باتت الدراسة الكوردية مصدر "صداع" للعديد من الطلبة في خانقين، الأمر الذي دفع العوائل الكوردية لنقل أطفالها الى الدراسة العربية لكي، حسب قولهم، لا يضيع "مستقبلهم وينجوا من هذا الصداع.
المدارس الكوردية في قضاء خانقين موزعة على مديريتين للتربية إحداهما تابعة للحكومة الاتحادية العراقية والأخرى لحكومة اقليم كوردستان، والنظام الدراسي المتّبع في كل منهما يختلف كلياً عن الآخر، وذلك جزء من المشكلة التي تواجه الطلاب.
ويتمثل جانب آخر من المشكلة في إغلاق الحكومة العراقية الدراسة الكوردية للمرحلة الاعدادية، تاركةً ذوي الطلاب أمام خيارين: إما تسجيل اطفالهم من البداية في قسم الدراسة العربية أو تحمل "الصداع" الذي سيواجهونه بسبب اختلاف المناهج الدراسية والنظام الدراسي لمديريات تربية الاقليم عن مديريات التربية التابعة للحكومة الاتحادية.
على سبيل المثال، أكمل ألند حيدر العام الماضي المرحلة المتوسطة في مدرسة تابعة لوزارة التربية في الحكومة الاتحادية، لكن لأن الحكومة الاتحادية أغلقت الدراسة الكوردية في المرحلة الاعدادية، أصبح ملزماً بالالتحاق بمدرسة كوردية تابعة لحكومة الاقليم.
يقول ألند، " نظام التعليم المتبع من قبل حكومة اقليم كوردستان من حيث الامتحانات والمناهج مختلفة كلياً وهذا الأمر يسبب لنا صداعاً كبيراً لأننا لم نألف هذا النظام الدراسي"، وأضاف ألند "كنت أخطط لإكمال دراستي وفق النظام الدراسي المتبع من قبل وزارة التربية الاتحادية، لكنهم أغلقوا الدراسة الكوردية في المرحلة الاعدادية."
ةقال ألند "نتيجة لذلك، اضطر عدد من زملائي ترك الدراسة."
علي حسين، مدير تربية خانقين التابعة لوزارة التربية العراقية قال لـ(كركوك ناو) "إغلاق المرحلة الاعدادية كان بقرار من وزارة التربية، لأن أعداد الطلاب كانت قليلة."
في الوقت الحاضر، يدرس اقل من ألفي طالب وطالبة في المرحلة الابتدائية من قسم الدراسة الكوردية التابعة للحكومة الاتحادية في 25 مدرسة قضاء خانقين، فيما توجد مدرستان فقط تضمان 30 طالباً وطالبة في المرحلة المتوسطة.
"الذين يكملون المرحلة المتوسطة عندنا يجب عليهم أن يلتحقوا بعد ذلك بقسم الدراسة الكوردية لحكومة اقليم كوردستان"، حسبما أوضح علي حسين.
وشدد مدير تربية خانقين على أن "أعداد طلاب الدراسة الكوردية تتراجع سنوياً، بعض العوائل ترى بأن مستقبل أطفالهم سيضيع في قسم الدراسة الكوردية، لذا يوجهونهم نحو الدراسة العربية."
وفقاً لإحصائية لنقابة معلمي كوردستان/فرع خانقين، بعد سقوط نظام البعث في عام 2003 اصبحت الدراسة في 90 بالمائة من مدارس خانقين بالكوردية، لكن الأمور اختلفت الآن.
وقال علي حسين، "يوجد حالياً 30 ألف طالب وطالبة في قسم الدراسة العربية، موزعين على 45 مدرسة."
في المقابل يوجد خمسة آلاف و 225 طالب وطالبة في الدراسة الكوردية التابعة لحكومة اقليم كوردستان، موزعين على 34 مدرسة.
حسن محمد، مدير تربية خانقين التابعة لحكومة اقليم كوردستان قال لـ(كركوك ناو)، "نواجه ضغوطاً و مشاكل من حيث نقص الكوادر التدريسية وعدم القدرة على استيعاب الطلاب الذين يفدون الى مدارسنا من قسم الدراسة الكوردية التابع لوزارة التربية الاتحادية، لأن اساتذتهم يتوجهون لمدارس قسم الدراسة العربية ويستأثرون بالأبنية لأنفسهم."
