أغلقت نقابة صحفيي كوردستان مقرها في كركوك تاركة وراءها 750 عضواً دون أن يكون هناك من يؤازرهم، وذلك بسبب الصراعات السياسية داخل البيت الكوردي وتجاهل إدارة محافظة كركوك لها.
فرع كركوك لنقابة صحفيي كوردستان أُغلِق قبل شهرين نقل جميع وثائقه ومعداته الى مدينة أربيل، حيث ستواصلون من الآن فصاعداً مع الصحفيين المنتمين للنقابة عن طريق المكالمات الهاتفية فقط.
هوار فارس، صحفية ميدانية في كركوك، مستاءة من دور نقابة الصحفيين لدرجة أنها ترى بأن إغلاق مقر النقابة في كركوك لن يغير شيئاً من واقعهم، وتقول "في الماضي أيضاً، لم يستطيعوا أن يدافعوا عن حقوقنا."
"حين تُرتَكب انتهاكات بحقنا لا ندري لمن نلجأ ومن سيدافع عنا"، حسبما قالت هوار لـ(كركوك ناو).
في الماضي أيضاً، لم يستطيعوا أن يدافعوا عن حقوقنا
وفقاً لإجراءات نقابة الصحفيين، إذا تعرض صحفي يمتلك عضوية في النقابة الى انتهاك في كركوك، يجب عليه أن يوضح طبيعة الانتهاك الذي تعرض له عن طريق مكالمة هاتفية، رسالة نصية أو عن طريق تطبيقات المحادثة في شبكات التواصل الاجتماعي، لكي يتم تسجيل الانتهاك، لكن إذا أراد تقديم شكوى ضد الانتهاك، حينها سيتوجب عليه التوجه الى مدينة أربيل.
تقول هوار فارس بأنه في الوقت الذي يعتبر الدفاع عن حقوق الصحفيين من المهام الرئيسية للنقابة، لكن في كركوك لا نقابة صحفيي كوردستان ولا نقابة الصحفيين العراقيين تؤديان هذا الواجب، مع ذلك تعتقد هوار بأن إغلاق فرع كركوك لنقابة صحفيي كوردستان "قرار سياسي، اسوةً بالأحزاب والجهات السياسية التي غادرت مدينة كركوك بعد أحداث 16 أكتوبر."
خلال أحداث 16 أكتوبر 2017 و الأيام التي اعقبتها، غادرت معظم القوى والجهات الأمنية والسياسية الكوردية كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها، بعد تأزم العلاقات بين الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة اقليم كوردستان بسبب استفتاء الاستقلال.
ستار جباري، مسؤول علاقات فرع كركوك لنقابة صحفيي كوردستان، قال لـ(كركوك ناو)، "بعد أحداث 16 أكتوبر، لا تتعامل معنا إدارة كركوك بصورة مناسبة، وذلك بالرغم من عقدنا العديد من الاجتماعات لكي نتمكن من الدفاع عن حقوق الصحفيين، لكن لم نصل الى نتيجة وكان هناك تمييز، نظراً لأن نقابتنا تابعة لإقليم كوردستان وليست مرخصة في العراق."
التمييز الذي يتحدث عنه ستار جباري متمثل بعدة مسائل، بالأخص تسجيل أسماء الصحفيين من أعضاء النقابة للحصول على قطع أراض سكنية.
"اضطررنا لإغلاق مقرنا في كركوك ونقله الى أربيل، فرع كركوك لنقابة الصحفيين موجود الآن في أربيل"، حسبما أكد جباري.
اضطررنا لإغلاق مقرنا في كركوك ونقله الى أربيل
ويأتي ذلك في حين يتعرض فيه صحفيو كركوك للعديد من الانتهاكات والمضايقات أثناء أداء عملهم، خصوصاً أثناء تغطية الأحداث الأمنية، نظراً لتواجد أكثر من خمس قوى مسلحة أمنية وعسكرية في تلك المحافظة، الأمر الذي يتطلب وجود منظمات ونقابات تدافع عنهم.
الانتهاك الأخير وقع خلال مراسيم انطلاق العام الدراسي الجديد في كركوك في 1 تشرين الثاني 2021، حين قام المدير العام لتربية كركوك عبد علي حسين طعمة بالتجاوز لفظياً على الصحفيين المتواجدين لتغطية المراسيم في مدرسة ابتدائية، من بينهم مراسل (كركوك ناو)، وأمر بإخراجهم من المدرسة بمساعدة ثلاثة من أفراد حمايته المسلحين.
