يرى رئيس هيئة المناطق الكوردستانية خارج إدارة الإقليم، فهمي برهان، أن من الضروري أن لا تشارك القيادة الكوردية في أية حكومة وأن لا يمنحوا الثقة لأية جهة لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة ما لم تؤمن كلياً بالمادة 140 من الدستور العراقي وتسعى لتنفيذها.
في مقابلة أجراها معه موقع (كركوك ناو)، قال فهمي برهان الذي تعتبر متابعة تنفيذ المادة 140 من الدستور من مهام الهيئة التي يترأسها، أن 20 بالمائة من تلك المادة تم تنفيذها، في الوقت الذي كان من المفروض أن يُحسم مصير المناطق المتنازع عليها بين الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة اقليم كوردستان منذ عام 2005 على ثلاث مراحل (التطبيع، التعداد والاستفتاء).
كركوك ناو: ما موقع المادة 140 من مباحثات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، في الوقت الذي تُتهم فيه القيادة الكوردية، بالأخص الاتحاد الوطني الكوردستاني و الحزب الديمقراطي الكوردستاني بأن مفاوضاتهم تتعلق بالمناصب وليس تنفيذ تلك المادة؟
فهمي برهان: ناضل الكورد وسالت دماء كثيرة في سبيل المناطق المتنازع عليها، والناس تتطلع الى أكثر من ذلك ويرون بأن من المفروض أن نبذل مساعي أكبر لتنفيذ المادة 140.
باعتقادي، المادة 140 تشغل حيزاً كبيراً في مباحثات تشكيل الحكومة، واريد أن أغتنم هذه المقابلة كرئيس هيئة المناطق الكوردستانية لأدعو القيادة السياسية الكوردية وحكومة اقليم كوردستان وأحمّل الاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني المسؤولية، بضرورة أن تكون المادة قضية كركوك والمناطق الكوردستانية على رأس المباحثات مع الأطراف الشيعية قبل تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، أي أنه لا يتوجب أن يشاركوا في اية حكومة إن لم تجعل تنفيذ المادة 140 على قائمة أولوياتها، ولا تستحق أية جهة تشكيل حكومة معها إن لم تكن تؤمن كلياً بتنفيذ المادة 140 من الدستور.
لدينا شكوك، هذه حقيقة وهناك مخاوف على العديد من المناطق، لأنني أعرف حجم التعريب الذي مورس هناك ومدى خطورة ذلك
كركوك ناو: هناك حالياً جدل غير رسمي بشأن تعديل الدستور، هل تفضلون أن يتم تعديل المادة 140 في هذا الإطار؟
فهمي برهان: كان يتوجب علينا أن لا نرضى بتلك المادة في البداية، لم أر قومية تُدخِل أرضها في معاملة دستورية، جميع الوثائق التاريخية تثبت هذا الأمر وجميعهم يعلمون ذلك، وقد أقروا على مستوى رؤساء الجمهورية بأن كركوك وسنجار وجلولاء وبدرة وجسان أراضي كوردستانية، ولآن بعد أن اصبحت مادة دستورية، علينا أن نكافح لكي تُنفذ بحذافيرها.
كركوك ناو: ما مدى ما تم تنفيذه ضمن المراحل الثلاث للمادة ا40؟
فهمي برهان: تم تنفيذ اقل من 20 بالمائة
كركوك ناو: هل تخشون أن تفقدوا أياً من المناطق المتنازع عليها في حال أجريت المرحلة النهائية المتمثلة بالاستفتاء؟
فهمي برهان: ربما، لكنني لا أستطيع ذكر اسم تلك المنطقة بالتحديد.
كركوك ناو: ما هي المناطق التي تتوقعون فقدانها؟
فهمي برهان: لدينا شكوك، هذه حقيقة وهناك مخاوف على العديد من المناطق، لأنني أعرف حجم التعريب الذي مورس هناك ومدى خطورة ذلك، حجم التعريب كبير جداً بحيث أدى الى تغييرات ديموغرافية في العديد من المناطق.
كركوك ناو: هل تستطيع الكشف عن اسماء تلك المناطق؟
فهمي برهان: فلنؤجل هذا الى مقابلة أخرى... لكن حجم التعريب بعد الاستفتاء وأحداث 16 أكتوبر 2017 –انسحاب البيشمركة وعودة القوات التابعة للحكومة الاتحادية الى المناطق المتنازع عليه- كبير جداً وازداد في كركوك ومناطق أخرى، التعريب بدا بشكل خطير بعد الاستفتاء الذي شارك فيه مواطنو كوردستان.
كركوك ناو: هل لديكم احصائيات حول التعريب الذي تتحدثون عنه؟
فهمي برهان: التقارير الموجودة لدينا تشير الى حدوث تعريب خطير في مندلي وبدرة وجسان والسعدية وجلولاء، الأوضاع في سنجار هي كما تعرفون، ومن الواضح جداً نسبة السكان الذين جاؤوا الى كركوك من الأقضية والنواحي التابعة لها، كما ترون، الحكومة العراقية ترفض تنفيذ الاتفاق الخاص بتطبيع الأوضاع في سنجار، كل هذه رسائل من الأفضل أن تتفطن لها القيادة الكوردية اليوم قبل غد.
اللجنة لم تُحلّ، بل لا زالت تمارس مهامها في مناطق جنوب العراق، لكنها لا تعمل في المناطق الكوردستانية وقد تخلوا عنها منذ مدة طويلة
كركوك ناو: الصورة توحي بأن الحكومة العراقية لا تريد تنفيذ المادة 140، فماذا كانت الضغوط التي مارستها الأطراف الكوردستانية إزاء هذه العملية؟
فهمي برهان: المسؤولية ملقاة على عاتقنا جميعاً، لكن بنسب متفاوتة، هناك نقطة أخرى وهي أن لا ننتظر من الحكومة العراقية أن تخضع لتنفيذ المادة 140، بل يجب أن لا نستسلم ونشرك المجتمع الدولي.
