بعد أن فقدت أمها بسبب كورونا، تشعر شانو بالندم لأنها تطوعت رفقة عدد من زملائها للعمل في أحد المستشفيات الخاصة بالمصابين بكورونا في محافظة السليمانية إبان تفشي الوباء شهر آذار 2020.
حسب إحصائيات صحة السليمانية، خمسة آلاف شخص تطوعوا في هذه المحافظة خلال فترة كورونا لمجابهة الوباء، في الوقت الذي تحتاج فيه وزارة الصحة في حكومة اقليم كوردستان الى حوالي سبعة آلاف منتسب جديد، لكن بحس المتطوعين، "الوزارة لم تضع اعتباراً لدورهم".
يوم 4 آذار 2020، سجلت أول حالة وفاة بفيروس كورونا في اقليم كوردستان وبالتحديد بمحافظة السليمانية وكانت الحالة لرجل دين. ما حدث نقل مخاوف المواطنين وحكومة اقليم كوردستان بشأن الوباء الى مرحلة جديدة، فتم البدء باتخاذ خطوات جديدة وصلت الى إعلان حظر التجوال العام، فيما بدأت وزارة الصحة بحشد الموارد البشرية وتأمين المستلزمات الطبية للمستشفيات.
يستعرض هذا التقرير قصة شانو شيركو، فتاة متطوعة في السليمانية تخرجت من كلية التمريض بجامعة السليمانية عام 2019 وفي الأول من شهر حزيران من نفس العام باشرت بالعمل في مستشفيات هيوا و شار.
كان معظم الأطباء ومنتسبي الصحة يتركون دوامهم ولا يردون على الاتصالات الهاتفية
تقول شانو، "المستشفيات كانت تطلق نداءات تدعو فيها لمتطوعين للعمل في مستشفى الشهيد طاهر علي والي بك بمنطقة سرجنار"، المستشفى كانا الأول الذي وقع عليه الاختيار لتحويله لمستشفى خاصة باستقبال وعلاج المصابين بكورونا.
واستطردت شانو، "في البداية قال مسؤولو الصحة أن منتسبي الصحة العاملين في مستشفى الشهيد طاهر ستصرف لهم رواتب شهرية قدرها مليون دينار، كما أن الخريجين المتطوعين غير المتعينين سيعملون بشكل عقود.
حسب ما يقال، كانت هناك محاولات لنقل كوادر طبية من جميع المستشفيات الى مستشفى الشهيد طاهر، لكن تلك المحاولات لم تكن مجدية، وكشفت شانو أن "قسماً من منتسبي الصحة والموظفين الدائميين، كانوا يدفعون للمتطوعين لكي يداوموا بدلهم أثناء الخفارات، بعضهم كان لا يريد التواجد في المستشفى".
هاوذين عثمان، رئيس نقابة منتسبي الصحة فرع السليمانية، والذي تم تكليفه من قبل مدير عام صحة السليمانية لتشكيل فرق للمستشفيات، دعم ما قالته شانو وقال، "في تلك الفترة، كان معظم الأطباء ومنتسبي الصحة يتركون دوامهم ولا يردون على الاتصالات الهاتفية، المتطوعون هم كانوا المنقذين لأنهم تطوعوا للعمل في الخطوط الأمامية ومجابهة كورونا".
وقال هاوزين عثمان والاستغراب يعلو ملامحه، "حين طلبنا من البعض من الأطباء والمنتسبين الدوام في المستشفيات الخاصة بكورونا، جلبوا لنا تقارير طبية تفيد بأنهم يعانون من أمراض نفسية"، واستناداً الى تلك التقارير حصلوا على إجاازات أو نقلوا دوامهم من مستشفيات كورونا.
