"من فضلك أين بطاقة التلقيح الخاصة بك؟"، هذا هو السؤال الذي يُوجّه لجميع الأشخاص الذين يراجعون دوائر كركوك من أجل استكمال معاملاتهم، أي شخص لم تكن لديه بطاقة التلقيح وجب عليه أخذ اللقاح هناك، أو أن يعود أدراجه خالي الوفاض.
إدارة كركوك أصدرت تعميماً لكافة الدوائر لتنفيذ هذه الخطوة بغية منع انتشار فيروس كورونا، وقد دخل القرار حيّز التنفيذ بصورة موسعة في الدوائر الحكومية منذ مطلع هذا الاسبوع.
عباس سعيد (56 سنة)، من سكنة إحدى قرى ناحية الرياض التابعة لقضاء الحويجة، جاء الى شركة توزيع المواد الغذائية في كركوك لاستكمال معاملاته، لكن السؤال الأول الذي واجهه في بوابة الشركة كان "أين بطاقة تلقيحك؟".
وأجاب عباس "لم أتلقَّ اللقاح، أقسم لكم بأنني غير مصاب بكورونا، قطعت مسافة طويلة الى هنا، اسمحوا لي باستكمال معاملتي البسيطة"، لكن أفراد شرطة الشركة أخبروه بأن ذلك قرار المحافظ، وفي حال سمحوا له بالدخول سيتعرضون للمساءلة.
إذا سمحنا لك بالدخول سنتعرض للمساءلة
"اسمحوا لي بالدخول هذه المرة فقط، أراجع هذه الدائرة منذ أربعة اشهر"، فردّوا عليه بأن باستطاعته أخذ اللقاح هناك.
تردد عباس لبرهة ثم قال "حسناً سآخذ اللقاح."
تكرر ما حدث مع عباس مع جميع من راجعوا شركة توزيع المواد الغذائية، التي تعد أكثر دوائر كركوك ازدحاماً بالمراجعين، في ذلك اليوم (23 تشرين الثاني).
في نفس اليوم ملأوا استمارة لعباس سعيد الذي شمّر عن ساعده و تلقى جرعة من لقاح فايزر الأمريكي داخل مقر الشركة، بعدها سمحوا له بالدخول لاستكمال معاملته.
دائرة صحة كركوك خصصت فرقاً طبية خاصة بتطعيم المواطنين ضد كورونا داخل جميع دوائر كركوك منذ مطلع هذا الاسبوع، فيما عينت إدارة كركوك افراد من الشرطة لمحلية داخل الدوائر لمتابعة تنفيذ القرار.
خلال ساعة واحدة فقط في ذلك اليوم (23 تشرين الثاني) أخذ ما لا يقل عن 20 مراجعاً لقاح كورونا داخل شركة توزيع المواد الغذائية.
وقال عباس، "سابقاً كنت أخاف كثيراً، كانوا يقولون بأن اللقاح مضر ويصيبك بالأمراض، لكنني الآن تلقيت اللقاح فلنرى ماذا سيحدث."
سابقاً كنت أخاف كثيراً، كانوا يقولون بأن اللقاح مضر ويصيبك بالأمراض، لكنني الآن تلقيت اللقاح فلنرى ماذا سيحدث
تخوف بعض المواطنين من تلقي لقاحات كورونا، يأتي في الوقت الذي شددت فيه الأوساط الصحية المحلية والعالمية، من ضمنها منظمة الصحة العالمية على أن هذه اللقاحات ليست لها مضار صحية، بل بالعكس تعزز مناعة الجسم ضد فيروس كورونا.
وفقاً لإحصائيات وزار الصحة العراقية، لغاية 23 تشرين الثاني 2021 تلقى 297 ألف شخص في كركوك اللقاح المضاد لكورونا، أي ما يعادل نسبة 18 بالمائة من سكان المحافظة، في حين كانت النسبة خلال الشهر الماضي أقل من 10 بالمائة.
ما يقرب من خمسة آلاف شخص في كركوك تلقوا اللقاح في يوم 23 تشرين الثاني فقط.
الاجراءات الجديدة التي تتبعها إدارة كركوك، تأتي بعد أن وجّه محافظ كركوك وكالةً راكان سعيد الجبوري في 22 آب 2021 كتاباً الى كافة الدوائر الحكومية في كركوك يشترط فيه على موظفي و مراجعي الدوائر ابتداءً من الأول من ايلول 2021، حمل بطاقة التلقيح.
وجاء في الكتاب بأن أي مواطن يمتنع عن أخذ لقاح كورونا يجب أن يجلب معه بطاقة فحص كورونا التي تثبت عدم إصابته بالفيروس، بطاقة الفحص تكون نافذة لمدة اسبوع ويستوجب بعد تلك المدة إجراء الفحص مرة أخرى.
واستند الأمر الصادر من إدارة محافظة كركوك الى قرارات أصدرها مجلس الوزراء العراقي في حزيران 2021 بناءً على توصيات من وزارة الصحة بهدف التحصين ضد كورونا، وقد اشتُرط أخذ لقاح كورونا أو إجراء فحص كورونا بشكل اسبوعي على عدة فئات، وفي حال عد التزام الفرد بالقرار سيتم اعتباره غائباً عن الدوام.
يستثنى من القرار الأشخاص الذين لديهم تقارير طبية تثبت أنه يتعذر عليهم تلقي اللقاح، أو الذين لم تمض ثلاثة اشهر على إصابتهم بفيروس كورونا.
شوكار خالد (29 سنة) راجعت بداية هذا الاسبوع قسم رعاية النساء الحوامل في أحد المراكز الصحية بمدينة كركوك، لكنهم لم يسمحوا لها بالدخول لأنها لم تتلق اللقاح.
وقالت شوكار، "رجعت الى المنزل، لست مع فكرة التلقيح لأنهم يقولون بأنه ليس جيداً، لكنني الآن مضطرة لتلقي اللقاح."
قرار إدارة كركوك يشمل الموظفين الحكوميين و العاملين في دوائر ومؤسسات القطاع الخاص، طلاب واساتذة الجامعات والمعاهد الحكومية و الأهلية، ومن هم فوق سن الثانية عشرة.
هيوا عزيز (43 سنة)، أب لطفلين في المرحلة المتوسطة، قال "منذ مطلع هذا الاسبوع أخبر مدير المدرسة الطلاب بضرورة أن يجلبوا معهم بطاقة التلقيح، أو أن يجروا الفحص الاسبوعي الخاص بكورونا وإحضار نتيجة الفحص الى المدرسة."
صباح نامق، مسؤول قسم الصحة في رئاسة دائرة صحة كركوك قال في تصريح سابق أدلى به لـ(كركوك ناو) في 17 تشرين الثاني، "شكّلنا فرق جوالة، سنبدأ من المدارس وسنلقح الطلاب في سن الـ12 فما فوق... بعد تلك الخطوة سنبدأ حملة لتطعيم المواطنين في منازلهم."