كركوك ناو: أعمال لجنة تنفيذ المادة 140 تسير ببطء أو متوقفة، في الوقت الذي تتحدثون فيه عن وجود تعريب، ماذا ستكون الخطوة القادمة إذن؟
فهمي برهان: اللجنة لم تُحلّ، بل لا زالت تمارس مهامها في مناطق جنوب العراق، لكنها لا تعمل في المناطق الكوردستانية وقد تخلوا عنها منذ مدة طويلة، لذا نحن مستاؤون من الحكومة العراقية بسبب طريقة التفكير هذه ومسار العمل الذي تتبعه.
كانت لدينا نزاعات بشأن أراضينا مع جميع الحكومات العراقية المتعاقبة... لذا فإن هذه الحكومة لن تخضع لمطالبنا بسهولة، من أجل إعادة تلك المناطق الى اقليم كوردستان عن طريق الحور العقلاني، هذا الأمر يتطلب نضالاً مستمراً ونضالاً دستورياً في هذه المرحلة.
كركوك ناو: في العديد من المناطق المتنازع عليها، توجد الى جانب الصراعات السياسية والإدارية، توترات عسكرية، على سبيل المثال في قضاء سنجار، ماذا فعلتم لمعالجة مشاكل ذلك القضاء؟
فهمي برهان: كهيئة المناطق الكوردستانية، لا يمكننا فعل شيء بشكل مباشر للمناطق الكوردستانية خارج إدارة اقليم كوردستان، ما نقوم به يشمل الجانب القانوني ويجب إطلاع حكومة اقليم كوردستان على الوضع بتقارير، نستثمر جهود الكتل الكوردستانية في بغداد دون تمييز ونشكل لجنة رقابية تضم نوابنا في البرلمان، وفي هذا الصدد، اجتمعنا مع كتل الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني لأجل ذلك وسنجتمع مستقبلاً مع الكتل الأخرى.
رئاسة الجمهورية وجميع وزاراتنا في بغداد من واجبها مراقبة هذه المناطق وقد تحدثنا هاتفياً مع رئيس الجمهورية الذي تولى زمام المبادرة وتعهد بدعمنا، لذا سنستمر في كتابة التقارير وكانت لدينا لقاءات مع مسؤولي الوحدات الادارية في تلك المناطق، فضلاً عن إطلاع ممثلي الدول على المشاكل والأوضاع المفروضة على تلك المناطق.
المحاكم حسمت عدداً كبيراً من نزاعات ملكية الأراضي لصالح الكورد في قضاء داقوق، لكن هذا لا يعني أن انتهاء هذه المشكلة، لأننا نشهد يومياً احتجاجات من المزارعين الكورد
كركوك ناو: بعد التغييرات (عقب أحداث 16 أكتوبر) في إدارة كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها، هل حدث تمييز ضد الأحياء الكوردية من حيث توفير الخدمات؟
فهمي برهان: محافظ كركوك يميز كثيراً بين مناطق كركوك، حيث أن 80 بالمائة من ميزانية المحافظة تصرف لأطراف كركوك وما يتبقى منها يستخدم لتنفيذ مشاريع خدمية للأحياء التي يقطنها العرب، الغبن الذي يمارس أكبر من أن يمكن التحدث عنه في مقابلة إعلامية، هذا مثال واحد، وهذا التمييز يتكرر في سنجار ومناطق أخرى.
لذا اقول بأننا يجب أن لا ندخل في حكومة إن لم تكن ستساعد في معالجة الأوضاع في المناطق الكوردستانية خارج إدارة الاقليم.
كركوك ناو: نزاعات ملكية الأراضي الزراعية في كركوك والمناطق الأخرى المتنازع عليها بين المزارعين الكورد والعرب إحدى المشاكل المعلقة والتي تشهد بين فترة وأخرى توتر وصدامات، ما هي مساعيكم لحل هذه القضية؟
فهمي برهان: المحاكم حسمت عدداً كبيراً من نزاعات ملكية الأراضي لصالح الكورد في قضاء داقوق، لكن هذا لا يعني أن انتهاء هذه المشكلة، لأننا نشهد يومياً احتجاجات من المزارعين الكورد... قررنا أن نطلق قريباً نداءً للمحامين في كوردستان لتسجيل مئات الدعاوى في المحاكم العراقية بشأن كل شبر من أراضي كوردستان، نحن نعتبر أنفسنا اصحاب هذه القضية وسنعمل من أجلها، وندعو جميع المزارعين الكورد ليسجلوا شكاواهم، لأن هناك قرار من مجلس الوزراء العراقي لإلغاء جميع القرارات التي صدرت من قبل مجلس قيادة الثورة لحزب البعث المنحل (قرار توزيع الأراضي الزراعية على المزارعين العرب على هيئة عقود) لكن القرار لا يُنفّذ.
كركوك ناو: لماذا لم يتفق الاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني بعد احداث 16 أكتوبر لتنصيب محافظ لكركوك؟
فهمي برهان: المشاكل بين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكوردستاني تتجه رويداً نحو الحل، الجانبان يدركان إن لم يواجها المخاطر والتحديات معاً سيكون الوضع أمام اسئلة جدية، ... أعتقد بأن الحزبين سيتوصلان الى اتفاق قريباً حول منصب محافظ كركوك.