نشر صورة على صفحة التواصل الاجتماعي الخاصة بإحدى صديقاتها، دفع شانو للتطوع في الخطوط الأمامية لمواجهة وباء كورونا في السليمانية، خطورة عملها جعل شانو تأخذ بمشورة من حولها لكن ذلك لم يساعدها في اتخاذ قرار نهائي، حيث قال لها والدها، "لن تذهبي". لكن شانو تمكنت من اقناع والدها للسماح لها بالعمل، أما والدتها فقالت لها، "هذا عملك، مم تهربين".
بعد 15 يوماً على مباشرة عدد زملائها الذين كانوا وراء توجه شانو للعمل، تخلى عدد منهم عن العمل في المستفى بسبب خطورة الوضع. شانو التقت برجل الدين الذي توفي بعد فترة جراء كورونا وكانت أول حالة وفاة تسجل في السليمانية، تقول شانو "الوضع الصحي لرجل الدين كان سيئاً جداً قبل أن يفارق الحياة".
التماس اليومي للمتطوعين مع المصابين بكورونا كان من أسباب غصابة معظمهم أو أفراد عوائلهم بالفيروس أو الوفاة جراء الإصابة، وتشير إحصائيات صحة السليمانية ونقابة منتسبي الصحة الى أن ما يقرب من ألف متطوع عملوا في قطاع الصحة بمحافظة السليمانية إبان فترة تفشي الوباء.
المتطوعون وسد الفراغات في القطاع الصحي
وفقاً لإحصائيات نقاية منتسبي الصحة في السليمانية، 300 متطوع عملوا في مستشفى الشهيد هيمن (الجمهوري) الذي كان أحد المستشفيات المخصصة للمصابين بكورونا، في حين أن إجمالي عدد منتسبي المستشفى كان 700 شخص.
هاوزين عثمان، رئيس النقابة يقول، "رغم ذلك التفاوت الكبير في العدد، إلا أن المتطوعين كانوا يديرون ردهتين اضافةً الى قسم الاستقبال، في حين أن 700 منتسب في المستشفى والأطباء كانوا يديرون ردهتين فقط".
- 70 بالمائة من العاملين في عيادة علي ناجي كانوا من المتطوعين.
- 45 بالمائة من العاملين في مستشفى الشهيد هيمن (الجمهوري) كانوا من المتطوعين.
- 40 بالمائة من العاملين في مستشفى الشهيد آسو كانوا من المتطوعين.
- 80 بالمائة من العاملين في مستشفى الشهيد طاهر والي بك كانوا من المتطوعين.
"أقول وأنا مسؤول عن كلامي، أن نصف جهود محاربة كورونا كانت على عاتق المتطوعين"، بحسب هاوزين عثمان.
في شهر نيسان، وصل الأمور في السليمانية الى منعطف خطير. خصصت جميع المستشفيات الأخرى لكورونا. في تلك الفترة، كانت شانو تداوم ستة ايام ف يمستشفى الشهيد طاهر والي بك وستة أيام فيمستشفى الشهيد آسو، وتقول "عملنا ستة اشهر في مستشفيات كورونا، باستثناء الدعم المادي من بعض المسؤولين والمنظمات، لم تصرف لنا الحكومة أي مبلغ".
هذا الأمر دفع شانو وزملاءها لترك العمل في المستشفيات الخاصة بكورونا وحسب قولها، "هذا الموقف أجبر مدير صحة السليمانية على زيارة المستشفى بنفسه".
لو كان هناك تقدير وامتنان لعَيَّنونا". في الكبينتين الوزاريتين الثامنة والتاسعة، اعتمدت وزارة صحة اقليم كوردستان على جهود وإمكانيات المتطوعين
زملاء شانو أخبروها عن وجود إجحاف بحق المتطوعين في السليمانية وأربيل من حيث صرف المكافآت والمستحقات. زريان خالد، منتسب صحة يعمل بعقد في أربيل لم يحصل على مكافآت أربعة اشهر يقول، "المتطوعون يضطرون لمزاولة عمل آخر لكي لا ينقطعوا عن مهنتهم، ولكي يوفروا مصاريف التنقل من والى المستشفى".