لكن الصحفيين نجحوا بجهودهم الشخصية وفي غياب دور نقابة الصحفيين من إجبار مدير التربية على تقديم اعتذاره على الانتهاك الذي ارتكبه.
"نقل فرع كركوك لنقابة صحفيي كوردستان الى أربيل يأتي بمعنى عزل الصحفيين الكورد، نستطيع القول بأنهم لا يضعون أي اعتبار للصحفيين المنتمين لتلك النقابة في مدينة كركوك"، على حد قول محمود رزكار، صحفي و عضو في فرع كركوك لنقابة الصحفيين.
يقول محمود أنه بالرغم من أن النقابة كانت متواجدة العام الماضي في كركوك إلا أنها "لم تكن ذات نفع ملحوظ للصحفيين وأعضاء النقابة."
يضم فرع كركوك لنقابة صحفيي كوردستان أكثر من 750 صحفياً، أغلبهم مسجلون كصحفيين ناشطين.
"إذا كانت حجتهم لنقل مقر النقابة الى أربيل هي تعرضهم لسوء المعاملة، فأنا في الحقيقة لا أعرف شيئاً بشأن ذلك، لأنه خلال أربع سنوات مضت على أحداث 16 أكتوبر، لم تتعرض لهم أية قوة في هذه المدينة، بل أن نقل مقر النقابة يتعلق بالصراعات الحزبية الموجودة داخل النقابة"، حسبما يقول محمود رزكار.
مسؤولو النقابة لا يخفون بأن عوامل حزبية أثرت على أداء النقابة.
وقال ستار جباري، "السبب الآخر وراء إغلاق المقر يعود الى التدخلات الحزبية، أحد الأحزاب أرادت التدخل في شؤون النقابة، لذا إن لم تكن للنقابة سلطة فإن عدم وجودها أفضل من وجودها."
أحد أسباب إغلاق المقر تتعلق بالأوضاع التي التي طرأت في كركوك
حسب إحصائيات نقابة صحفيي كوردستان، خلال السنوات الأربع الماضية (مطلع 2017 حتى نهاية 2020)، نسبة 12 بالمائة من الانتهاكات المسجلة ضد الصحفيين كانت في كركوك.
وتشير احصائيات النقابة الى تسجيل 138 حالة انتهاك في عام 2020 فقط، 25 حالة منها كانت في كركوك.
حاكم آزاد حمه أمين، نقيب صحفيي كوردستان، قال لـ(كركوك ناو)، بأنهم أغلقوا مقرهم فقط في كركوك ولم ينقلوا فرع النقابة الى أربيل، وأن قسماً من معدات فرع كركوك أعيدت الى أربيل، لكن المقر لم يُغلَق.
وأضاف "أحد أسباب إغلاق المقر تتعلق بالأوضاع التي التي طرأت في كركوك، كما أن إدارة المحافظة لا تتعامل معنا بالصورة اللازمة، رغم أننا طلبنا مراراً خلق تنسيق مع إدارة المحافظة و نقابة الصحفيين العراقيين، لكن مساعينا لم تكن مجدية إجمالاً."
تأتي محافظة كركوك، بـ58 انتهاكاً ضد الصحفيين، في المرتبة الثانية في تصنيف جمعية الدفاع عن حرية الصحافة الخاص بالانتهاكات التي ارتكبت في عام 2020، حيث سُجلت أربع حالات قتل الى جانب 305 انتهاكات أخرى.
مصدر مسؤول في إدارة محافظة كركوك، طلب عدم الكشف عن اسمه، قال لـ(كركوك ناو)، "إذا أرادت النقابة أن تتهمنا بعدم التنسيق معها وعدم تقديم العون لها ولذلك أغلقت مقرها، فإن ذلك القول عارٍ من الصحة، لأن جميع هؤلاء الصحفيين الذين هم أعضاء في نقابة صحفيي كوردستان يأتون يومياً الى ديوان المحافظة ويأخذون التصريحات ويجرون المقابلات مع المسؤولين."
ويقول المصدر "نتعاون مع جميع الجهات والنقابات، ولا نخلق العراقيل أمام الصحفيين وفرع كركوك لنقابة صحفيي كوردستان."
تأسست نقابة صحفيي كوردستان في 22 نيسان 1998، وتضم حالياً 8000 عضو و لديها 10 فروع ومكاتب في مدن اقليم كوردستان والمناطق المتنازع عليها.