عيد آخر يمر على قديمة الموصل وهي تحتضن أدوات العيد ومراجيح الأطفال بين مباني ما تزال خربة.
على ناصية الطريق ينصب يونس علي حدائد تكون مرجوحة وأخرى على أنها دولاب هواء. أما أكرم محمد فحرر حصانه من عربة كان يجرها وألبسه سرجًا أنيقا استعدادا لكريه لبعض الأطفال ممن يتمنون أن يعيشوا تجربة ركوب الخيل.
الاستعداد هذا والترتيب وسط الخراب تكرر لخمس مرات بعد تحرير الموصل حيث مر العيد كعيد خامس في الموصل بعد طرد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" وتحرير المدينة بتكلفة باهظة بالنسبة للموصل القديمة التي نالت جزءا كبير من دمار الحرب.
ورغم جهود كبيرة بذلتها منظمات دولية وبرامج "تعافي" مع أعمال الحكومة المحلية في إعادة ملامح المدينة وتغييب مظاهر الحرب من شوارع وأزقة الموصل الا أن الموصل القديمة بقي فيها ما يدل على حرب التحرير حتى تكيف الناس مع معالم الدمار التي بقيت شاخصة حتى في أجمل أيامهم. أيام العيد.
يقول خالد الضائع لـ كركوك ناو، وهو من سكنة منطقة الخزرج في الموصل القديمة "تعلمنا على العيش هنا حتى مع اسوء الظروف مررنا بأيام الموت والحصار هنا والان الوضع أفضل وننتظر بناء البيوت وإعادة الحياة بشكل أكبر".
أما الباحث الاجتماعي احمد محمد طاهر فيرى "من غير الجيد أن يتعود الناس في الموصل القديمة والأطفال على مظاهر الدمار ما يؤثر على نفوسهم مستقبلا وعدم اكتراثهم لأي شيء ليصبح بعدها كل شيء عاديا حتى اذا كان كارثيا".
وتفتقر الموصل بشكل عام والجانب الأيمن والقديمة بشكل خاص إلى متنزهات ومرافق عامة تكون متنفسا للعوائل والأطفال لا سيما في ايام العيد.
وتقع في الجانب الأيمن من الموصل مدينة العاب. تحديدا المنطقة القديمة "باب الجديد" لكن مدينة الملاهي هذه يلهو بها الكلاب والقطط بسبب ركام وسخام ما زال يعلوها بعد احتراقها ودمار طالها من القصف.
بينما بدأت بلدية الموصل بإنشاء متنزهات في المدينة ضمن مشاريع إعادة الإعمار حيث أنشأت في "باب الطوب" مركز المدينة القديم حديقة بنافورة راقصة لكنها لم تضع فيها ألعابا للأطفال ما دفع الناس إلى اللجوء إلى مدينة الملاهي الرئيسة والتي اكتظت كثيرا بالمواطنين طيلة أيام عيد الفطر المبارك.
أما الحكومة المحلية في نينوى فسعت إلى استقطاب المستثمرين لإنشاء مرافق للتنزه والسياحة في المدينة. في ظل توفر الظروف الملائمة لها من أمن ومساحات. فوضعت بتاريخ ٣/١ /٢٠٢٢ حجرا اساس لإنشاء مدينة مائية عن طريق الاستثمار وبجوار مدينة الألعاب في الجانب الأيسر وعلى مساحة ٧ دونم وبتنفيذ شركة تركية.
وفي الوقت ذاته تحدث محافظ نينوى عن مساعٍ مشابهة لإنشاء مدينة سياحية وبارك في غابات الموصل تمكن الموصل سياحيًا وتجعلها قبلة.
فيما يطمح الأهالي في الموصل وقديمتها إلى إنشاء مرافق عامة ومتنزهات تعوض الأهالي والأطفال سنين طويلة عاشوها في الخوف والهرب من الموت. بدأت بأحداث مروعة ابتداء من عام ٢٠٠٥ وحتى عام ٢٠١٨ والبدأ بحياة جديدة بعد داعش لكنها منقوصة.
يقول حسين فارس وهو من سكنة الموصل القديمة، لـ كركوك ناو، انه "نريد تأهيل هذه المناطق وبناء متنزهات كل البيوت هنا لا تتجاوز المئة متر ومن الضروري أن تخلق لنا الدولة فضاءات تكون متنفسا".
بينما يتحدث حسين لا يبدو على وجوه الأطفال من خلفه. أن مدينتهم ومناطقهم تفتقر إلى متنزهات والعاب ومراجيح. نشاطهم عالٍ جدًا وفرحين بأيام العيد بأقصى ما يملكون.