"لم يبق عمل لم أجربه، لم تبق معاناة لم أذقها... تارةً عملت في صالون تجميل، وأخرى في محل لبيع الألبسة ويوماً آخر في حضانة أطفال"، تولين سلام فائق قررت أن تدير مشروعها الخاص ونجحت في ذلك، لكن بعد سيل من المعاناة.
يوم 10 أيار 2022، نُشِر في مراسيم خاصة كتاب يسرد قصص نجاح 17 امرأة من كركوك، السيدات مررن بمحن كثيرة لكن بإصرارهن وتماسكهن، نجحن في تأسيس مشاريع خاصة بهن، إحدى قصص الكتاب كانت قصة نجاح تولين سلام.
بعد تخرجها من إعدادية التجارة، تزوجت تولين وبدأت بالعمل لتساعد زوجها في تحمل أعباء الحياة وتأين لقمة العيش، نظراً لأن حالتهم المادية كانت متردية للغاية، على حد قولها.
"في البداية عملت في محل لبيع الألبسة، بعدها عملت في صالون تجميل ومن ثم في حضانة أطفال".
بعد سبع سنوات على زواجنا، رزقا بطفل، حينها فكرت بأن تؤسس مشروعاً خاصاً بها.
الأهم هو أن لا تستسلم وأن لا تثبط هذه الأمور عزيمتك
"فكرت في فتح مطعم صغير لتقديم وجبات الافطار، واخترت شارع القدس في كركوك لذلك، المشروح حقق نجاحاً كبيراً وأنا الآن أديره"، وتضيف تولين، "لكنني مررت بمعاناة كثيرة".
بعد افتتاحه مشروعها الصغير، تعرضت صفحة تولين للاختراق، "أخذوا 400 صورة عائلية، و هددوني بنشر الصور إن لم أرسل لهم المال"، وتقول تولين، "قررت مع زوجي أن ندفع لهم مبلغاً من المال في سبيل عدم نشر الصور ولاستعادة صفحتي التي كنت أروج فيها لمشروعي"، لكن تولين لم تتطرق الى التفاصيل وسبب عدم تسجيلها شكوى، واكتفت بالقول "الأهم هو أن لا تستسلم وأن لا تثبط هذه الأمور عزيمتك".
رغم الظروف الصعبة التي مرت بها، تملك تولين الآن مشروعاَ خاصاً بها ونُشرت قصة نجاحها في كتاب (ناجحات من رحم المعاناة).
يعد الكتاب جزءاً من مشروع منظمة كوردستان لمراقبة حقوق الانسان يهدف الى تشجيع الشباب، بالأخص النساء، على التماسك وتجاوز العقبات لتحقيق أحلامهم.
ينفذ المشروع في محافظات كركوك، نينوى، ديالى، صلاح الدين والأنبار ويضم العديد من الفعاليات، وتضمنت فعالية كركوك تأهيل 40 شاباً وشابة على كيفية العمل كفريق، إجراء المقابلات وإعداد المقترحات. هؤلاء الشباب أجروا مقابلات مع 17 سيدة ناجحة في كركوك، بحسب المشرفة على المشروع، سميرة خالد.
السيدات اللائي تضمنهن الكتاب ينتمين لقوميات وأديان كركوك المتعددة، فـ(تولين) على سبيل المثال، تركمانية.
مهتاب ماجد الكاكائي، سيدة أخرى من بين اللائي سردن قصص نجاحهن في الكتاب، قالت لـ(كركوك ناو)، كنت أعشق الموسيقى والعزف على الآلات الموسيقية منذ نعومة أظافري، لذا اخترت الدراسة في هذا المجال، تخرجت من معهد الفنون الجميلة في كركوك، بعدها أكملت الدراسة في كلية الفنون الجميلة بالسليمانية".
بعد إكمالها الدراسة، فكرت مهتاب في أن تصبح صاحبة مشروع خاص بها، لذا اسست مدرسة لتعليم الموسيقى في كركوك.
"المشروع حقق نجاحاً، الراغبون في تعلم الموسيقى هم من مختلف الأعمار، أريد أن أقول من خلال ذلك الكتاب أن لا شيء يستطيع أن يقف عائقاً أمام تحقيق الأحلام إذا تمسكت بها"، وأردفت مهتاب، "نظرات المجتمع لا يمكنها إيقاف النساء".
سيفا حكمت اسحاق، من المكون المسيحي وإحدى بطلات الكتاب، تقول أنها عانت كثيراً من قبل، فقد أجبرت على الزواج في سن السادسة عشرة من شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة. بعد عدة سنوات انفصلت عنه.
"كان يمنعني من الدراسة ويوقل أن علي تركها، لكن حلمي كان إكمال دراستي، في البداية اضطررت للتخلي عنها، لكنني قررت بعد ذلك السعي وراء تحقيق حلمي".
بعد انفصالها عن زوجها، التحقت سيف بدراستها من جديد وتخرجت من قسم الفلسفة بكلية الآداب وهي الآن من ناشطات المجتمع المدني والدفاع عن حقوق المرأة.
مشروع نساء ناجحات في كركوك، يهدف لإبراز طاقات الشباب ليكونوا قدوة للذين يسعون لتحقيق أحلامهم، كما قالت المشرفة على المشروع، سميرة خالد، لـ(كركوك ناو).
وأوضحت سميرة أن "هؤلاء الشبان الـ40 المشاركين في إعداد الكتاب، شاركوا في دورة تدريبية حول كيفية تشكيل الفريق وكتابة المقترحات والعمل التنظيمي، وكان إعداد الكتاب جزءاً من نشاطات الدورة".
المحافظات التي اختيرت للمشروع، رزح بعضها بالكامل تحت سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) في حزيران 2014، وكانت النساء من ضحايا ذلك التنظيم المسلح.
السيدات ال_17 المذكورات في كتاب (ناجحات من رحم المعاناة) عُثر عليهن عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي والمتابعات الميدانية وأجريت مقابلات معهن.
"للأسف، يوجد العديد من النساء الناجحات في مدينتنا، لكن المجتمع يعيق بروزهن، نريد أن نعمل أكثر في المستقبل على إبراز سيدات كركوك الناجحات ونشر قصص نجاحهن بتشجيع الآخرين على كسر الحواجز التي تعيقهم"، تقول سميرة خالد.