أما سيما جمال، المتخرجة من قسم التمريض بالمعهد التقني في حلبجة، والتي عملت سنتين في أربعة مراكز صحية ومستشفيات، تقول رغم ما نواجهه من مصاعب من حيث تأمين مصاريف النقل وانشغالنا بتولي مسؤوليات دون أن ننال حقوقنا، البعض من الناس يظنون أن الحكومة لا تفتح باب التعيينات بسببنا نحن المتطوعين".
وتابعت، "لو كان هناك تقدير وامتنان لعَيَّنونا". في الكبينتين الوزاريتين الثامنة والتاسعة، اعتمدت وزارة صحة اقليم كوردستان على جهود وإمكانيات المتطوعين في المراكز الصحية، رغم ذلك، لا تملك الوزارة إحصائية دقيقة حول عدد المتطوعين في قطاع الصحة بإقليم كوردستان.
المتطوعون ضحايا من جانبين، أحدهما عدم وجود تثبيت قانوني لحقوقهم مقابل عملهم في المستشفيات، والثاني تماسهم اليومي مع المرضى ومع أفراد عوائلهم، ولـ(شانو) مع الثاني قصة أخرى.
كان لـ(شانو) تماس مع جميع أفراد عائلتها أثناء عودتها للمنزل من عملها، ورغم أها كانت تلتزم بالتدابير الوقائية، أصيبت شان بفيروس كورونا في تموز 2020، طوال تلك المدة كانت والدتها تعتني بها، حتى حين عودتها الى المستشفى.
في شهر آب من نفس العام أصيبت والدة شانو هي الأخرى بكورونا، في البداية كانت تعاني من السعال ثم ظهرت عليها الأعراض الأخرى كالحمى.
"كانت والدتي تلوى من الألم باستمرار، لم تعد قادرة على النوم زالراحة". الى جانب اعتنائها بوالدتها كانت شانو تلتزم بعملها في معالجة المصابين بالمستشفى، كانت في تلك الفترة بالكاد تحصل على فرصة للراحة في مستشفى الشهيد طاهر والي بك.
اعتني بالأطفال ولا تكسري بخاطر أحد
ترى شانو بأنه لم يكن هناك بروتوكول موحد لعلاج المصابين بكورونا، فعلى سبيل المثال، حين أصيبت والدتها بارتفاع في نسبة الأنزيمات بكبدها، انقسم الأطباء على رأيين مختلفين بشأن استخدام الباراسيتول "المغذي" في علاج والدتها.
في أواخر أيام والدتها "قدرية سعيد"، أحضرت شانو والدها وخالها للمستشفى وهي فاقدة الأمل، في يوم 21 آب 2020 توفيت والدة شانو بسبب انخفاض نسبة الأوكسجين ووالمضاعفات الأخرى، لكن أكثر ما آلمها كان عدم غسل جثمان والدتها ووضعها داخل كيس بلاستيكي قبل دفنها، وتقول "لن أنسى ذلك أبداً".
كان لهذا الحادث وقع كبير على شانو، رغم عملها التطوعي، وقعت على عاتقها مسؤولية رعاية خمسة أطفال. شانو كشفت والألم يعتصرها أن والدتها قالت لها وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة، "اعتني بالأطفال ولا تكسري بخاطر أحد".
كتب على شاهد قبر والدة شانو، "أم الفقراء"، وتروي شانو أن والدتها "كانت تساعد الفقراء والجيران والأقرباء في السر والعلانية منذ أكثر من 10 سنوات".
"لو كنت أفكر مثلما كنت افكر قبل أن أتطوع، لم أكن سأختار ذلك الطريق أبداً"، كانت هذه كلمات شانو بعد فقدها والدتها التي كانت من أكبر الداعمين لها للاستمرار في عملها.
وترى بأنه لكي يكون للمتخرجين حافز للعمل التطوعي، "يجب أن يتم تقديرهم ومنحهم مكافآت شهرية حتى وإن كانت رمزية".
