نسوة برعن في مهنة المخاطر
نيكار .. ابنة كركوك تفل الحديد باناملها الناعمة لتنير منازل السليمانية

السليمانية/ كانون الثاني 2022/ نيكار خلال فتح محولة كهرباء داخل المصنع شرقي المدينة تصوير: عمر الهلالي

كركوك ناو - عمر الهلالي

"هدفنا إنارة جميع المنازل، ولا ظلام بعد اليوم".  بهذه الجملة والوجه المبتسم وجسد يبدو متعبا، استقبلتنا نيكار صبور، المرأة التي تنعتها زميلاتها بالحديدة، لما تقدمه من جهد استثنائي، في مهنة تعد اعمالها خطرة وتوصف بالشاقة. 

نيكار وخلال رحلة نزوحها من كركوك صوب السليمانية، تسعى لإيصال رسالة للنسوة بصورة عامة، بأنهن قادرات على تجاوز المحن، رغم الظروف الاجتماعية والاقتصادية، فهي الان تعمل في مصنع تصليح محولات الكهرباء، ذات الأمبيرية العالية والاوزان الثقيلة، وتقول نيكار ان " ظروف الحياة القاسية دفعتها للعمل في هذا المجال". 

صبور وهي في نهاية العقد الرابع من العمر وخلال حديثها لـ "كركوك ناو"، تقول ان " هذا النوع من العمل صعب على النساء بصورة عامة، خصوصاً من الناحية الجسدية، فضلا عن وجود مواد كيماوية كثيرة، والزيت شبه السام، وايضا الروائح الخطرة علينا".  

"لكننا وبكل صراحة مستمتعين عندما نقوم بصيانة محولة كهربائية من اجل انارة جميع المنازل ولا تبقى في الظلام"، هذا ما تضيفه نيكار خلال حديثها وهي تقوم بفك غطاء محولة ضخمة الحجم في المصنع الواقع شرقي السليمانية.  

نساء برعن في مهنة الشقاء والمخاطر. 

33 امرأة يعملن في مصنع صيانة المحولات الكهربائية التابع لوزارة الكهرباء في اقليم كردستان، يمثلن ثلثي العاملين في المصنع، وهن يقمن بعمل جبار على حد وصف الرجال هناك، عامر محمد وهو مدير المصنع يصف عملهن بالـ "متميز."، ويقول انهن يعملن بدقة وسرعة في الانجاز وثقة في المواعيد. 

"وتتراوح اعمار العاملات في المصنع بين الثلاثين عاما الى الستين، وعملنا عبارة عن مجاميع كل اربعة نساء معهن رجل"، بهذه المعلومات ختم محمد حديثه مع كركوك ناو، وهو يكرر عبارة "انا فخور بهن، كما عوائلهن فخورين بهن".  

مصنع تصليح محولات الكهرباء تأسس عام ألف وتسعمائة واربعة وتسعين في وقت كان العراق تحت الحصار الاقتصادي، ويعد من اوائل المصانع في إقليم كوردستان، ويعمل فيه اربعة وخمسين موظفا اغلبهم من النساء.  

أجور لا ترتقي وحجم جهدهن.  

النسوة العاملات في هذا المصنعِ يأملن بزيادة مستحقاتهم المالية،  مطالبات المنظمات الإنسانية باتخاذ موقف ينصفهنَ، هذا ما تطلب به نيكار وهي ام لثلاثة ابناء وتؤكد ان هذا المطلب يشمل جميع العاملات في هذا المصنع.  

السليمانية /كانون الثاني/ زميلات نيكار خلال عملهن في المصنع  تصوير:عمر الهلالي

السليمانية/ كانون الثاني 2022 / نيكار وزميلاتها أثناء صيانة محولة كهربائية داخل المصنع شرقي المدينة    تصوير: عمر الهلالي

 كسر النظرة النمطية التي تقول بان الاعمال الشاقة مخصصة للرجال حصرا، هذا ما عملن عليه النسوة هنا، رغم خطورة ومشقة العمل، فمحولات تعرض حياتهن للخطر في كل لحظة، لكنهن يعملن وبجدية، هذا ما تذهب اليه نيكار التي ترى ان المجتمع مازال يحارب عمل المرأة وحريتها. 

وتتمتع المرأة العراقية بشكل عام بقدرات ومهارات عالية ... وتشغل مناصب عديدة وتعمل بوظائف شتى . لكنها مازالت تعامي من التهميش والتمييز بالفرص والتوظيف، هذا ما ترصده المعنيات بشأن المرأة والعاملات في منظمات المجتمع المدني والاتي يطالب بإيلاء اهتماما اكبر بالمرأة العراقية بجميع المحافظات ومنها اقليم كوردستان. 

نيكار وبعد نهار شاق وليلا طويل في خدمة عائلتها، تبدأ رحلة عملها في هذا المصنع عند الثامنة صباحا، وتستمر في العمل باستخدام " الجاكوج، والسبانة، والكوسرة، ومفك البراغي الضخم"، حتى الثالثة عصرا، ورغم كل هذا الجهد والارهاق، نجدها تبتسم وتحاول استعدال ميول جسدها الذي اخذ منه العمل الكثير من الجهد والعناء، وترتسم الابتسامة مرة اخرى عندما ترى الاضاءة ليلا في المنازل، هكذا ختمت نيكار مقابلتها مع  "كركوك ناو.

 

السليمانية/ كانون الثاني 2022 / نيكار وإحدى زميلاتها تجهزان محولة كهرباء لتحميلها ونقلها بالرافعة    تصوير: عمر الهلالي

 

  • FB
  • Instagram
  • Twitter
  • YT