يحتاج هادي قاسم، وهو مزارع من سنجار، الى استحصال العديد من الموافقات لكي يتمكن من نقل منتوجه الزراعي خارج القضاء، علاوةً على ذلك فقد تفلح أو تخيب محاولته في نقاط التفتيش الأمنية، حيث يتعرض هناك لمساءلة تستمر احياناً لساعات، وفي النهاية قد يمنعونه من المرور.
تقع أراضي هادي قاسم الزراعية في مجمع كوهبل شمالي قضاء سنجار وهو تابع لناحية سنوني ادارياً. هذه السنة، زرع هادي 150 دونم بمحاصيل الخيار، الباذنجان والبطيخ، بأمل تسويقها في الموصل والمناطق الأخرى الواقعة ضمن محافظة نينوى.
"يتم توقيفنا في نقاط التفتيش لعدة ساعات، المساءلة والتحقيقات المطوّلة تؤدي الى إلحاق الضرر بجزء من محاصيل الخيار والباذنجان جراء الحر الشديد، لذا نضطر لبيعها بأسعار أبخس في اسواق الموصل"، هذا ما قاله هادي قاسم لـ(كركوك ناو).
يقطع مزارعو كوهبل 30 كيلومتر للوصول الى ناحية سنوني ومن هناك يقطعون 150 كيلومتراً آخر الى مركز مدينة الموصل، في درجات حرارة تتجاوز 40 درجة مئوية.
"كلما أردنا نقل محاصيلنا نتعرض للمشاكل في نقاط التفتيش، يأتون بحجج متنوعة، يوجهون الكثير من الاسئلة ، لذا نضطر أحيناً الى تسويق محاصيلنا في سنوني أو سنجار بأسعار اقل"، حسبما اوضح هادي.
مللنا، نحن لسنا إلاّ مزارعين فدعونا نقوم بعملنا
توجد خمس نقاط تفتيش تابعة للجيش العراقي و الحشد الشعبي على الطريق الواصل بين مجمع كوهبل و ناحية سنوني، كما توجد ست أو سبع نقاط تفتيش أخرى بين سنوني وسنجار، اضافة الى عدة نقاط أخرى بين سنجار والموصل.
"مللنا، نحن لسنا إلاّ مزارعين فدعونا نقوم بعملنا، يضايقوننا حتى أثناء نقل المستلزمات الزراعية من الموصل الى مناطقنا، مثل الكبريت والكيمياويات الزراعية، أحياناً يقولون بأنها محظورة"، ويضيف المزارع هادي قاسم بأن حجج وذرائع القائمين على نقاط التفتيش لا تستند الى وثائق وأدلة تثبت بأن اعتراضهم قانوني.
حسب متابعات (كركوك ناو)، هذه المشكلة باتت تواجه جميع مزارعي سنجار وليس فقط مزارعي سنوني.
نينوى/ آذار 2021/ نقطة تفتيش جيدالي في ناحية سنوني التابعة لقضاء سنجار تصوير: كركوك ناو
يحتاج مزارعو سنجار الى استحصال موافقة دائرة الزراعة من أجل نقل محاصيلهم خارج القضاء، بعد ذلك يجب عليهم مراجعة المديرية العامة لزراعة نينوى، ومن ثم ادارة المحافظة وأخيراً استحصال موافقة قيادة عمليات غرب نينوى.
بركات عيسى، مدير شعبة الزراعة في ناحية سنوني قال لـ(كركوك ناو) بأن المزارعين لن يتمكنوا من نقل محاصيلهم عبر نقاط التفتيش إلاّ بعد اكمال جميع تلك الاجراءات.
وأضاف عيسى "هذه الاجراءات غير موجودة في أي مكان آخر، قبل ايام اشترى احد مزارعينا اربعة أكياس من الكبريت والسماد الكيمياوي في الموصل ومنعوه من نقلها في نقطة تفتيش لذا اضطر الى تركها هناك".
يقول مدير شعبة زراعة سنوني "أصبنا بالحيرة، لا نعرف مع من نتعامل."
مزارعونا يتعرضون لظلم كبير، لا يعرفون اين يسوّقون محاصيلهم، لذا يضطرون لبيع صندوق الطماطم بزنة 10 كيلوغرامات في المناطق القريبة منهم بألفي دينار فقط، بدل الربح يتعرضون للخسارة"، على حد قول بركات عيسى.
في سنوني لوحدها، زُرِع ألفان و 500 دونم بمحاصيل الخيار، الباذنجان، الطماطم، البامياء، البطيخ وبعض المحاصيل الصيفية الأخرى.
مزارعونا يتعرضون لظلم كبير
خالد قاسم، مزارع من سنوني يكاد يتخلى عن مصدر دخله الوحيد المتمثل بالزراعة بسبب مضايقات نقاط التفتيش الأمنية، "أحتاج الى مادة الكبريت منذ اسبوعين، حصلت على موافقة مديرية الزراعة لكن قيادة العمليات تماطل و تمنعني من إحضار تلك المستلزمات من الموصل."
في العام الماضي ايضاً، تمت مصادرة ثلاثة أطنان من المستلزمات الزراعية التي كانت بحوزة خالد في نقطة تفتيش أم الشبابيك في الموصل، لكنه تمكن بعد وساطات ومحاولات عديدة من إيصالها الى سنوني بعد ثلاثة أيام."
تعود أحد أسباب منع نقاط التفتيش نقل الكبريت والبعض المستلزمات الزراعية الأخرى الى إمكانية استخدام تلك المواد في صناعة المتفجرات.
يمتنع المسؤولون العسكريون في نينوى عن التصريح لوسائل الإعلام، لذا فإن مساعي (كركوك ناو) للحصول على تصريح من قيادة عمليات نينوى لم تثمر.
خوديدا جوكي، مدير ناحية سنوني قال لـ(كركوك ناو) ، "لا يخفى بأن المزارعين يتعرضون للعراقيل، لكننا لسنا مقصرين، اجتمعنا مراراً مع المسؤولين الأمنيين والإداريين من أجل معالجة المشكلة، لكن دون جدوى."
ويأتي ذلك في حين لا يوجد قرار رسمي لمنع تصدير المنتجات الزراعية من سنجار الى المناطق الأخرى.
يقول جوكي بأن المزارعين يواجهون العراقيل بالتحديد في "نقطة تفتيش أم الشبابيك بين سنجار و تلعفر ونقطة تفتيش كسكي الواقعة بين سنجار والموصل واللتين يتواجد فيهما الجيش العراقي."
تتواجد أكثر من ثمان قوى مسلحة مختلفة في قضاء سنجار، من بينها الحشد الشعبي، قوات أمن (آسايش) ايزيدخان، وحدات مقاومة سنجار (اليبشة)، الشرطة المحلية، الشرطة الاتحادية، الجيش العراقي، بيشمركة ايزيدخان وقوات البيشمركة التابعة لحكومة اقليم كوردستان المتمركزة في احدى المزارات الدينية.
ناطق علو، المتحدث باسم قيادة شرطة سنجار، قال في تصريح لـ(كركوك ناو) "الوضع الأمني في سنجار مختلف عما هو عليه في المناطق الأخرى، بسبب وجود عدد من القوى والأحزاب السياسية المختلفة فيها، لذا فإن من الطبيعي اتخاذ تلك الاجراءات في نقاط التفتيش من أجل ضمان سلامة المواطنين."
يقع قضاء سنجار على بعد 120 كم غرب الموصل و يتبع محافظة نينوى إدارياً، لكن القضاء يعتبر من المناطق المتنازع عليها بين حكومة اقليم كوردستان و الحكومة الاتحادية..
