يحول البعض من سواق كركوك مركباتهم للعمل بنظام الغاز بدل البنزين لقلة كلفة الغاز مقابل البنزين، بالرغم من المخاوف المحيطة بهذه الخطوة، لكن دائرة المرور تطمئن السواق وتزودهم بالتعليمات.
سعر اللتر الواحد من البنزين التجاري العادي (نورمال) في كركوك يصل حالياً الى 950 دينار، اما محطات تعبئة الوقود الحكومية تزود السواق بالبنزين بسعر 450 دينار للتر الواحد بنظام الكوبون، أما سعر اللتر الواحد من الغاز 200 دينار لكل لتر.
هذا الفرق بين سعر البنزين والغاز دفع سواق المركبات، بالأخص مربكات الأجرة، لتحويل سياراتهم للعمل بنظام الغاز، بالرغم من حداثة التجربة.
رغم الخوف من انفجار خزان الغاز، لكننا اضطررنا لتحويل مركباتنا للعمل بالغاز
هيوا محمد، سائق سيارة أجرة، يسكن في مدينة كركوك، كان من بين الآلاف ممن حولوا الى نظام الغاز، يقول هيوا "اتخذت مع عدد من زملائي هذا القرار... حولت سيارتي للعمل بالغاز منذ ستة اشهر، لأنه ارتفاع سعر البنزين زاد من معاناة سواق الأجرة، كان علينا أن نفرض أجور أعلى للنقل، وهذا الأمر صعب".
وأشار هيوا الى أنهم لم يكونوا يعانون من اية مشكلة قبل ارتفاع سعر البنزين وأن المواطنين لم يكونوا يشكون من أجور النقل.
أزمة البنزين تفاقمت في كركوك وعموم العراق منذ أكثر من عام، ما دفع عدة محافظات، بينها كركوك، لتطبيق نظام الكوبون لتوزيع الوقود، واشترطوا أن يكون السائق من سكنة نفس المحافظة.
وقال هيوا، "رغم الخوف من انفجار خزان الغاز، لكننا اضطررنا لتحويل مركباتنا للعمل بالغاز بسبب ارتفاع سعر البنزين".
في عام 2019، اشترطت وزارة الداخلية العراقية على سواق مركبات الأجرة تحويلها للعمل بنظام الغاز من أجل تجديد سنوية السيارة.
"القرار كان الزامياً، لكن ارتفاع سعر البنزين كان السبب الرئيسي"، بحسب هيوا.
رغم ذلك يقول هيوا "لا أثق باستخدام الغاز للسيارات، متى ما انخفض سعر البنزين سأعيد سيارتي الى النظام السابق"، وحول سبب عدم ثقته بالغاز قال، "نخشى أن ينفجر الخزان، اعتدنا على استخدام البنزين ونفضله على غيره".
هذه قصة الآلاف من سواق مركبات الأجرة والمركبات الخصوصية في كركوك.
التحويل من نظام البنزين الى الغاز يكون عن طريق نصب خزان للغاز وبعض التحويرات الميكانيكية التي يجريها شخص مختص.
محمد أكرم، ميكانيكي يعمل في تحويل المركبات من نظام البنزين الى الغاز، يقول محمد أن زبائنه في العامين الماضيين كانوا سواق مركبات الأجرة فقط، لكن الآن يزوره سواق المركبات الخصوصية ايضاً، "ازداد عدد زبائني".
حول مخاطر استخدام الغاز، قال محمد "يعتمد ذلك على نوعية وجودة الخزان، الخزانات الايطالية والتركية جيدة جداً ولا خوف من استخدامها، لكن نوعية الخزانات الايرانية رديئة، هذا مرهون برغبة السائق".
