"حرُمت من زراعة أرضي لأربع سنوات بعد تحريرها من تنظيم داعش خشية وجود مخلفات حربية وعبوات بعد تعرض فلاحين ومزارعين في مناطق قريبة لحوادث فقدوا على اثرها حياتهم، إثر انفجار تلك المخلفات عليهم أثناء قيامهم بحرث أراضيهم تمهيداً لزراعتها" يقول أمين حسن، مزارع من تلعفر.
ويضيف لـ(كركوك ناو) أن "هندسة المتفجرات في الجيش العراقي قدمت دعماً وتعاوناً كبيراً مع الفلاحين في هذا المجال، الا أنه يبدو أن امكانياتهم ليست بحجم الالغام والعبوات التي تركها التنظيم الارهابي، لهذا شهدنا ضحايا بسبب تلك المخلفات".
وأفاد مصدر مسؤول في قيادة اللواء 53 في الحشد الشعبي (لواء الحسين)، أن "هندسة اللواء فجّر قبل أسبوعين، عبوة ناسفة وفككت لغماً أرضياً من مخلفات تنظيم داعش في قرية ترمي غرب تلعفر، كما فجرت عبوة ناسفة أخرى في قرية كسر محراب جنوب غرب تلعفر وفجرت عبوة ثالثة في قرية جكان خراب شرق تلعفر". وأفاد أن "قوات الحشد الشعبي وبالتنسيق والتعاون مع لواء المشاة 73 في الجيش العراقي نفذت واجباً للبحث عن فلول تنظيم داعش في قرى مال ويران وابراهيم سنجار وجبال الشور".
لعفر فقدت العشرات من المواطنين بعد عمليات التحرير جراء المخلفات الحربية والالغام
وأعلن بيان لهيئة الحشد الشعبي، الأربعاء 2 شباط 2022، أن قوة مشتركة من قيادة عمليات نينوى بالحشد الشعبي والجيش العراقي، عثرت على نفق ومخبأ لتنظيم داعش في تلعفر، خلال عملية امنية نفذتها القوة، وتم تفجيره من قبل مكافحة المتفجرات ومسح المنطقة بالكامل. كما عثرت القوة بحسب البيان، على 10 رمانات هجومية ودفاعية و 10 مخازن جيسي و2 اجهزة هايتيرا وجهاز موبايل و 30 صاعق تفجير و 18 قداحة تفجير و معدات وادوات ونواظير حرارية وكاميرا رأس ووثائق اخرى للتنظيم.
أكرم علي، مواطن من تلعفر، 55 عاماً، يقول "المخلفات الحربية وسائل قتل أخرى تستهدف المواطنين بعد زوال التنظيم، وقيام الحشد الشعبي بتفكيكها يساهم في تطهير هذه المناطق وعودة سكانها اليها".
ويضيف لـ(كركوك ناو) أن "تلعفر فقدت العشرات من المواطنين بعد عمليات التحرير جراء المخلفات الحربية والالغام التي زرعها مسلحو داعش على جانب الطرقات وبين المنازل وفي المزارع".
في 22 تشرين الأول 2021 أفاد مصدر في شرطة محافظة نينوى، ان "مخلفات حربية تعود لداعش انفجرت بموقع دفاعي كان يستخدمه التنظيم في قرية كسر محراب جنوب غرب قضاء تلعفر غرب الموصل، أسفر عن مقتل طفلين وإصابة ثالث، فيما فتحت القوات الأمنية تحقيقا بالحادث".
"عملتُ مع منظمة دولية زهاء سنتين، ونظمنا عشرات جلسات التوعية بمخاطر المخلفات الحربية، بين العوائل وفي المدارس والملاعب والمزارع، لتجنب وقوع ضحايا بين المدنيين جراء تلك الالغام، كما أننا وفرنا تدريبات للشباب من كلا الجنسين في معالجة الالغام ومنحناهم شهادات خاصة" يقول محمد قاسم، ناشط مدني.
