه اللغة، واقتصر تداولها على الممارسات الكنسية في الكنائس السريانية المنتشرة في محافظات البصرة وبغداد وكركوك ونينوى.

اما في إقليم كوردستان الذي كان يتمتع بحكم ذاتي في التسعينيات القرن المنصرم، فاستمر تعليمها، وكانت اللغة الأساسية في بعض المدارس في ناحيتي سرسنك ونهلة بمحافظة دهوك.

ٍSarian
نينوى، 17 تشرين الثاني 2019، احد صفوف دورة محو الامية للغة السريانية، تصوير مديرية التعليم السرياني

ويتواجد السريان من الأرثوذكس والكاثوليك في الموصل وسهل نينوى (بغديدا) وهي أكبر تجمع لهم إضافة إلى بغداد وكركوك والبصرة وسنجار وأربيل والعمارة.

وتعرّض السريان في العراق إلى العديد من الإنتهاكات على مرّ السنين، ممّا أدى إلى تدهور وجودهم في العراق وهجرة أغلبهم وخاصة بعد أحداث 2003.

حيث تعرّض السريان الذين كانوا موزّعين في جنوب العراق وبغداد والموصل إلى التهجير وبالتالي قلت أعدادهم يوما بعد اخر، حتى سيطر تنظيم داعش على محافظة نينوى مما تسبب بهجرة أكثر من 60 ألف سرياني من العراق حسب ارقام الكنيسة السريانية.

ويقدّر عدد السريان المسيحيين في العراق حاليا بحسب الأحصائيات الكنسية بما يقارب 100 الف نسمة، في حين غادر عدد كبير منهم إلى خارج العراق ولازال العديد من العوائل السريانية تنتظر في الاردن ولبنان وتركيا اكمال معاملات الجوء إلى بلدان المهجر.

دورات لمحو الامية

في عام 2015؛ انطلقت سلسلة دورات لمحو الامية بهذه اللغة بعدما تأسس مركز مار يعقوب السروجي لمحو الامية اللغة السريانية ، بناحية عنكاوا شمال غرب مدينة أربيل، إبان سيطرة تنظيم الدولة "داعش" لمحافظة نينوى ونزوح اغلب السريان منهما.

"أسسنا المركز في مرحلة النزوح، وكان أوضاع النازحين صعبة جداً، لكنهم تعلموا اللغة السريانية وحققوا نجاحا باهرا"، يقول مدير المركز عصام ياكو.

حيث بلغ عدد الطلبة الدارسين المسجّلين في عامه الاول ما يقارب 167 طالباً، 107 منهم استطاعوا اجتياز مرحلة الأساس من الدورة التي مدتها سبعة اشهر.

sarian-1
نينوى، 17 تشرين الثاني 2019، تسلم شهادتها بعد انجازها الدورة، تصوير مديرية التعليم السرياني

وبعد استعادة كافة محافظة نينوى من سيطرة داعش وبدء عودة النازحين في عام 2017، عاد المركز لافتتاح دوراته في مركز قضاء الحمدانية، واستطاع من اكمال ثلاث دورات في بلدة بغديدا السريانية.

ياكو يضيف لـ(كركوك ناو) ان "المركز سيبقى متواجدا لإستقبال الطلبة كلّ عام، وسيبذل قصارى جهوده من أجل إنجاح عملية تعليم اللغة ومحو الأمية".

المركز يخطط ان لا يكون دوره في تعليم اللغة فقط، انما يخطط لافتتاح دورات للشعر والفن والثقافة السريانية كما يوضح مدير المركز.

رجل الدين المسيحي الخور أسقف بهنا سوني قال لـ(كركوك ناو) ان "تعزيز عملية تعليم اللغة السريانية والقضاء على الأمّية بهذه اللغة ومحوها، هو إثبات للوجود المسيحي والسرياني في منطقتهم الأصيلة والتاريخية".

المواطنة تزيزية الشورجي دعت إلى الاستمرار بتعليم اللغة السريانية وتشجيع السريان على التحدث بها كونها "لغة اباءهم واجدادهم".

 

 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT