قبل أن يتم استدعاء كل من بدل برواري و أوميد بروشكي لقاعة المحكمة، كانت القاعة تعج برجال الأمن (الآسايش) مرتدين الزي المدني، لذا طلب محامو الدفاع إخراجهم من القاعة، لكن دون جدوى. بهذه الصورة جرت جلسة محاكمة كل من الصحفي أوميد بروشكي و التدريسي والناشط المدني بدل برواري.
رغم احتجاجات محاميي الدفاع، بدأت جلسة محاكمة أوميد و بدل، استدعوا للقاعة ووُضِعوا خلف قضبان قفص الاتهام، بعد مداولة تفاصيل القضية والتهم الموجهة لكل منهما أخذ القاضي أقوالهما.
"أمام القاضي وأمام أنظار رجال الأمن المتواجدين في القاعة، قال أوميد بروشكي، "حضرة القاضي، اعتدى 20 شخصاً عليّ بالضرب، ضربوا على رأسي بمؤخرة البندقية"، حسبما قال كامران عثمان، عضو فريق منظمة (CPT) الذي حضر جلسة المحاكمة.
جلسة يوم الثلاثاء، 19 تشرين الأول 2021 التي عقدت في محكمة جنايات اربيل خصصت لمحاكمة كل من الصحفي أوميد بروشكي و المعلم والناشط المدني في بادينان بدل برواري، وحضرها عدد من نواب البرلمان، ذوي المعتقلين وممثلي عدد من الدول والمنظمات، من بينها فريق من منظمة الأمم المتحدة.
"بالرغم من أن قاعة المحكمة كانت اشبه بمعسكر، لكن عددهم مقارنة بالجلسات السابقة كان أقل"، حسبما قال كامران عثمان لـ(كركوك ناو)، مضيفاً بأن "أوميد بروشكي قال للقاضي بأنهم اتهموه خلال التحقيقات بالعمل ضد أسرة البارزاني و الحزب الديمقراطي الكوردستاني، لذا فإن التحقيقات لم تكن متعلقة بالتهم الموجهة اليهم."
وكان كل من أوميد بروشكي و بدل برواري قد أحيلا الى المحكمة بتهمة "زعزعة الأمن والعمل التخريبي"، بموجب القانون رقم 21 لسنة 2003.
وتنص المادة الأولى من القانون على أنه "يعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت من ارتكب عمداً فعلاً بقصد المساس بأمن واستقرار وسيادة مؤسسات اقليم كوردستان العراق بأية كيفية كانت وكان من شأنه أن يؤدي الى ذلك."
هريم رفعت، عضو فريق محاميي الدفاع عن صحفيي وناشطي منطقة بادينان قال في مؤتمر صحفي "محكمة جنايات أربيل غيرت المادة التي اعتقل بموجبها كل من أوميد بروشكي و بدل برواري، لذا تمت محاكمتهم وفق المادة 222 من قانون العقوبات العراقي."
وتنص الفقرة الأولى من المادة 222 على أنه " اذا كان الغرض من التجمهر ارتكاب جناية او جنحة او منع تنفيذ القوانين او الأنظمة او القرارات او التأثير على السلطات في اعمالها او حرمان شخص من حرية العمل وكان ذلك التأثير او هذا الحرمان بالقوة او التهديد فكل من دعا الى هذا التجمهر او أدار حركته وكل من اشترك فيه مع علمه بالغرض منه او بقي فيه ولم يبتعد عنه بعد ان علم بالغرض المذكور يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة مالية أو بإحدى هاتين العقوبتين"
استناداً الى تلك المادة، حكمت محكمة جنايات أربيل على كل من أوميد بروشكي و بدل برواري بالسجن لمدة عام.
المحكمة غيرت المادة التي اعتقل بموجبها كل من أوميد بروشكي و بدل برواري
نيوار بروشكي، شقيق أوميد بروشكي، قال لـ(كركوك ناو) بأنهم يرحبون بقرار المحكمة و يطالب بنقل شقيقه الى سجن دهوك، "الاسبوع الماضي جلست مع أوميد لمدة نصف ساعة، حالته الصحية كانت جيدة جداً، لكنه طلب نقله الى سجن زركا في دهوك."
وكان بدل برواري و أوميد بروشكي قد اعتُقلا في 18 آب 2020 في أعقاب تظاهرة احتجاجية أقيمت في دهوك ضد تردي الأحوال المعيشية و تأخر صرف رواتب الموظفين والتدريسيين، وحسب قرار المحكمة تم احتساب مدة موقوفيتهم.
"قرار المحكمة احتسب مدة موقوفية بدل برواري منذ 25 تشرين الثاني 2020 بالخطأ، في حين كان من المفترض أن يتم احتسابها منذ 18 آب 2020ن لذا تحدثنا مع رئاسة المحكمة وطلبنا منها تعديل التاريخ"، حسبما أوضح آسو هاشم، محامي بدل برواري لـ(كركوك ناو).
إذا احتسبت موقوفيته منذ 25 تشرين الثاني 2020 فينبغي الافراج عنه في 25 تشرين الثاني المقبل."
وقال آسو هاشم، "المدعي العام لعب دوراً سيئاً جداً داخل المحكمة وطعن ضد قرار المحكمة، لكن المحكمة استندت في حكمها للوثائق والأدلة"، وأضاف "نطالب بتمييز قرار المحكمة، لأننا نرى بأن بدل برواري بريء وقد ألصقت به تلك التهم ظلماً."
بدل عبدالباقي، المعروف بـ(بدل برواري)، من مواليد عام 1965 في دهوك، تخرج من قسم اللغة الكوردية في كلية التربية بجامعة دهوك، يزاول مهنة التدريس منذ 28 عاماً، معاون مدير مدرسة بهدينان بمدينة دهوك و مسؤول منظمة شعبية، وهو أب لخمسة أطفال.
مروان ميكائيل دوسكي، زميل بدل برواري الذي أسس معه مجموعة كوانى باشكوت (أين رواتبنا المستقطعة) في دهوك، قال اليوم بعد انتهاء جلسة المحكمة لـ(كركوك ناو)، "لم نقم بشيء في تلك المجموعة، كل ما فعلناه كان المطالبة بحقوقنا وسنستمر في ذلك."
وشهدت مدن اقليم كوردستان عدة تجمعات احتجاجية للتنديد بمحاكمة بدل برواري، أوميد بروشكي و عدد من صحفيي وناشطي منطقة بادينان.
قرارات اليوم أثبتت بأن شيروان شيرواني ورفاقه تعرضوا لظلم كبير
الى جانب القضية التي حُكم عليه بموجبها اليوم بالسجن لعام، أدين الصحفي أوميد بروشكي قبلها بستة قضايا أخرى في محكمة جنايات دهوك، آخرها كان في 17 من هذا الشهر و حكم عليها بموجبها بالسجن لستة اشهر، كما حَكم عليه بستة اشهر عن أربع قضايا أخرى ليصل إجمالي أحكام السجن المفروضة عليه الى عامين و ستة اشهر، الى جانب تغريمه بمبلغ 240 ألف دينار عن قضية أخرى.
يقول هريم رفعت، عضو فريق الدفاع عن معتقلي بادينان بأن روشكي صحفي و كان من المفترض أن يُحاكم بالاستناد الى قانون العمل الصحفي، "التهم التي وجهها مجلس أمن اقليم كوردستان لكل من بدل برواري و أوميد بروشكي عارية من الصحة وقد نفيا جميع تلك التهم أمام المحكمة، لكنهم اتهموهما هذه المرة بالتعاون مع حزب العمال الكوردستاني، لكننا قلنا بأن حزب العمال الكوردستاني ليس حزباً محظوراً في اقليم كوردستان."
وفقاً لإحصائية للهيئة المستقلة لحقوق الانسان في اقليم كوردستان، اعتقلت حكومة الاقليم منذ آب 2020 أكثر من 300 شخص، معظمهم من دهوك، بتهمة "التحريض على التظاهرات وإثارة الشغب"، ويقبع حالياً أكثر من 50 معتقلاً في سجون الاقليم.
حسب احصائيات منظمة (CPT) عدد معتقلي بادينان يبلغ أكثر من 70 شخصاً، لم يُحدد موعد محاكمة بعضهم لحد الآن، وقد أضرب معظمهم عن الطعام في سجون الأجهزة الأمنية.
أغلب المعتقلين يواجهون تهماً متعلقة بالمادة 2 من قانون رقم 21 لسنة 2003.
بشدار حسن، أحد محاميي الدفاع عن صحفيي وناشطي بادينان، قال في مؤتمر صحفي بأن الأحكام التي صدرت بحق كل من بدل برواري و أوميد بروشكي، تصح بالنسبة لكل من شيروان شيرواني وبقية المعتقلين الذين حُكِم عليهم بالسجن لست سنوات، لأنهم "يواجهون نفس التهم" كما شدد على أن "قرارات اليوم أثبتت بأن شيروان شيرواني ورفاقه تعرضوا لظلم كبير."
وكانت محكمة جنايات أربيل قد حكمت بالسجن لست سنوات على كل من الصحفيين والناشطين المدنيين شيروان شيرواني، كوهدار محمد، أياز أكرم، شفان سعيد و هاريوان عيسى) بموجب المادة الأولى من القانون رقم 21.
قبل اعتقاله، تحدث الصحفي المستقل أوميد بروشكي في إطار قصة صحفية نشرت من قبل (كركوك ناو) عن الانتهاكات لتي يتعرض لها من قبل بعض المسؤولين وأعضاء البرلمان، معرباً عن استيائه بسبب سجنه لستة ايام على خلفية مكالمة هاتفية من عضو في برلمان كوردستان عن الحزب الديمقراطي الكوردستاني.