شانو ليست الوحيدة، فقد حدثت أمور مماثلة في مدن (أربيل، دهوك، السليمانية وحلبجة)، ، ويقول سربشت سرحد، ممثل متطوعي محافظة السليمانية أن "خمس" حالات مماثلة سجلت في السليمانية "إحداها كانت لشقيقين متطوعين فقدا والدهما".
ويقولن "كان بيننا متطوعون لم يعودوا الى منازلهم على مدار ثلاثة اشهر ودأبوا على تقديم الخدمات الصحية للمصابين بكورونا في مراكز القطاع الصحي، رغم أنهم أنقذوا حياة المئات لكنهم فشلوا في إنقاذ أفراد عوائلهم من الموت".
باستثناء بعض المساعدات من المنظمات والشخصيات السياسية لم يحصل المتطوعون في تلك الأشهر على أية مكافآت مالية، وبعد لجوئهم للإضراب، اتخذت الحكومة خطوة جديدة عن طريق صرف "حوافز وعقود عمل تمتد لستة أشهر لـ502 متطوع".
الدكتور معاف عبدالله، مدير عام ديوان وزارة الصحة في حكومة اقليم كوردستان، يقول "نعتبر أنقسنا مدينين للمتطوعين لمجابهة كورونا، قريباً سنجتمع مع مجلس الخدمة ونوجه لهم خطة خاصة بتعيين المتطوعين".
الكوادر الصحية التي قضت جراء الإصابة بكورونا، وعددهم 119 شخص، تم تعويض ذويهم بمبلغ خمسة ملايين دينار من قبل حكومة اقليم كوردستان. رغم ذلك لا توجد إحصائية دقيقة حول عدد المتطوعين الذين فقدوا أقارب من الدرجة الأولى بسبب كورونا، لكن مدير عام ديوان وزارة الصحة يقول، "لا توجد خطط لتعويضهم".
تعيين كوادر بموجب عقود
يبلغ عدد الأشخاص الذين تم تعيينهم في محافظات أربيل، دهوك، السليمانية وحلبجة بموجب عقود مؤقتة أكثر من 500 شخص، بعد انتهاء العقود في حزيران وآب 2022 وبعد تجديدها ثلاث مرات، لم تصرف حتى الآن أي أجور للمتطوعين، وهناك مساعي في الوقت الاضر لتجديدها للمرة الرابعة.
رواتب هؤلاء المتطوعين تم احتسابها وفق أجور يومية بواقع 18 ألف دينار لليوم الواحد، وفي حال أخذ المتطوع لإجازة لا يحتسب له أجر أيام الإجازة.
تقول زريان خالد، خريج كلية التمريض بجامعة صلاح الدين- أربيل منذ عام 2016 و تعمل في قطاع الصحة، "مسؤولو الصحة في أربيل أخبرونا أنهم لن يجددوا عقودنا بحجة تراجع حالات الاصابة بكورونا".
لكن مدير ديوان وزارة الصحة يقول، "في 13 أيلول 2022 وجهنا كتاباً ال مجلس وزراء اقليم كوردستان لتجديد عقود 502 من المتطوعين لمجابهة كورونا".
ونفى زريان خالد أن يكون كورونا قد انتهى لكي يغيروا عنوان عقودهم من عقود كورونا الى عقود سنوية وقال، "الوزارة تسجل حالات الإصابة الجديدة بكورونا، ورغم ذلك فإن مجلس الوزراء مسؤول عن القرار الذي سيتم اتخاذه".
ويأت ذلك في حين أن المتطوعين تم إخبارهم من قبل إدارة مستشفيات كورونا أثناء توقيع العقود أن "هذه العقود بمثابة تعيينات دائميةن لكنهم لا يستطيعون الإعلان عنها خوفاً من نشوء احتجاجات، ويقول زريان "اتضح أن ذلك لم يكن صحيحاً، هناك احتمال أن يتم تجديد العقود مرة أخرى فقط".