بعد أحداث 16 أكتوبر 2017 وعودة القوات العراقية للمناطق المتنازع عليها من ضمنها خانقين وانسحاب القوات التابعة لحكومة الاقليم، تم إغلاق ما لا يقل عن 18 مدرسة كوردية تابعة للحكومة الاتحادية، حسبما قال محمد شاكر، رئيس فرع خانقين لنقاب معلمي كوردستان والذي شدد على أن "السبب وراء ذلك هو التحاق الطلاب بقسم الدراسة العربية."
استؤنفت الدراسة باللغة الكوردية في المناطق المتنازع عليها بعد سقوط نظام البعث في 2003، حيث كانت محظورة قبل ذلك.
وقال محمد شاكر لـ(كركوك ناو)، "في عام 2004، شكّلنا لجنة داخل تربية خانقين وقررنا عدم السماح للعوائل الكوردية بنقل أطفالهم الى الدراسة العربية وإلزامهم بالدراسة باللغة الأم، أدى هذا القرار الى إغلاق معظم المدارس العربية، لكن اللجنة حُلّت في عام 2009، ومنذ ذلك الحين ازداد عدد المدارس العربية وفي المقابل قلّت المدارس الكوردية."
في عام 2004، شكّلنا لجنة داخل تربية خانقين وقررنا عدم السماح للعوائل الكوردية بنقل أطفالهم الى الدراسة العربية وإلزامهم بالدراسة باللغة الأم
قبل عام 2009، كانت هناك مديرية واحدة للتربية تابعة للحكومة الاتحادية، لكن بعد ذلك التاريخ انقسمت مديرية التربية الى قسمين بسبب المشاكل المتعلقة بالملاكات التدريسية، في الوقت الحاضر توجد مديريتان للتربية في قضاء خانقين، إحداها تابعة للحكومة الاتحادية والأخرى لحكومة الاقليم.
ومنذ ذلك الحين، قررت مديرية التربية التابعة للحكومة الاتحادية تعليق الدراسة باللغة الكوردية في المرحلة الاعدادية.
يقول محمد شاكر "أثار هذا القرار مشاكل للطلاب، معظمهم اضطر لترك المدارس الكوردية التابعة لوزارة التربية في الحكومة الاتحادية."
وتابع قائلاً، "هذا القرار جعل العوائل الكوردية تيأس من جدوى الدراسة الكوردية وقررت نقل أطفالها للدراسة العربية."
هذا القرار جعل العوائل الكوردية تيأس من جدوى الدراسة الكوردية وقررت نقل أطفالها للدراسة العربية
شيرين محمد، أم لثلاثة أطفال في خانقين، قالت لـ(كركوك ناو)، "سجلت طفليّ الصغيرين في الدراسة العربية، ونقلت ابني الكبير الذي أكمل الصف الخامس الابتدائي الى قسم الدراسة العربية، مستقبلهم سيكون أفضل هناك وسيتعلمون اللغة العربية كذلك."
أولاد شيرين محمد يدرسون في الصف الأول والسادس الابتدائي، أما ابنتها فتدرس في الصف الثالث الابتدائي.
القرار الذي اتخذته شيرين وآلاف غيرها أدى الى أن يتقلص عدد المدارس الكوردية التابعة لكلا المديريتين في خانقين منذ عام 2009 لحد الآن، من 331 مدرسة الى 61 مدرسة فقط.
في منتصف شهر أيلول الماضي، نظم اتحاد طلبة كوردستان مناظرة لعدد من المختصين التربويين والتدريسيين لمناقشة اسباب تراجع أعداد الطلاب في المدارس الكوردية بقضاء خانقين.
سربست برزو، منظم المناظرة قال لـ(كركوك ناو) "المدارس الكوردية التابعة لوزارة التربية العراقية في خانقين، جلولاء، السعدية و قرة تبة يجري إغلاقها، يعود سبب ذلك الى أن الطلاب وأهاليهم لا يرغبون بالدراسة باللغة الكوردية، كما أن الحكومة الاتحادية قد ألغت الدراسة الكوردية في المرحلة الاعدادية."
يشكو سربست برزو من أن "الدراسة الكوردية على حافة الاندثار"، ويقول "نحن نريد من الكورد أن يدرسوا بلغتهم الأم، أعددنا مذكرة لهذا الغرض وسنوجهها لوزارة تربية الاقليم وسنطلب فيها ايجاد حل لهذه المشكلة."