وبين محمد بأنهم لا يعطون ضمانات لأي سائق بعدم تعرضهم لحوادث، "بصورة عامة، يجب فحص النظام سنوياً للتأكد من عدم وجود خلل فيه، لأن متانة الخزانات تقل عاماً بعد آخر"، ولفت الى أنه لم يسمع خلال الأعوام الماضية بانفجار أي خزان غاز للمركبات التي تعمل بهذا النظام في كركوك.
وتابع محمد، "معظم زبائني يقولون أن الغاز لا يكلفهم الكثير اقتصادياً، لا يلجؤون لتحويل مركباتهم الى هذا النظام".
حولت سيارتي للعمل بالغاز قبل ثلاث سنوات، لأن مديرية المرور رفضت تسجيل المركبة باسمي
تزود إدارة كركوك لكل مركبة خصوصية بـ50 لتر من البنزين كل خمسة أيام، لكن الكمية المخصصة لمركبات الأجرة والحمل أكبر.
إجمالاً، يقول السواق أن كلفة الغاز تصل لنصف كلفة البنزين.
لا تتوفر إحصائيات رسمية بعدد المركبات التي تعمل بالغاز في محافظة كركوك، لكن الأشهر الستة الماضية شهدت إقبالاً متزايداً على استخدام الغاز.
يقول حسين علي، وهو سائق أجرة في كركوك، "حولت سيارتي للعمل بالغاز قبل ثلاث سنوات، لأن مديرية المرور رفضت تسجيل المركبة باسمي، حتى الآن لم أتعرض لمشاكل".
مطلع هذا العام غيرت وزارة الداخلية العراقية قرارها وخيّرت السواق بين تحويل مركباتهم للعمل بالغاز أو البنزين، بحسب المتحدث باسم مرور كركوك، عامر نريمان، لكن حسين علي يقول، "سعر البنزين مرتفع لذا لا زلت أستخدم الغاز".
وقال عامر نريمان لـ(كركوك ناو)، "غيرنا الفقرة الخاصة بإلزام السواق بتحويل خزانات مركباتهم من البنزين الى الغاز وهم الآن أحرار ويستطيعون تجديد سنوياتهم".
أحسسنا بالخوف حين سمعنا ذلك، كنت اشعر بأنني جالس على متفجرات الى أن وصلنا بغداد
مع ذلك أصدرت المديرية العامة لمرور كركوك تعليمات لسواق المركبات التي تعمل بالغاز تلزمهم بضرورة أن تكون مركباتهم حديثة لكي لا يتعرضوا لمشاكل.
حسب متابعات (كركوك ناو)، الغاز الذي يستخدم للمركبات يُنتج محلياً ومتوفر.
حسين علي، الذي حول مركبته للعمل بالغاز يقول أن عملية التحويل في السابق لم تكن تستغرق وقتاً لكنها تتطلب الآن الانتظار لأشهر لكي يأتي دورك.
يلجأ معظم السواق الآن لشركة غاز كركوك التي أنشأت قسماً خاصاً لتحويل المركبات للعمل بنظام الغاز.
من مزايا اللجوء لشركة الغاز توفر خدمات الصيانة في حال تعرض المركبة لأعطال أو مشاكل.
وقال حسين علي، "في حال لم تكن قد غيرت الخزان عند الشركة ستحرم من الخدمات اتي توفرها".
ياسين عبدالله (48 سنة)، من سكنة كركوك، تحدث عن أول رحلة له من كركوك الى بغداد بمركبة تعمل بالغاز وقال، "نهاية الشهر الماضي (تشرين الأول 2022) صعدنا على متن ميني باص من الكراج الى بغداد وبينما كنا لا زلنا في مدينة كركوك قال السائق أن الغاز نفٍذ ويجب أن يعبئ الخزان، أحسسنا بالخوف حين سمعنا ذلك، كنت اشعر بأنني جالس على متفجرات الى أن وصلنا بغداد".
"المسألة تتعلق بالثقة، لا اثق بالحكومة التي تنتج هذا الغاز، الجو هنا حار عموماً وأنا في الحقيقة أخشى كثيراً".