في المقابل طالب ممثلو المتطوعين من لجنة الصحة في برلمان كوردستان لممارسة الضغوط من أجل تغيير نوع العقود من "عقود كورونا" الى عقود سنوية وإخراجها من إطار الميزانية المخصصة لمجابهة كورونا.
حسب كتاب صادر من وزارة المالية حصلنا على نسخة منه، عدد الأشخاص الذين لديهم عقود (ممرض ومساعد تخدير) يبلغ 502 شخص.
* محافظة أربيل: 155 شخص
* محافظة السليمانية: 125 شخص
* محافظة دهوك: 115 شخص
* محافظة حلبجة: 30 شخص
إدارة رابرين: 32 شخص
إدارة كرميان: 30 شخص
* قضاء كويه: 15 شخص
استمارة العقد تتضمن 11 نقطة، تنص النقطة الثامنة فيها على أن "الطرف الأول (وزارة الصحة) يحق له إلغاء العقد متى ما شاء"، وفي النقطة التاسعة من العقد تم تحميل الطرف الثاني مسؤولية أي تقصير في العمل.
لقمان وردي، عضو لجنة الصحة في برلمان كوردستان يصف العقد بـ"اللامعقول" ويقول، "العقد الذي تعمل به وزارة الصحة مع هؤلاء المتطوعين غير متوازن، حتى أنه لا يشمل الطعام، لا اعرف ماذا أسمي هذا العقد".
كان هناك أناس قدموا تضحيات، وما نفعله الآن بإرسالهم الى منازلهم يعني عدم الوفاء لما قدموه
يحال سنوياً عدد من منتسبي الصحة والأطباء الى التقاعد في قطاع الصحة بحكومة اقليم كوردستان، لكن لا توجد أية خطوات لتحويل موظفي العقود الى دائميين أو تعيين خريجي الأقسام الطبية، وبات هذا هماً مشتركاً للمتطوعين وموظفي العقود.
جيمن آكريي، منسقة شؤون منظمة الصحة العالمية (WHO) في اقليم كوردستان تقول حول عمل المتطوعين في اقليم كوردستان، "هذا العمل هو تنظيم داخلي تستفيد منه وزارة صحة اقليم كوردستان سنوياً، منظمة الصحة العالمية ليست جزءاً من هذه العملية".
"في الوقت الذي كنا نفتقر لكوادر طبية، كان هناك أناس قدموا تضحيات، وما نفعله الآن بإرسالهم الى منازلهم يعني عدم الوفاء لما قدموه. يجب أن تنقل وزارة الصحة معاناتهم الى اجتماعات مجلس وزراء اقليم كوردستان"، على حد قول رئيس فرع السليمانية لنقابة منتسبي الصحة.
حتى اليوم لا يوجد في اقليم كوردستان قانون ينظم حقوق وواجبات المتطوعين، كما أن حكومة الاقليم لم تصدر أي تعليمات تخص هذه الفئة. شايان عسكري، نائبة رئيس لجنة الصحة والبيئة وحقوق المستهلكين في برلمان كوردستان، تقول، "حركة التغيير اقترحت إصدار قانون لتنظيم شؤون المتطوعين وتم توجيهه الى رئاسة برلمان كوردستان، لكنها لم تدرج المقترح ضمن جدول أعمال البرلمان وحكومة الاقليم لم تقم بأي تنسيق".
ويت يهذا في وقت ينفي فيه رئيس لجنة الصحة والبيئة في برلمان كوردستان، د. صباح زيباري تقديم أي مشروع لهم بصورة رسمية، لكنه قال بأن اللجنة طلبت من الحكومة شفهياً أن تراعي "التضحيات التي قدمها الجنود المجهولون (يقصد به المتطوعين)".
وأشار الى أن "أعوام 2016 و2017 شهدت تعيين أقل عدد من الأشخاص في قطاع الصحة، بدأنا بالتنسيق مع وزارة الصحة لتعيين خريجي أقسام الكيمياء، البايولوجي، التمريض والتخدير الذين عملوا كمتطوعين ضمن جهود مواجهة كورونا، بموجب عقود".