كل شيء كان ملغماً، أعمدة الكهرباء، أبواب المنازل، المزارع، الشوارع العامة، حتى العلب وبراميل النفط
ويشير في حديثه لـ(كركوك ناو) أن "رقعة عملنا شملت مركز تلعفر وناحيتي العياضية وزمار والقرى التابعة لها، حيث كانت هذه المناطق أخر معاقل تنظيم داعش خلال معارك التحرير". ويكمل بحزن "للأسف فقدنا أحد زملائنا خلال معالجة احدى العبوات الناسفة من المخلفات التي تركها داعش على أطراف ناحية العياضية شمال تلعفر قبل نحو سنة".
ويكشف قاسم "حسب احصائية ناشطين عملوا في توثيق بيانات الضحايا فإن 76 ضحية فقدوا حياتهم عقب عمليات تحرير تلعفر، بسبب المخلفات الحربية والمتفجرات التي تركها داعش بعد فقدانه السيطرة على المدينة".
وتؤكد منظمات دولية تعمل في مجال ازالة الالغام والمخلفات الحربية أن مناطق العياضية والعاشق وتمارات وقرى فقه وتل جدوع وهارونة وصاجعة في قضاء تلعفر، والمناطق القريبة على ناحية زمار، تنتشر فيها مخلفات حربية، وتكشف أن إزالة الألغام ليست عملاً سهلاً، كونها مدفونة وتقنية عملها غير معروفة، كما قد تتعرض فرق الازالة إلى مخاطر، إلى جانب تأثير الظروف المناخية على عمل فرق المنظمات المعنية.
"كل شيء كان ملغماً، أعمدة الكهرباء، أبواب المنازل، المزارع، الشوارع العامة، حتى العلب وبراميل النفط، وبذلت الأجهزة الأمنية بمختلف مسمياتها كل جهودها لتفكيك تلك المتفجرات وازالتها رغم الامكانيات والمخصصات المتواضعة لها، بل قدمت المؤسسات الأمنية ضحايا خلال تفكيك بعض المتفجرات" بحسب مصدر مسؤول في تلعفر.
وأضاف لـ(كركوك ناو) أن "المنظمات الدولية والفرق التطوعية هي الأخرى ساهمت في هذا المجال، كما نظمت جلسات توعية للموظفين في دوائرهم وطلبة المدارس في كلياتهم ومدارسهم والعوائل في منازلهم بعد تسجيل ضحايا جراء تلك المتفجرات".
وتفيد بيانات متفرقة لمديرية الدفاع المدني في محافظة نينوى بتنفيذها 755 واجباً لإزالة الألغام، نتج عنها معالجة ورفع أكثر من8590 مخلفا حربيا، و33 قنبلة طائرة مختلفة الأحجام.
وحسب آخر احصائيات الأمم المتحدة، في كانون الأول 2021، فإن مئة طفل قُتلوا أو أصيبوا في الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي جراء انفجار ألغام ومتفجرات من مخلفات الحروب في العراق. فيما تؤكد المنظمات الإنسانية بأن هذا الخطر يهدد شخصا من كل أربعة، عادّةً العراق من أكثر الدول تضرراً في العالم جراء هذه المخلفات.
"رغنم أن مساحات واسعة تمّ تطهيرها الا أنني أنصحُ أبنائي دوماً بعدم التقاط اي أجسام أو أسلاك من الأرض خلال عملهم في المزرعة، خشية أن تكون متفجرات.. لا شك أن وجود هذه المخلفات تؤثر بشكل مباشر على حركة عودة النازحين إلى تلعفر" حسب المزارع التركماني أمين حسن.
ووقعت تلعفر، 69 كم شمال غرب الموصل، تحت سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام، (داعش) في حزيران 2014، واضطر أغلب سكانها البالغ عددهم نحو 225 ألف نسمة إلى النزوح عنها، إلى عددٍ من المحافظات الجنوبية والوسطى، لا سيما النجف وكربلاء وبابل، إلى جانب إقليم كوردستان، وكركوك وتركيا، فيما عاد نحو 60% من النازحين إلى مدينتهم عقب تحريرها في أب 2017 من سيطرة التنظيم.