كان الشيخ حمود عمر هلال إمام جامع النوري الكبير يستحم عندما كان يرن هاتفه بشكل مستمر ويتصل به افراد حماية ابو بكر البغدادي في يوم الجمعة 5 تموز 2014. ولذلك السبب لم يستطع الاجابة ولم يكن يعرف الارقام التي كان يتصل به وكان ذلك بداية “الدمار”.
في حوالي الساعة 11 صباحا في يوم 5-7-2014 كان الشيخ حمود عمر يحظر نفسه لالقاء خطبة يوم الجمعة في جامع النوري الكبير في الجانب الايمن من مدينة الموصل، ولكن ذلك اليوم لم يكن يوما طبيعيا، كان هنالك العديد من مقاتلي داعش في الشوارع والأزقة المؤدية إلى المسجد، وكان العديد منهم موجودين في المسجد وحوله.
وقال الشيخ هلال في مقابلة خاصة مع موقع (كركوك ناو) “عندما اقتربت من الجامع، رأيت أقفال الأبواب جميعها مكسورة، وحتى الآيات القرآنية التي علقناها على الجدران قد أزيلت”. وتابع “سألت أحد الحراس لماذا أزلتم الآيات، فأجابني بان الدين الاسلامي لا يسمح بوجود آيات مزينة على الجدارن”.
في ذلك الوقت أدرك الشيخ هلال أن المكالمات الهاتفية المتعددة التي تلقاها على هاتفه المحمول في وقت سابق من ذلك اليوم كانت من حراس أبو بكر البغدادي. وفي نفس الوقت قال احد الحراس الموجدين داخل الجامع للشيخ هلال “نحن سنلقي خطبة الجمعة اليوم”.
كان تنظيم داعش آنذاك أقوى من أية وقت مضت، كان قد مرّ على سيطرتهم على مدينة الموصل حوالي شهرا وذلك عندما سيطروا على المدينة في يوم 10-6-2014 من دون مقاومة تذكر من قبل القوات العراقية.
جامع النوري الكبير يعتبر من اقدم الجوامع في الموصل، كان الجامع مزدحما جدا في ذلك اليوم، وكان هناك العديد من الوجوه الجديدة التي لم تكن تتواجد فيها من قبل، ولم يكن المتواجدين في الصف الاول الذين كانوا يصلون خلف الشيخ هلال نفس الاشخاص المتواجدين سابقا.
الشيخ حمود كان يخطب في جامع النوري منذ عام 2009، وقال لـ (كركوك ناو) “كان هناك إجراءات امنية مشددة في الجامع أجبر الحراس جميع المصلين على إغلاق هواتفهم وكانوا يتابعون أي شخص يأتي ويذهب حتى إلى الحمام، كانوا يراقبون اي شخص يتحرك في الجامع”.
واضاف “لم يكن الحراس يسمحون لاي شخص بالتقاط الصور”. وكانت شبكات الهواتف المحمولة والإنترنت مغلقة حتى الساعة 05:00 بعد ظهر في نفس اليوم. هذا بحسب ماقاله الشيخ حمود هلال
ظهور الشيخ ابراهيم عواد (ابو بكر البغدادي)
بعدما وقف شخص غير معروف في الصف الأمامي وقام بالدعوة للصلاة، أعقبه شخص آخر وقال “الآن الشيخ ابراهيم عواد سيلقي خطبة الجمعة”.
وبعد ذلك القى الشيخ إبراهيم عواد السامرائي المعروف بـ (أبو بكر البغدادي) خطبة الجمعة لمدة 15 دقيقة.
تحدث البغدادي في الخطبة عن شهر رمضان وثواب ليلة القدر لان الخطبة كانت في اواخر شهر شوال، ثم أكد على أهمية الجهاد في سبيل الله، وبعدها اعلن عن الخلافة الاسلامية.
بقي الشيخ حمود في المسجد كأي شخص آخر ويستمع الى خطبة البغدادي، وقال “لم اكن اعرف البغدادي ولم اراه من قبل، وبعد انتهاء الخطبة ذهب الكثير من المصلين لتقبيل يده ومصافحته”.
وقال الشيخ حمود لـ (كركوك ناو) انه “بعد الصلاة، غادر البغدادي الجامع مباشرة وكانت هذه بداية لحكم داعش ودعمهم الكثير من الناس، وكان الجامع مزدحما جدا بحيث استغرق خروج المتواجدين من الجامع حوالي نصف ساعة”.
وفي اليوم التالي قام الديوان المساجد ، وهو فرع من فروع داعش التي تتعامل مع المساجد، بإبلاغ الشيخ حمود بعدم تمكنه من القاء الخطب مرة اخرى في جامع النوري الكبير وقالوا له “سنعين شخصا اخر ليحل مكانك وإذا كان لديك شكوى يمكنك تقديمها في ديوان المظلومين”. وقال الشيخ حمود لقد بقيت في المنزل وفضلت ذلك من ان اكون تحت امرة مسلحي داعش.
وكان لخطبة البغدادي واعلان الخلافة ردود افعال دولية وداخلية وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة الخارجية الامريكية في وقتها إن إعلان “تنظيم الدولة” داعش ما سماها “دولة الخلافة” على الأراضي التي يسيطر عليها في العراق وسوريا “لا يعني شيئا” وطالب بدعم دولي للقضاء على التنظيم.
وكان مخاوف العراق وامريكا في محلها، وبعد أشهر من اعلان الخلافة وصل مسلحي داعش الى كل من (كركوك، صلاح الدين، ديالى، أنبار) ووصل الى مشارف بغداد ومدينة أربيل عاصمة اقليم كوردستان.
وقال الشيخ حمود هلال “في البداية، رحب معظم الناس بما كان يقوله مسلحي داعش، ولكن أفعالهم كانت مختلفة عن أقوالهم، وعندما بدأوا بإحراق منازل الناس وأخذ سياراتهم بتهمة التخابر مع أجهزة الأمن العراقية، بدأ الناس بالنزوح والهروب من المدينة” ولكن الشيخ حمود فضل البقاء في الموصل.
وعندما كان يتحدث الشيخ حمود هلال الى (كركوك ناو) في يوم 19 حزيران 2017، كان في انتظار ان تستعيد قوات الامن العراقية جامعه في المدينة القديمة. للأسف، الا ان مسحلي داعش فجروا الجامع ومئذنته المحدبة بعد يومين ولم يتركوا سوى ذكريات للشيخ هلال.
تم اعداد هذا التقرير في عام 2018 قبل مقتل أبو بكر البغدادي، (كركوك ناو) تعيد نشر التقرير في ذكرى اعلان "الخلافة" من قبل تنظيم داعش