ويعتقد لقمان وردي أن "إيقاف التعيينات في قطاع الصحة خطأ، حتى وإن لم تفتح الحكومة باب التعيينات في القطاعات الأخرى يجب أن لا توقف التعيينات في القطاع الصحي".
التقاعد، الوفاة، ترك العمل وأخذ الإجازات بدون رواتب، أدت الى خلق حوالي سبعة آلاف شاغر في ملاكات الصحة، ولمعالجة ذلك، طلبت لجنة الصحة والبيئة تحويل موظفي العقود الى دائميين والمتطوعين الى عقود.
ويقول وردي، "المتطوعون لعبوا دوراً مهماً جداً في مواجهة كورونا، لولا الدور الذي لعبوه كان القطاع الصحي إبان تفشي وباء كورونا سيصاب بالشلل، وذلك بسبب عدم وجود التزام كامل من بعض الأطبائ والمنتسبين بالدوام، حيث أن معظم المستشفيات كانت تدار من قبل المتطوعين".
جيوش المتخرجين يوسع العمل التطوعي
في محافظة السليمانية التي عملت فيها شانو وزملاؤها كمتطوعين، توجد تسعة آلاف مؤسسة في القطاع الصحي، الى جانب 12 ألف خريج غير متعين، وبحسب بيانات نقابة منتسبي الصحة- فرع السليمانية، "حتى الآن عمل خمسة آلاف شخص في المجال التطوعي بنسب مختلفة".
هاوزين عثمان، رئيس فرع السليمانية للنقابة يرى بأن وزارة التعليم العالي ووزارة الصحة ليس بينها أي تنسيق، نتيجة لذلك خلقت خطة زيادة مقاعد القبول في الأقسام العلمية المتعلقة بالصحة حالة من التضخم.
حاولنا تثبيت متطوعين في المراكز والمستشفيات التي تمتلك موارد للدخل وطلبنا من المستشفيات الأهلية أ تكون نسبة 80 بالمائة من كوادرهم من المتطوعين
وفقاً لبيانات النقابة، "عدد خريجي هذا العام والعام المقبل سيصل الى ضعف المتعينين في قطاع الصة بمحافظة السليمانية، وسيبلغ عدد الخريجين غير المتعينين في السليمانية 18 ألف شخص، بالأخص خريجي أقسام التمريض، الصيدلة، التخدير وطب الأسنان.
فئة كبيرة من متطوعي القطاع الصحي يلجؤون للعمل التطوعي بغية اكتساب الخبرة وزيادة فرص التعيين، نظراً لأن الأولوية ستكون لهم. ويعتقد لقمان وردي أن حجج وزارة الصحة لعدم تعيين المتطوعين واهية.
ويضيف "الأوضاع المالية لحكومة اقليم كوردستان في الوقت الحاضر جيدة، وهؤلاء المتطوعين لعبوا دوراً كبيراً في مجابهة كورونا ويجب مكافأتهم عن طريق تعيينهم".
ويقول هاوزين عثمان أن "حاولنا تثبيت متطوعين في المراكز والمستشفيات التي تمتلك موارد للدخل وطلبنا من المستشفيات الأهلية أ تكون نسبة 80 بالمائة من كوادرهم من المتطوعين وغير المتعينين".
شانو فعلت ما بوسعها، ساندت الحكومة ومجتمعها وقت الضيق وبسبب ذلك فقدت أعز شخص في حياتها، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف ستتعامل الحكومة بسكل منصف مع الآلاف من أمثال شانو.
ملاحظة: هذه المتابعة أعدت من قبل الصحفي أحمد مصطفى في إطار مشروع متجذرة في الثقة "Rooted in Trust" الذي تنفذه منظمة إنتر نيوز بالتعاون مع (كركوك ناو).